ولهذه الغاية اجرى مدير المخابرات الفرنسية برنار ايمييه اتصالات مباشرة مع الاطراف المعنية لعدم اضاعة الفرصة المتاحة.
ولم يستبعد مصدر مطلع التوصل الى “تطور ايجابي” اليوم، في ما يتعلق بالحكومة، انطلاقاً من ان باريس تعتقد ان اعتذار اديب يؤدي الى تفاقم الازمة نظراً لصعوبة الاتفاق على اسم بديل، وخشية من تعويم حكومة حسان دياب..
اذا، تضاربت المعلومات حول الظرف الذي حمله الرئيس المكلف للمرة الأولى الى بعبدا حيث ظن الجميع انه حمل معه تشكيلته الحكومية سرعان ما احبط المراهنين على اختراق جدار الازمة بعدما سارعت رئاسة الجمهورية نفسها الى نفي ان يكون اللقاء قد شهد طرح تشكيلة حكومية او يكون اديب قد حمل تشكيلة . وعلمت “النهار” ان الرئيس المكلف أودع الرئيس عون كتاب اعتذاره علما ان أوساطا معنية تحدثت عن حمله سيرا ذاتية لخبراء وأصحاب اختصاص مرشحين لتولي وزارات وتصور لتوزيع الحقائب ال22 على 14 وزيرا . ولكن رئيس الجمهورية تمنى على اديب بإلحاح ارجاء خطوته الى موعد اجتماع آخر قبل ظهر اليوم لضرورة العودة الى الفرنسيين واجراء اتصالات ومشاورات إضافية علها تتوصل الى تسوية اللحظة الأخيرة . وتشير المعلومات الى ان الساعات التي أعقبت لقاء بعبدا اتسمت فعلا بكثافة استثنائية داخليا وكذلك على خط باريس بيروت في محاولة أخيرة لاستدراك اعلان اديب اعتذاره نهائيا من بعبدا اليوم .
ومساء عقد اجتماع ثان جمع اديب مع علمت “اللواء” ان اديب والنائب علي حسن خليل (حركة امل) والحاج حسين خليل (حزب الله)، لايجاد حل وسط بين الاصرار على ما يسمونه “ثوابت”، ورفضه هو (أي اديب) المس بقواعد تأليف الوزارة الجديدة.
واذ بدا واضحا ان هذا الاجتماع شكل اجتماع الفرصة الأخيرة للتوصل الى حل لتسمية وزير المال والوزراء الشيعة بعدما ابلغ الخليلان اديب اول من امس تمسكهما بتسميتهم ترددت معلومات ان اجتماع البارحة تناول طرحا بدمج بدمج تشكيلة اديب بلائحة الأسماء التي يطرحها الثنائي الشيعي واختيار الوزراء من بينهم فيما اكدت مصادر أخرى ان طرحا آخر جرى بحثه .
وعلم ليلا ان جو الحلحلة الموعود تبدد مع ترجيح خيار اعتذار اديب بعد انتهاء مهلة التريث التي اتخذها لنفسه وفي ظل زيادة العراقيل التي واجهته في تسمية الوزراء ومطالبة الكتل المسيحية بتسمية وزرائها على غرار الثنائي الشيعي .
وفيما لاذت اوساط التيار الوطني الحر بالصمت، بانتظار جلاء المشاورات على خط الرئيس المكلف و”الثنائي”، وبانتظار ما سيرشح عن جهد ايراني، سيبذل لتسهيل ولادة الحكومة بعد لقاء موسكو بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الايراني محمد جواد ظريف، حرصت معلومات بعبدا الى التأكيد على ان ما من صيغة للحكومة التي يقترحها ولا اي تصور لتركيبة الحكومة قد قدمها لرئيس الجمهورية. وما نقل من أجواء رصد في المعلومات الرسمية ايضا. لكن الاتفاق على موعد اليوم ايضا من دون تحديد اديب السبب وقول مصادر بعبدا انه للافساح في المجال امام البحث دون معرفة تفاصيل عن مشاورات اديب او غير ذلك.
في المقابل، قالت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ”اللواء” ان الأجواء غير سلبية ولكنها غير ايجابية ايضا وان هناك تصورا من دون اسماء متوقفة عند اهمية وحدة المعايير في عملية تأليف الحكومة.
وتركزت اتصالات المساء حول تسمية “الثنائي الشيعي” لوزير المال فقط، على ان يسمي الرئيس اديب باقي الوزراء، فإذا تم الاتفاق على ذلك، يقدم اديب تصوره لتشكيلة مع توزيع الحقائب، وإلا تذهب الامور الى تعقيدات اكثر تؤخر التشكيل.
