لبنان بعين العاصفة.. هل يذهب حزب الله إلى تشكيل حكومة مواجهة؟

27 سبتمبر 2020
لبنان بعين العاصفة.. هل يذهب حزب الله إلى تشكيل حكومة مواجهة؟

كتبت “انديرا مطر في “القبس”: دخل لبنان في عين العاصفة التي ستقوده حتماً إلى جهنم التي بشّر بها رئيس الجمهورية ميشال عون شعبه قبل اسبوع، واليوم أصبح البلد الغارق في سلسلة أزمات لا متناهية سببها الأول والرئيس حزب الله واجنداته الاقليمية التي ينفذها لأجل ايران، في دوامة أزمات جديدة يدفع ثمنها دائماً المواطن. إذا، فعلها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية مصطفى أديب.. رمى ورقة اعتذاره التي أعدها مرتين سابقاً وتراجع عنها في اللحظات الأخيرة، بتمنٍ فرنسي وبرغبة صادقة بانتشال لبنان من الغرق وإبعاد خطر الاندثار عنه. غير ان مناورات المنظومة الحاكمة، التي تعهدت بتسهيل مهمته واشهرت زهدها بالحقائب، تراجعت عن التزاماتها السابقة ونجحت في افشال مهمة اديب. ماذا بعد مرحلة الاعتذار؟ لبنان إلى اين؟ وماذا سيفعل الراعي الفرنسي؟ وهل سينفذ وعده بفرض عقوبات على المعرقلين ام ان مصالحه ستفرض عليه إعادة احياء هذه المبادرة بأشكال جديدة؟ قد تحمل الأيام المقبلة إجابات على بعض هذه الأسئلة، لاسيما بعد المؤتمر الصحفي المرتقب للرئيس ايمانويل ماكرون اليوم، لكن من المؤكد أن تداعيات خطيرة ستعقب الاعتذار، تبدأ بتسريع العقوبات الخارجية وتزايد الانهيارات الداخلية التي ظهرت أولى ملامحها بتحليق سعر الدولار من جديد ليتجاوز 8500 ليرة لبنانية. وهو ما فاقم مخاوف اللبنانيين، من مرحلة سوداء «بشّرهم» بها اعلى مرجعية في الدولة، وتتواتر يوميا من خبراء ما انفكوا يحذرون من الوصول الى مرحلة يتعذر فيها ايجاد الدواء والغذاء ومقومات الحياة. خيانة جماعية في اول رد فعلي فرنسي، قال مصدر مقرب من الرئيس ايمانويل ماكرون إن اعتذار الرئيس المكلف مصطفى أديب عن تشكيل الحكومة انتكاسة لكننا لن نيأس، واعتذاره يعني ايضا أن الأحزاب السياسية ارتكبت «خيانة جماعية». مضيفا ان «فرنسا لن تخذل لبنان». من جانبه، اكد رئيس الجمهورية ميشال عون ان المبادرة لا تزال مستمرة «وتلقى مني كل الدعم وفق الأسس التي اعلنها ماكرون». أسباب اعتذار أديب رمى أديب باعتذاره إلى عون، لأن «تشكيلة بالمواصفات التي وضعها باتت محكومة سلفاً بالفشل» وفق ما قال. هيئت أجواء الاستقالة بعد اجتماع ليلي مع ممثلي حزب الله وحركة أمل، واستخلص منه أديب إصرار الثنائي على إغلاق الباب أمام تشكيل «حكومة المهمة» المطلوبة، من باب رفض الثنائي التنازل عن تسمية الوزراء الشيعة، فيما أديب يعتبر تسمية الفريق الحكومي من مسؤوليته. وكان الرئيس نجيب ميقاتي، أول المبادرين إلى اقتراح اسم أديب لتولي الحكومة، قد أعلن مساء الجمعة أنه «إن لم تُحترم الأسس الدستورية فإن الرئيس المكلف يتجه إلى الاعتذار!». فرغم تسهيل قضى بموافقته على إبقاء وزارة المالية للشيعة، الا إن شماعة المالية كشفت أن قرار التعطيل في مكان آخر، وأن أوان التنازلات الكبرى لم يحن بعد، ولم تفلح الاتصالات الفرنسية التي سبقت الاعتذار، ولا التدخل الروسي لدى إيران لإطالة أمد التكليف. بحسب المراقبين، هناك قرار إيراني واضح بتأجيل الاستحقاق الحكومي، وعلى لبنان أن ينتظر ما بعد الانتخابات الأميركية.

