أديب يعتذر: سقوط مبادرة ماكرون يفتح أبواب “جهنّم”

وبعد خروج أديب سيعود حسان دياب إلى الواجهة

26 سبتمبر 2020
أديب يعتذر: سقوط مبادرة ماكرون يفتح أبواب “جهنّم”

هي سكرات موت المبادرة الفرنسية، التي حاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جاهداً وصادقاً، أن ينقذ حياتها القصيرة. لكنّ رياح إيران كانت أقوى، على شاطىء البحر الأبيض المتوسط، ولم تكفِ البوارج الفرنسية في مرفأ بيروت الغابر، لتقيم بعضاً من التوازن السياسي مع الاحتلال الإيراني المطلق للأراضي اللبنانية.

وها هو الرئيس المكلّف مصطفى أديب يحضّر حقيبته ليعود إلى ألمانيا، سفيراً للبنان، فوق العادة هذه المرّة، كرئيس مكلّف سابق، بعدما فشلت مفاوضات اللحظة الأخيرة أمس، من جهة بينه وبين الخليلين (الحاج حسين الخليل والنائب علي حسن خليل)، ومن جهة أخرى بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون.

أدرك الرئيس أديب أنّ مغامرته الوزارية اقتربت من نهايتها ولن ينتقل من الفندق حيث يقيم، إلى المنزل في كليمنصو. وهناك أخبار أنّ ورشة تأهيل الشقة المنزلية ستتوقف، ولن تكون شقّة الرئيس.


اقتراح الحريري إعطاء وزارة المال لحزب الله وحركة أمل بدا كأنّه خروج نهائي من التزاماته العربية، وتحديداً تجاه السعودية، وإعلان إنتساب صريح وتام للمسار الفرنسي تحديدا دون تردّد


في هذه الأثناء، هناك من أراد التسويق لـ”عودة سعد الحريري” على حصان فشل أديب واستعصاء الحلول دون العودة إلى بيت الوسط. لكنّ أجواء الثنائي الشيعي يسودها رفض جدّي، وجديد هذه المرّة، لعودة الحريري إلى رئاسة الحكومة.

مصادر خاصة بـ”أساس” اعتبرت أنّ اقتراح الحريري إعطاء وزارة المال لحزب الله وحركة أمل بدا كأنّه خروج نهائي من التزاماته العربية، وتحديداً تجاه السعودية، وإعلان إنتساب صريح وتام للمسار  الفرنسي تحديدا دون تردّد”.

هنا تحضر نظرية الانتخابات الأميركية، التي ينتظرها الثنائي الشيعي، ومن خلفه إيران لعقد الصفقات، بالجملة والمفرق، محلياً وإقليمياً ودولياً، مع الرئيس الاميركي الجديد أياً كان اسمه. وبالتالي، فإنّ المبادرة الفرنسية كانت محكومة بالفشل، بل وهي ولدت ميتة. لكنّ الحاج محمد رعد أخذ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى البحر وأعاده عطشاناً، كما سبق لـ “أساس” أن أشار من قبل.

ولا بد من التذكير بأنّ ماكرون الذي وصل في 6 آب إلى بيروت، بدا لقمة سائغة بين فكّي الثنائي الشيعي في الحنك الإيراني، فسرقوا من هيبته الدولية 51 يوماً إلى الآن، وحافظوا على التوازن السياسي والمالي في لبنان، وباتوا اليوم على بعد 38 يوماً فقط من الانتخابات الأميركية في 3 تشرين الثاني المقبل.


بعد خروج أديب سيعود حسان دياب إلى الواجهة، وقد أشرف رئيس الجمهورية على تعويمه في اجتماعات وصور وزّعها مطلع هذا الأسبوع تضعه على يمين الرئيس


وبعد أن اكتشف أديب أن لا قيمة لأي تعهد أو تفاوض أجراه حزب الله مع ماكرون، يقدّم اعتذاره اليوم لتنفتح أبواب “جهنم” على لبنان، عقوباتٍ وتلحيماً، وانهياراتٍ يرجّح أن ترافق اللبنانيين في أصعب 38 يوماً على الإطلاق. وذلك بعد أن نفض العرب والأميركيون أيديهم من لبنان منذ فترة، وسينضم إليهم الفرنسيون ومن ورائهم أوروبا اليوم.

سيناريو رفع الدعم عن المحروقات والأدوية والطحين سيعيد تحريك الشارع والمجموعات العاملة في الثورة التي بدأت تعدّ العدّة لتحركات جديدة، على وقع مسلسل العقوبات، الذي تؤكد أوساط مطلعة أنه سيكون قاسياً في الأسابيع المقبلة.

ما قاله الفرنسيون عبر رئيسهم أو عبر وزير الخارجية إيف لودريان متشعّب، لكن الجملة المفتاح فيه هي أن “لبنان معرّض للانهيار”، وربما “للاندثار”. يبدو أنّ المنظومة السياسية اللبنانية لم تقرأ هذه الجملة جيداً، وهي لا تدري أنّ الانهيار بات مصطلحاً موجوداً في القاموس الفرنسي ضمن خانة المفردات المتعلّقة بلبنان.

وبعد خروج أديب سيعود حسان دياب إلى الواجهة، وقد أشرف رئيس الجمهورية على تعويمه في اجتماعات وصور وزّعها مطلع هذا الأسبوع تضعه على يمين الرئيس. وترجّح الأجواء المطلّعة على تفاصيل سقوط المبادرة الفرنسية، أن يطول تصريف الأعمال حتى مطلع العام المقبل، وسيكون الرئيس عون قد وفى بوعهده للبنانيين، بأنّنا ذاهبون جميعاً إلى الجحيم… فشدّوا الأحزمة.

المصدر أساس