زيارة الرئيس المكلّف للقصر تحدّد المسار: اعتذار ام اعتكاف ام قذفُ كرة النار الى البرلمان؟ تظاهرة امام القصر في 40 تفجير المرفأ…عون لم يرفض توقيع مرسوم إعفاء ضاهر و”لكن”.
فيما كل شيء في البلاد ينهار، من القطاعات الاقتصادية الى الاوضاع المعيشية والمالية والنقدية، مرورا بالصحية.. ثمة فرصة اخيرة يتيمة للانقاذ، يأمل اللبنانيون الا يتم تفويتها عليهم، والتضحيةُ بها على مذبح الانانيات والمصالح الشخصية والحسابات السياسية الطائفية “الميثاقية” الضيقة.
هذه الفرصة تتمثل في إبصار حكومة مصطفى أديب النور في المهلة التي حددها لتشكيلها الاتفاقُ الفرنسي – اللبناني، وتنتهي الاثنين المقبل او منتصف الاسبوع الطالع على أبعد تقدير… وأن تكون حكومة مختلفة تماما، قلبا وقالبا، عن تلك التي عرفها اللبنانيون في العقود الماضية، وأوصلت لبنان الى الهلاك.
فمن الضروري ان تكون رشيقة تضم اصحاب اختصاص، أحرارا في قراراتهم، لا يديرهم أحد سوى “الصواب”، يطلقون ورشة الاصلاح والنهوض بلبنان وبيروت المنكوبة، ويستحقون ثقة اللبنانيين والعالم…
المعجزة مستبعدة: لكن هل سنشهد هذا السيناريو الأبيض الوردي ام لا؟ حتى اللحظة، “المعجزة” مستبعدة. وتبدو الاجواء، مع الاسف، ملبّدة سوداوية وغير مطمئنة، على هذه الضفة. وما يقلّص احتمالَ الخرق الايجابي، المعلوماتُ التي اشارت الى ان لا موعد للرئيس المكلف في بعبدا اليوم، ولا زيارة للقصر، كما كان مقررا.
وقد تقاطع اكثر من مصدر عند القول ان “عملية التأليف امام جمود ومأزق قد يؤدي الى انتهاء مهلة الـ15 يوما من دون تقديم تشكيلة حكومية”.
واذ افيد ان هذا التعثر قد يستدعي تدخلا فرنسيا مباشرا ربما عبر ايفاد مبعوث رئاسي من الاليزيه الى بيروت على عجل، تبيّن ان العقدة الاساس، تكمن في تمسّك الثنائي الشيعي بالمالية وبتسمية وزيرها.
وفي حال، “رضخ” أديب للشرط هذا، فإن قوى سياسية أخرى ستتمسّك ايضا بحقائب لطالما اعتبرتها من حصّتها، وسترفض ان تشملها المداورة، تحت طائلة عدم منح الحكومة الثقة.
بعبدا ترميها الى البرلمان؟:على اي حال، ووفق معلومات “المركزية”، الصورة ستتبلور اكثر في الساعات المقبلة. فزيارة الرئيس المكلف مصطفى أديب المرتقبة الى قصر بعبدا، ستحصل حتما قبل مطلع الاسبوع، وستساعد في تظهير الاتجاه الذي ستسلكه عربة التأليف وتبيان الخيط الابيض من الاسود.
وبحسب المصادر، الرجل بات في مرحلة وضع اللمسات الاخيرة على التشكيلة الحكومية التي رسمها بنفسه – من دون استشارة اي من القوى السياسية، وهو ماض في طريقه هذا، بعزم، متسلّحا بصلاحياته وبدعم قوي من الاليزيه- وهو سيناقشها مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
ومع ان هذا الاحتمال وارد، الا ان المصادر تستبعد اعتراض بعبدا على التشكيلة او ردَّها، وذلك لتفادي “إجهاض” المبادرة الفرنسية وفتح ابواب الغضب الدولي و الاميركي على السلطة ورموزها.
وسيّدُها قد يوافق عليها (إن لم يفعل فإن أديب سيعتكف او يعتذر)، ويرميها في حضن مجلس النواب لمنحها الثقة او لا.. وهنا، التحدي الكبير.
فاذا كان الثنائي الشيعي تمكّن من التوصل الى اتفاق مع أديب في شأن وزارة المال التي يصرّ على ابقائها من حصّته مع اختيار وزيرها من قِبل رئيس مجلس النواب نبيه بري، واذا كان أديب نجح ايضا في ابرام تفاهم مع حزب الله الرافض حكومة “مستقلّين” حيث يريد حكومة “مسيّسة”… فإن نيل الحكومة الثقة سيكون امرا حتميا وقد يحصل ذلك سريعا الاسبوع المقبل، خاصة ان التيار الوطني الحر- الذي يتحدث رئيسه النائب جبران باسيل عن الملف الحكومي غدا- يبدو متجها نحو منحها الثقة (وإن هو لن يشارك في الحكومة اعتراضا على سلوك أديب الذي لم يلتق باسيل يوما للتشاور)..