 

البلد أمام احتمالين الفرنسيون لن يتخلوا عن مبادرتهم؛ لأنها لا ترتبط بتشكيل حكومة، بل لها أبعاد أخرى تتصل بنفوذ فرنسا الاستراتيجي وبحضورها في الشرق الأوسط، مستقبلاً، وفق الكاتب السياسي منير الربيع. وبالتالي، اعتذار مصطفى أديب لن يدفع فرنسا للتراجع أو للتخلي عن لبنان بل قد تتشدد أكثر في بعض الإجراءات، سواء الاقتصادية أو بالضغط السياسي عبر التماهي مع الأميركيين. فالعقوبات الأميركية التي ستتوالى ستحظى هذه المرة بدعم ومباركة باريس. بحسب الربيع، سيكون لبنان أمام احتمالين: إما أن يذهب حزب الله إلى تشكيل حكومة مواجهة وإما أن تطول فترة المفاوضات على حكومة «توافقية» بانتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية. أما على المستوى الأبعد، فالأميركيون كانوا قد أبلغوا الفرنسيين أن إيران وحلفاءها لا يمكن التعاون معهم بالمفاوضات بل بتكثيف الضغط عليهم. إذاً، الضغوط الأميركية ستزيد ولبنان دخل في دوامة خطرة جداً ولن تكون هناك مساعدات بل مزيد من العقوبات، وسط خشية من الدخول في الفوضى، لأن التحول الكبير والخطير الذي يمر به لبنان لا يجد أي مسؤول قادراً على إخراجه من هذه الأزمة. عاد لبنان ساحةً للصراع الإيراني ــــ الأميركي، وسيجد نفسه تحت مزيد من العقوبات، ومعزولاً أكثر، خاصة في ملف النفط والغاز، وسيبقى بعيدا عن الأحلاف التي تتشكّل في المنطقة؛ لأنه أصبح بشكل كامل ضمن المحور الإيراني. ما ينتظر لبنان هو مزيد من المخاطر.

 

حكومة مواجهة الكاتب السياسي مصطفى فحص يعتبر ان التعطيل حصل بتضامن كل الاطراف، ولكن الجزء الاكبر من حصة ايران. لأن تشكيل حكومة كان يقتضي تنازلا سياسيا؛ فعلي من حلفائها في لبنان: اي ثنائي «حزب الله» ــــ «أمل» والثنائي الحاكم «حزب الله» ــــ التيار الوطني الحر. ويرى فحص أن «حزب الله» كما أنقذ المنظومة السياسية من السقوط اثر انتفاضة 17 اكتوبر 2019، فقد أنقذها اليوم من المحاسبة. لان حقيبة المالية ليست مصدر قوة الثنائي الشيعي، بقدر ما هي غطاء لكل عمليات النهب والفساد في لبنان. كلام «الإليزيه» عن ارتكاب الاحزاب «خيانة جماعية»، يصب في هذا المنحى. لكن فحص يلفت الى ايجابية في المبادرة الفرنسية رغم فشلها، وهي انها فرضت معايير على عملية تشكيل الحكومة، صار الجميع ملزماً بها، وهنا الخطر الاكبر على الحزب الحاكم وعلى منظومة السلطة التي تحتمي به. ويوضح فحص ان أديب كان سيراعي ضوابط السلطة ضمن بنود المبادرة الفرنسية، وبعد عرقلته، يجري البحث عن رئيس حكومة من «خارج الصندوق»، وربما من شخصيات، سمّاها الناس في التظاهرات. هل هذا يعني أننا سنكون امام حكومة مواجهة؟.. يقول فحص إن حكومة الإنقاذ سيكون الطريق إليها وعراً جدّا؛ لان المجتمع الدولي سيحاسب من عطّل، وستكون محاسبة صعبة ومؤلمة ومكلفة. يستبعد فحص أعمال عنف بمستوى حرب اهلية، ولكن لا يستبعد عنفا اجتماعيا وضغوطا اقتصادية محلية وخارجية، بعد ان قرر الطرف المعطل أن يفاوض الأصيل نيابة عن الوكيل. معادلة «لبنان حاجة ملحة» انتهت، وفق فحص. ونحن في مرحلة اخرى مفتوحة على مخاطر شتى، والخوف الأكبر هو استدراج المستقوي الى استخدام قوته.. إلا إذا قرر أحدهم أن يتجرّع السُّم مرة أخرى.

 

لقراءة المقال كاملا اضغط هنا