وفي اللقاء الخامس بينهما أيضاً، لم يروِ الرئيس المكلف مصطفى أديب تعطّش رئيس الجمهورية ميشال عون لسبر أغوار التشكيلة الوزارية المرتقبة فخلص اللقاء إلى تقييم نتائج مشاورات أديب مع الثنائي الشيعي “من دون أن يقدم لعون تصوراً كاملاً للصيغة الحكومية، مكتفياً بالكشف عن بعض معالم التركيبة الوزارية التي يعمل على بلورة صورتها النهائية”، وفق ما نقلت مصادر مطلعة على أجواء لقاء بعبدا لـ”نداء الوطن”، وأكدت أنّ اللقاء السادس في قصر بعبدا اليوم “من المفترض أن يغوص أكثر في التفاصيل إن لم يستطع الرئيس المكلف أن يحسم تشكيلته النهائية ويحملها معه إلى اللقاء”، لافتةً إلى أنّ نتائج الاجتماع الذي عقده أديب أمس مع الخليلين “سيُبنى عليها الكثير وستشكل عنصراً أساسياً في تحديد طبيعة اجتماع بعبدا” اليوم.
ومن هذا المنطلق، رأت المصادر أنّ ملف التشكيل يمر حالياً بساعات “مفصلية” من شأنها أن تحدد المسار “بين التشكيل والاعتذار”، موضحةً أنه “في حال نجحت عملية غربلة الأسماء بشكل يتيح ترشيح شخصية توافقية بين الرئيس المكلف والثنائي الشيعي لتولي حقيبة المالية، وإذا ما حُلّت عقدة هذه الحقيبة ولم تستدرج أديب إلى ساحات أخرى مفتوحة على بازار الحصص الطائفية والحزبية الأخرى، فإنّ سباق التأليف قد يصل إلى خواتيمه المرجوة بعد وضع اللمسات الأخيرة بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية على التشكيلة المرتقبة، أما إذا تبيّن أن مسلسل العرقلة سيستمر فصولاً فعندها سيكون لكل حادث حديث”، وختمت: “الرئيس المكلف يوشك على طرح تشكيلته ومسار الأمور سيتحدد بحسب تعاطي الثنائي ورئيس الجمهورية مع التشكيلة”.
وليس بعيداً عن الأجواء التشاؤمية التي تخيّم على الملف الحكومي، لفتت الانتباه أمس سلسلة مواقف تشي بأنّ عقدة المالية لن تكون آخر العقد التي تعترض طريق التأليف، إنما ستعود جهود الرئيس المكلف إلى الاصطدام بجملة مطبات أخرى تستنسخ عقدة التسمية الشيعية في الحقائب، مسيحياً ودرزياً، تحت شعار “التشاور مع الكتل النيابية” الذي رفعه العونيون بالتوازي مع تغريدة بالمضمون ذاته للنائب طلال أرسلان، الأمر الذي عزز شكوك بعض الأفرقاء بوجود رياح خارجية معاكسة للمبادرة الفرنسية في لبنان، لا سيما في ظل ما نقلته مصادر ديبلوماسية في موسكو لـ”نداء الوطن” عن عدم إخفاء وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال زيارته العاصمة الروسية امتعاض طهران من الأداء الفرنسي في الملف اللبناني، كاشفةً أنّ “الروس يرحبون بمبادرة الرئيس سعد الحريري التي سهّلت ملف التأليف لكنهم يدركون في المقابل أنّ العراقيل لا تزال كبيرة أمام ولادة الحكومة”.
التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري امس، السفير المصري في لبنان ياسر علوي، لبحث مساعي تشكيل الحكومة برئاسة رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب.
وذكرت المعلومات ان اللقاء مؤشر على تحرك مصري بدأ بعيدا عن الاضواء منذ أيام من اجل تسريع تشكيل الحكومة الجديدة.
وبحسب المعلومات التي رشحت عن اجتماع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الايراني، لـ”نداء الوطن” فإنّ المحادثات بين الجانبين لم تخلص إلى نتيجة إيجابية في ما يتعلق بلبنان، خصوصاً وأنّ ظريف رفض التجاوب مع الوساطة الروسية الهادفة إلى دفع إيران نحو تسهيل تنفيذ المبادرة الفرنسية، وكان جوابه أنّ ذلك “شأن لبناني داخلي” لا تتدخل به طهران. وفي هذا السياق، عُلم أنّ لقاء موسكو ركّز بشكل أساس على العقوبات الاميركية الجديدة ضد إيران والملف النووي والأزمتين السورية والليبية، بينما تم التطرق للملف اللبناني بشكل عرضي خلال اللقاء تحت وطأة تعمد الوزير الإيراني عدم الغوص به، مكتفياً بإبداء ملاحظات سلبية على المبادرة الفرنسية لينتقد بشكل مباشر أداء الرئيس الفرنسي في الملف اللبناني متسائلاً: “ماذا يفعل في لبنان؟”.