في المقابل، كان لرئاسة الجمهورية موقف من عملية التأليف، حيث ذكر مكتب الإعلام في القصر الجمهوري بأن الدستور ينص صراحة في الفقرة الرابعة من المادة 53 والفقرة الثانية من المادة 64 على ان رئيس الجمهورية يصدر بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء، مرسوم تشكيل الحكومة، وان رئيس الحكومة المكلف يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها، ما يعني من دون أي اجتهاد او اختزال او تطاول على صلاحيات دستورية، ان رئيس الجمهورية معني بالمباشر بتشكيل الحكومة وباصدار مرسوم التشكيل بالاتفاق مع رئيس الحكومة المكلف.
وهذا يعني من وجهة نظر بعض المصادر السياسية أن العقدة الشيعية ليست العقدة الوحيدة التي تحول دون أن تبصر الحكومة النور، بل هناك عقد أخرى، ومن بينها أن لرئيس الجمهورية الحق في تسمية الوزراء، على الأقل المسيحيين منهم مما يفرض على الرئيس المكّلف التريث قبل الإقدام على أي خطوة، مع العلم أن النص الدستوري واضح ولا يحتاج إلى الكثير من الشرح والتفسير عندما أناط بالرئيس المكّلف إجراء مشاورات نيابية غير ملزمة كما هي الحال بالنسبة إلى المشاورات التي يجريها رئيس الجمهورية، وهي ملزمة، من أجل تكليف من تسميه الأكثرية النيابية لتشكيل الحكومة.
وفي رأي بعض المصادر أن كلمة غير ملزمة بالنسبة إلى الإستشارات النيابية التي يجريه الرئيس المكلف تعني الكثير دستوريًا، وهذا ما أقدم عليه الرئيس أديب، الذي يحرص على أن تكون الحكومة التي سيترأسها مختلفة عن سابقاتها، من حيث الشكل والمضمون، وهو أعلن بالأمس، في أول بيان رسمي يصدر عنه، حرصه على تشكيل حكومة مهمة ترضي جميع اللبنانيين وتعمل على تنفيذ ما جاء في المبادرة الفرنسية، لافتا الى انه آل على نفسه التزام الصمت طيلة هذه الفترة تحسسا منه بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه، ومن أجل الوصول الى تقديم تشكيلة بالتشاور مع رئيس الجمهورية ضمن الأطر الدستورية، وهو كان يعرف منذ منذ اليوم الأول لتكليفه أن تأليف الحكومة يتطلب داخليا تجاوز ثلاثة مطبات:
المطب الأول، تمسك ثنائي “حزب الله” – حركة “أمل”، الذي ينتمي إليه جميع نواب الطائفة الشيعية، بوزارة المال، وصولا إلى اعتبارها حقا ميثاقيا أقر في الطائف، حتى ولو كان عدد كبير جدا ممن تبوأوا الوزارة مذذاك من طوائف ومذاهب أخرى، في مقابل رفض جميع اللبنانيين الآخرين تكريس عرف دستوري جديد، حتى ولو وافقوا مرحليا على أن تنال الطائفة الشيعية الوزارة المذكورة، على سبيل التوزيع السياسي والتسوية الضرورية، لا الثابتة الميثاقية.
المطب الثاني، تأكيد غالبية الكتل حقّها في تسمية الوزراء في الحد الأقصى، ولواجب التشاور معها بالأسماء في الحد الأدنى، على اعتبار أن نيل الحكومة الجديدة الثقة مرتبط بمواقف الكتل أولا.
أما المطب الثالث، فهو في ما يُعتبربالصلاحية الدستورية لرئيس الجمهورية في عملية تشكيل الحكومة، وهذا ما عبّر عنه البيان الرئاسي.