كتبت “الجمهورية”: المشهد الداخلي يتلخص كما يلي:
فريق التأليف الذي يقوده الرئيس سعد الحريري، ووفق المعلومات، ما زال متمترساً عند ما يعتبرها مسلّمة ثابتة غير قابلة للتعديل: تشكيل حكومة اختصاصيّين يسمّي وزراءها، مع إجراء المداورة الشاملة في الوزارات، ورفض اي محاولة لفرض اعراف جديدة، أو إسقاط أيّ هوية طائفية او مذهبية على اي حقيبة وزارية.
ويدعم هذا الفريق تلك المسلّمة الثابتة لديه بمجموعة لاءات:
– لا عودة الى الحكومات السابقة، والنمط الذي كانت تدار فيه، والتدخلات التي كانت تتحكّم بها.
– لا شراكة سياسية على الاطلاق في حكومة الاختصاصيين.
– لا قبول لأيّ مسّ بالدستور أو بالطائف.
– لا قبول بمحاولة فرض أعراف جديدة خارج منطق الدستور والطائف، وذلك عبر محاولة جعل أيّ حقيبة وزارية حقًّا حصريًّا لطائفة بعينها.
– لا تنازل عن الحق بتسمية وزراء هذه الحكومة، طالما انّ الجميع مسلّمون بأنّها حكومة لمهمّة محدّدة، اي انقاذ البلد.
وتقترن هذه اللاءات، باتهام “الثنائي الشيعي” بافتعال العراقيل ومحاولة التحكّم بمسار التأليف، وأخذه في الإتجاه الذي يريده.
الثنائي الشيعي
توازي ذلك مجموعة “لاءات” مقابلة لدى الثنائي الشيعي:
– لا لأي محاولة لتحويل المبادرة الفرنسية جسراً للعبور نحو تصفية الحسابات السياسية وتحقيق المكاسب
– لا قبول على الاطلاق بانتزاع وزارة المالية من الحصّة الشيعيّة. فهي كما سبق ان ابلغنا الفرنسيين وفريق التأليف، بأنّها خط احمر وخارج دائرة النقاش حولها. (اشارة هنا الى انّ طرحاً ورد من قِبل فريق التأليف بأن تُسند المالية الى وزير شيعي، ولكن شرط ان يسمّي الحريري هذا الوزير، وقد رُفض هذا الطرح، كما رُفض طرح آخر بأن يُسمّى هذا الوزير من قِبل رئيس الجمهورية).
– لا قبول على الاطلاق بمصادرة حق المكوّن االشيعي في تسمية وزراء الطائفة الذين سيمثلونه في الحكومة.
– لا قبول على الاطلاق بأي محاولة او اي اجراء او اي فكرة، يشتّم منها رائحة المسّ بالطائفة الشيعية او رغبة بعزلها، كما هو حاصل اليوم.
– لا قبول بتمرير أي محاولة لإحداث انقلاب في الواقع اللبناني، يجعل الحكم في لبنان ملكاً لطرف سياسي بعينه. والمنحى الذي يسلكه فريق التأليف، الذي يحاول من خلاله ان يفرض طرفاً بعينه حاكماً بأمره، متجاوزاً نتائج الانتخابات النيابية والأحجام التمثيلية التي افرزتها، ما هي الاّ محاولة انقلاب موصوفة.
– لا قبول بأي مطلب من شأنه ان يسمح لأحد بالتفرّد بالحكم والقرار، وبالإخلال بالتوازنات الداخلية، وباستغلال فرصة المبادرة الفرنسية ليحصّل من خلالها، ما لم يستطع أن يحصّله في فترات سابقة. فالحريري نفسه عندما استقال في 2019، اشترط لعودته الى الحكومة آنذاك، تشكيل حكومة اختصاصيين يسمّي وزراءها وحده، مع صلاحيات استثنائية، ورُفِض طلبه بشكل قاطع، وها هو اليوم يحاول ان يتسلّل لتحقيق مطلبه هذا عبر المبادرة الفرنسية.
وتقترن لاءات الثنائي، باتهامات مباشرة لفريق التأليف بالانصياع لرغبات خارجية، والسير بالتأليف وفق اجندة مرسومة له. على انّ اللافت للانتباه هو السقف العالي جداً في الاجواء المحيطة بالثنائي الشيعي، التي ذهبت فيها بعض المستويات الشيعية الى القول صراحة: “إن كنتم تلوّحون باعتذار الرئيس المكلّف، وكانّكم بذلك تضغطون علينا، فليعتذر، فالمشكلة ليست عندنا، بل انتم افتعلتموها، وبالتالي هي عندكم”.
لا تنازل
أجواء الطرفين لا توحي بإمكان تنازل ايّ منهما أو حتى تخفيض سقف موقفه، فكلاهما باتا يعتبران المسألة مسألة وجودية، واي تنازل من قبل اي منهما يعدّ انكساراً له، ما يشي في ظلّ هذا الافتراق، بأنّ امكانية تحقيق اختراق شديدة الصعوبة، لا بل تقارب الاستحالة، التي يقترب معها التأليف إن لم يكن اليوم فغداً او بعده، من ان يكون صفحة وقد طويت. ليعود بعدها الدوران في متاحة البحث عن بديل لمصطفى اديب.
.