وبالحديث عن الإصلاحات، ما الذي ينتظر الحكومة العتيدة قبل اجراء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وهل سنكون أمام تعديل لخطة حكومة الرئيس حسان دياب اولًا؟. تُجيب مصادر إقتصادية إلى أن الشق الإصلاحي في خطّة حكومة دياب يمثل النقطة الأضعف مع فقدان الخطة لأي مصداقية خصوصًا أنها تعتمد على وعود شبيهة كالتي قطعتها الحكومات السابقة، وبالتالي هناك إلزامية على حكومة الرئيس أديب أن تأخذ بعين الإعتبار هذه المعطيات وتبدأ عملية الإصلاح بالتوازي مع بدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
وتُضيف المصادر: “الواقع المستجدّ مع تفجير الشريان الحيوي للبنان أي مرفأ بيروت فرض معادلة جديدة وهي الإسراع في العملية الإصلاحية وتقديم خطّة إقتصادية يكون فيها مصرف لبنان والقطاع المصرفي شركاء على أكمل وجه إذ لا يُعقل تقديم خطّة إقتصادية إصلاحية من دون تشريك القطاع المصرفي بشقيه مصرف لبنان والقطاع المصرفي.
وعن الأخذ بعين الإعتبار موقف جمعية المصارف والبنك المركزي، تقول المصادر إن القضية لا تتعلّق بما يريده القطاع المصرفي أو لا، بل بما هو أفضل للإقتصاد وبالتالي مشاركة القوى الإقتصادية كافة من القطاع المصرفي إلى القطاعين الخاص والعام لأن ذلك يشكل شرطاً أساسياً لنجاح أي خطّة إقتصادية تنوي الحكومة العتيدة وضعها.
وعن التعاطي مع مُشكلة الدين العام والمقاربة المفترض على الحكومة المرتقبة أخذها بعين الإعتبار، تقول المصادر إن حكومة دياب اعتمدت مبدأ “مصادرة رأس المال” من مصرف لبنان والقطاع المصرفي والمقرضين لمحو دينها العام في حين أن هذه المقاربة هي الأخطر على مستقبل الإقتصاد نظرًا إلى طبيعة الإقتصاد الحر للبنان والمكرّسة في الدستور اللبناني. من هذا المنطلق على حكومة الرئيس العتيدة أخذ قدسية الملكية الخاصة بعين الإعتبار والإعتماد على تحفيز النمو الإقتصادي الوحيد القادر على سدّ الدين العام.
الجدير ذكره أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كان قد أعلن الأحد الماضي أنه سينحاز إلى الحكومة في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وأنه سيعمل على “مواءمة موقف المركزي مع موقف الحكومة حتى لو كانت هناك خسائر”. هذا التصريح إعتبرته المصادر نفسها أنه نتاج الضغوطات الدولية وتفضيل للمصلحة العامة من قبل المصرف المركزي. وبالتالي هذا يؤكّد ضرورة التعاون مع المصرف المركزي من قبل الحكومة اللبنانية العتيدة.
وعن أجواء اللقاء الذي جمع في باريس جمعية المصارف برئاسة سليم صفير مع عدد من المسؤولين المصرفيين والماليين الفرنسيين، قالت المصادر: دور المصرف المركزي الفرنسي أصبح يمثل بشكل غير رسمي دورا تنسيقيا بين القطاع المصرفي اللبناني وصندوق النقد الدولي الذي أثقل مطالبه القطاع المصرفي خصوصًا نتيجة التداعيات الهائلة التي فرضتها خطة حكومة دياب والتي تبنّاها صندوق النقد الدولي. وبالتالي انقطع التواصل بين النقد الدولي من جهة وبين المصارف والبنك المركزي من جهة أخرى. ومن هنا يأتي المركزي الفرنسي ليلعب هذا الدور التنسيقي ويُقرّب وجهات النظر بين الجانبين. وزيارة وفد جمعية المصارف إلى باريس هدفت إلى توضيح وجهة نظر المصارف اللبنانية من خطة الحكومة وأسباب عدم قبولها الخسائر التي نصّت عليها الخطة فضلا عن أسباب فشل التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
لكن ما أثار رعب اللبنانيين هو تسريب لتصريح للمبعوث الفرنسي بيار دوكان الذي قال في أحد الإجتماعات إنه من الممكن أن لا يستعيد المودع كل أمواله من المصارف اللبنانية. على هذا الصعيد ترى المصادر نفسها أن هناك رغبة دولية بالضغط على لبنان للقيام بإصلاحات وهذه الإصلاحات مُكلفة على الصعيد المالي وقد لا يكون الوضع المالي للدول المانحة مؤاتي لمساعدة لبنان. لذا وبما أن مُعظم الدين العام اللبناني هو داخلي، يتمّ ترديد هذه العبارة. وأضافت هناك إستحالة في ظل الدستور اللبناني الحالي من القيام بأي عملية إقتطاع للودائع وبالتالي هناك إلزامية تعديل الدستور وهو ما قد لا يكون مُمكننًا حاليًا!وأشارت إلى أن هناك حلولا أخرى لإعادة الأموال إلى أصحابها ولا إلزامية باقتطاع الودائع، إلا أن هناك إلزامية إعطاء الوقت للحكومة للقيام بإصلاحات تسمح بإعادة تكوين ماليتها.