لكن ماذا عن الدستور؟
يوضح الخبير الدستوري والأستاذ الجامعي الدكتور عادل يمين لـ”لبنان24″ أن الدستور لم يخصص أي حقيبة، بما فيها المال، لأي طائفة، ولم يتضمن ميثاق العام 1943 أي تخصيص من هذا القبيل، كما أن وثيقة الوفاق الوطني أي اتفاق الطائف لم تلحظ ذلك، في حين أن أي نقاش قد يكون حصل خلال لقاءات الطائف حول الموضوع لم يبلغ مرحلة التفاهم والتوثيق ضمن مندرجات الوثيقة، ولذلك لا يمكن أن يتمتع بأي قيمة ميثاقية، هذا فضلاً عن أنه لا يمكن الحديث عن عرف في هذا المجال، لا قبل الطائف طبعا، ولا بعده، ما دام الوزراء من المذاهب الشيعية والسنية والمارونية والأرثوذكسية تناوبوا على حقيبة المال بعد الطائف.
لا شك أن المشاركة في السلطة التنفيذية وفرها اتفاق الطائف من خلال إناطتها بمجلس الوزراء المتشكل بحسب المادة 95 من الدستور بصورة عادلة بين الطوائف، اي بالممارسة من مناصفة بين المسيحيين والمسلمين وغالبية المذاهب ، ونزعها من يد رئيس الجمهورية، في حين أن المطالبة بالمشاركة بالتوقبع على المراسيم، فتصطدم بجملة من الحقائق وهي:
القرارات التي تتخذ في مجلس الوزراء تكون نافذة من دون توقيع رئيس الجمهورية في حال مرور خمسة عشر يوما من دون مبادرته إلى إعادتها إليه، أو إذا أصرّ عليها مجلس الوزراء بعد إعادتها إليه، في حين أن رئيس الحكومة والوزير غير مقيدين بمهلة للتوقيع، وبالتالي فإن السؤال المشروع هنا أين المشاركة المسيحية الثابتة؟ واين الميثاقية في ذلك؟.
إنّ جعل المشاركة واجبة في التوقيع على المراسيم، وعدم الاكتفاء بجعل المشاركة في السلطة التنفيذية في مجلس الوزراء، يعني جعل سائر الطوائف، وعلى الأقل الطوائف الست الكبرى، تطالب بالمشاركة بالتوقيع على المراسيم.
أين المناصفة المسيحية الاسلامية في التوقيع على المراسيم، في حين كان توقيع رئيس الحكومة المسلم ملزماً على أغلب المراسيم وتوقيع وزير المال، مع الافتراض جدلاً أنه أيضاً مسلم، فهو ملزم بالتوقيع على المراسيم المتضمنة أعباء مالية، في مقابل توقيع مسيحي واحد، لرئيس الجمهورية، من غير أن يكون ملزماً في جميع الحالات، إلا في المراسيم الرئاسية العادية حيث لا يمكن تجاوز توقيع رئيس الجمهورية، اما اذا كان المرسوم على صلة بوزراء مختصين آخرين، فيكونون معنيين بالتوقيع.
وعليه، فإن الفقرة “أ” من المادة 95 من الدستور تتعلق بتأليف الحكومة وتوجب أن تشكل بصورة عادلة. أما الفقرة “ب” منها فتتعلق بالوظائف، لكن يمين يوضح في المقابل، أن ليس ما يمنع أن يتولى شيعي حقيبة المال هذه المرة ومرات أخرى لكن ليس دائما، من دون أن يكون ذلك على أساس أنه نص ملزم، بل وفق مقاربة تعتبر أن الوزارات مباحة لجميع الطوائف. ومن هنا يظن يمين أن ثنائي “حزب الله” و”حركة أمل” كانا يميلان إلى المرونة في التعاطي مع حقيبة المال، لكن العقوبات الأميركية لعبت دورا سلبيا في هذا المجال ودفعتهما إلى التشدد في موقفهما كما أن محاولات البعض الاستفراد بتشكيل الحكومة وتصفية الحسابات السياسية مع الثنائي الشيعي ومع رئيس الجمهورية دفعت الحركة والحزب إلى التمسك بمواقفهما.