كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن” إستئناف المشاورات بتشكيل الحكومة لا يلغي فرضية اعتذار الرئيس المكلف مصطفى أديب. ذلك ان حظوظ الفشل تطغى حتى الساعة على حظوظ النجاح والأسباب كثيرة ومتشعبة. واذا حصل واعتذر فلن يكون أول رئيس حكومة مكلف يعتذر عن تشكيل الحكومة في مرحلة ما بعد الطائف، سبقه الرئيس سعد الحريري الذي امضى 80 يوماً ولم يستطع تشكيل الحكومة قبل ان يعاد تكليفه مجدداً، وقبلهما الرئيس عمر كرامي. في وقت شهدت مرحلة ما قبل الطائف اعتذاراً لرؤساء حكومات عدة، كانت تعترض مهمتهم عقبات اقليمية ترجمتها محلية. لم يسبق ان كان تشكيل الحكومات في لبنان معزولاً عن محيطه المحلي والاقليمي بحيث كانت تتحكم ظروف ومستجدات إقليمية في اختيار الرئيس المكلف وشكل حكومته. لم يشذ اختيار مصطفى أديب عن القاعدة لكن اسلوب عمله كان مكشوفاً أكثر من غيره، بحيث ان الرجل لم ينف وجود آخرين يشاركونه مهمته ويكون لمشورتهم الغلبة.
وبعد خروج السوري انتقلت الوصاية الى دول اخرى فحضر الفرنسي والاميركي والسعودي وتم تشكيل اول حكومة ترأسها نجيب ميقاتي. وبعد انتخابات العام 2005 ترأس فؤاد السنيورة الحكومة مجدداً وحكم من دون رئيس الجمهورية اميل لحود عملياً، لوجود اضطراب في العلاقة انتهت الى محاولة عزله من قبل “14 آذار” وفي وقت كان مجلس النواب مقفلاً. انتهت ولاية لحود ودخلنا في فراغ رئاسي وأزمة كان خلالها السنيورة حاكماً بأمره، ما استلزم اجتماعاً في الدوحة برعاية قطرية انتخب على اثره ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. في الحكومة المنبثقة من اتفاق الدوحة صرنا أمام الثلث الضامن واستمرينا تحت وصاية دولية وإقليمية. يؤكد مثل هذا العرض السريع أن رئاسة الحكومة جزء من عدم الاستقرار في السلطة التنفيذية، واننا أمام نظام حكم غير منتظم قائم على توافق بالشكل وتناحر في المضمون. والسبب أيضاً أن نظام الحكم قبل الطائف وبعده متعدد الرؤوس. يقول المطلعون على سير الانظمة السياسية عن كثب أن مسألة استقرار الحكم والحكومات في الدول الصغيرة والمجتمعات المتنوعة، غالباً ما تكون فيها الممارسة أقوى من النص فنكون امام أعراف تغيّر موازين القوى وتستجرّ وقائع جديدة. تماماً كما يحصل اليوم حيث تمّ تكليف شخصية غير معروفة لتشكيل حكومة قوتها مستمدة ممن سماه ويقف خلفه. فنكون بذلك للمرة الأولى في ظل حكومة برؤوس متعددة. انه لبنان نظام الطوائف القوي والدولة الأضعف.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا