توزّع بشكل ضبابي واستنسابي.. المساعدات والدعم: وجهان للفساد والزبائنيّة

17 سبتمبر 2020
توزّع بشكل ضبابي واستنسابي.. المساعدات والدعم: وجهان للفساد والزبائنيّة

كتب محمد وهبة في “الأخبار”: في لبنان توزّع المساعدات بطرق غير شفافة. لا أحد يعلم شيئاً عن المساعدات وعن آليات توزيعها. وفي لبنان أيضاً تدعم أسعار السلع الأساسية بطرق مماثلة لا يستفيد منها المستهلك سوى بمقدار استهلاكه. كلما كان الاستهلاك أعلى كانت الاستفادة أكبر. وبهذا المعنى تصبح قنوات المساعدة والدعم واحدة من أدوات تمويل الزبائنية والرساميل الاحتكارية

 

ثمة رواية منقولة عن وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة تشير إلى أن ضابطاً وعناصر من الجيش طرقوا باب الوزير في برج رزق في الأشرفية أثناء جولتهم لتوزيع المساعدات وعرضوا صندوقة مساعدات وثلاث ربطات خبز. باقي الرواية ليس مهماً لأن جوهرها يتعلق بسلوك الدولة بكل ما يُسمّى مؤسساتها، في التعامل مع مسألة المساعدات، ومثلها التعامل مع مسألة السلع المدعومة. ببساطة، هي فوضى زبائنية يمارسها كل من استطاع إليها سبيلاً. إنها فوضى ممأسسة على يد نظام عمره من عمر الحرب الأهلية وربما قبل ذلك. نظام لا يمارس الحدّ الأدنى من الشفافية ويأكل أبناءه خدمة للشريحة المستفيدة.

 

لا تختلف مسألة المساعدات عن السلع المدعومة. سواء في توزيع الشاي السيريلنكي والسمك الموريتاني، وفي الأدوات الطبية ومستلزماتها، وفي دعم البنزين والمازوت والطحين… المشترك الأساسي في قنوات التوزيع هذه هو فسادها. في هذه المسائل، قد لا يصحّ التمييز بين القطاعين العام والخاص. فالعائد من قنوات التوزيع يذهب إلى الجهات نفسها. طبعاً تختلف طرق الاستفادة وكيفية الحصول عليها، وآليات التدخل تبعاً لرؤية كل فريق و”ثقافته“.

 

على جبهة المساعدات، قرّر وزير الاقتصاد أن يستعمل 12500 طن من الطحين المقدم من المنظمة العالمية للأغذية في زيادة وزن ربطة الخبز 100 غرام وإبقاء سعرها بقيمة 2000 ليرة لمدّة 62 يوماً. استفادة المستهلك هنا لا تقارن باستفادة المنتج الذي سيبيع طحيناً مدعوماً بالسعر نفسه وبالأرباح نفسها. وفي الطحين أيضاً، تبيّن أن تركيا قدّمت نحو 300 طن وزّعها الجيش على أفران معينة من أجل إنتاج الخبز وتوزيعه على الفقراء. لم توزّع ربطات الخبز لا في طرابلس أو عكار ولا في البقاع أو في ضواحي بيروت الجنوبية والشمالية. لم يحصل فقراء هذه المناطق على الخبز المجاني، بينما لم تكشف أي إدارة في الدولة عن بيان بكمية المساعدات وبآلية توزيعها. إنها مسألة مرتبطة بشفافية التوزيع وآليات مراقبته. يكاد يكون الأمر معدوماً.

 

ينطبق الأمر على توزيع الشاي السيريلنكي. انكشف الأمر. لا داعي للتذكير به. في السياق نفسه، لا أحد يعلم لمن يذهب دعم السلع الأساسية. الأكثر استهلاكاً هم الأكثر استفادة من أي سلعة مدعومة. يفترض بمصرف لبنان أن يتكبّد نحو 210 ملايين دولار شهرياً لدعم هذه السلع. ثمة مثال واضح على الفساد والهدر في هذا الدعم: المواد المستعملة للأعلاف. هذه المواد يستوردها تجار إلى لبنان بعد موافقة وزارة الاقتصاد، لكن وزير الزراعة هو من يقرّر من يحصل على أي منها. بحسب مصادر مطّلعة، فإن الوزارة عمّمت على مزارعي الدواجن آليّة تتضمن “بونات” وخصصت لكل منهم “كوتا”، سرعان ما تبيّن أن حصص بعضهم أكبر بكثير من قدرتهم الإنتاجية، ما يثير سؤالاً أساسياً: أين تذهب باقي الكميات التي يحصل عليها هؤلاء بموجب ”البونات»؟ الإجابة بسيطة: ”تباع في السوق السوداء ولا تهرّب إلى سوريا كما يتهم البعض لأن سعر العلف في سوريا مساو لسعره في لبنان حالياً»، يقول أحد المستوردين.

 

إذاً، كيف تبرّر الوزارة استيراد كميات مدعومة أقلّ؟ يقول المستورد إن الكميات المستوردة أقلّ بسبب تراجع الاستهلاك بشكل عام، إنما الكميات التي أتت إلى لبنان وزّعت على المنتجين المحظيين ولم تراقب الأسعار، ما أدّى إلى وجود سلع مدعومة بأسعار غير مدعومة.

 

لقراءة المقال كاملا اضغط هنا