كباش بين الثانية والثالثة؟! أما اذا كان الثنائي الشيعي لن يرضى عن التشكيلة التي وضعها أديب، خاصة لناحية “المالية” وتفرّد الرئيس المكلّف في اختيار وزراء “مستقلّين”، فإن سقوط التشكيلة في البرلمان، بفعل هذا الكباش غير المباشر بين الرئاستين الثانية والثالثة، قد يصبح احتمالا واردا وبقوة، وعندها يكون لبنان دخل في المجهول الأسود، حيث سيترك وحيدا لمواجهة أزماته القاتلة.
40 يوما: ووسط شح قوي في المعلومات والمعطيات حول عملية التشكيل ومآلها، حلّت ذكرى مرور 40 يوما على مأساة تفجير المرفأ.
وفيما التحقيقات كان يُفترض ان تكشف حقيقة ما جرى بعد 5 ايام من الكارثة فقط، حسب السلطة السياسية، لا يزال غموض سميك يلفّ الحادثة.
وقد غرّد المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش عبر حسابه على “تويتر” كاتبا: بقلوب مليئة بالألم، نتذكر ضحايا الانفجار المدمر في بيروت بعد أربعين يومًا على وقوعه.
وحدها التحقيقات الشفافة وذات المصداقية والمساءلة الشاملة والعدالة الكاملة يمكن أن تمنع تكرار مثل هذه المأساة، مثل هذه الجريمة.
تظاهرة في القصر: وللمناسبة، تنفَّذ عصرا تظاهرة نحو بعبدا، دعت إليها مجموعات شعبية من الحراك المدني للمشاركة في مسيرة “باللباس الأسود” إلى القصر الجمهوري، تأكيداً على وجوب محاسبة كل المسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت، خاصة وان رئيس الجمهورية كان يعلم بوجود نيترات الامونيوم في العنبر 12، وعن التقصير المتمادي للسلطة واجهزتها والذي ادى الى اشتعال المنطقة الحرة في المرفأ منذ يومين ما اسفر عن خسائر فادحة تناهز قيمتها نحو 15 مليون دولار.. في المقابل، تداعى انصار التيار الوطني الحر الى تظاهرة مضادة تأييدا للرئيس عون.
اعفاء ضاهر..تابع: في الاثناء، الاخذُ والرد حول وضع المدير العام للجمارك الموقوف بدري ضاهر، القانوني، مستمر.
واليوم، أصدر مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية بيانا قال فيه “توضيحا لموقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من مسألة اعفاء المدير العام للجمارك السيد بدري ضاهر من مهام وظيفته ووضعه تحت تصرف رئيس مجلس الوزراء، ومنعا لأي تفسيرات لا تنطبق مع الواقع، يؤكد المكتب ان “اولا، لم يرفض رئيس الجمهورية توقيع مرسوم اعفاء السيد ضاهر، لكنه طلب، عملا بمبدأ المساواة، اصدار جميع المراسيم المتعلقة بالموظفين المعنيين بقرار مجلس الوزراء تاريخ 10/8/2020 المتضمن “الموافقة على وضع جميع الموظفين من الفئة الأولى والذين تقرر او سيتقرر توقيفهم، بتصرف رئيس مجلس الوزراء، مع اعفائهم من مهام وظائفهم الخ…”
ثانيا: ان الموظفين الموقوفين عدليا، منقطعون حكما عن القيام بوظائفهم بموجب القوانين والأنظمة المرعية الاجراء ولا يمكن بالتالي تكليفهم بمهام جديدة.
ثالثا: ثمة موظفين، غير السيد ضاهر، ينتمون الى الفئتين الأولى والثانية موقوفين عدليا لم يتخذ في شأنهم أي تدبير اداري بعد، الامر الذي يفرض ان يُطبّق الأجراء المطلوب تطبيقه على السيد ضاهر، على الجميع من دون استثناء عملا بمبدأ المساواة”.
ضيق تنفّس: وكان النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات أعطى مساء أمس إشارة الى الجهات المعنية بنقل ضاهر من مكان توقيفه في سجن الريحانية الى أحد مستشفيات جبل لبنان، بعد تعرضه لضيق في التنفس بسبب التهابات في الجيوب الأنفية كان يعاني منها في السابق.
الوضع الحدودي: من جهة ثانية، وغداة التجديد لليونيفيل، وعشية عودة مفترضة لمساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر الى لبنان لمواصلة محادثاته في شأن ترسيم الحدود بين بيروت وتل ابيب، برا وبحرا، زارت وزيرة الدفاع في حكومة تصريف الاعمال زينة عكر ثكنة الشهيد فرنسوا الحاج في مرجعيون. وجالت عكر، على الحدود اللبنانية الفلسطينية عبر مرتفعات كفرشوبا وشبعا في قضاء حاصبيا، وتفقدت مركزا للجيش في راشيا الفخار، ورافقها عدد من كبار ضباط الجيش.