بعد أن تركزت كلمة حسن نصرالله، مساء أمس الثلاثاء، على تحميل رؤساء الحكومة السابقين مسؤولية تعثر المبادرة الفرنسية وفشل مصطفى أديب في تشكيل حكومته واعتذاره، ومحاولة نصرالله في معرض رده على ما جاء في المؤتمر الصحافي للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الإيحاء أن رؤساء الحكومة السابقين هم أصل المشكلة.. أصدر رؤساء الحكومة السابقين نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، سعد الحريري، وتمام سلام البيان التالي:
من المؤسف أن يجتنب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الحقيقة إلى هذه الدرجة، في الرواية التي ساقها بشأن المساعي التي قام بها الرئيس مصطفى أديب، في محاولة تشكيل حكومة إنقاذية، والأسباب التي أدت إلى فشلها.
أولاً: إن المبادرة الفرنسية، التي شكلت الفرصة الوحيدة لمحاولة وقف انهيار لبنان، بنيت على ضرورة تعليق كل ما يمت إلى السياسة الداخلية التقليدية، ومسألة تنافس الكتل والأحزاب، لأشهر معدودة بحيث تتفق الكتل النيابية الرئيسية على حكومة إنقاذ مصغرة من الاختصاصيين الأكْفاء لا تسميهم الأحزاب، لتنفيذ برنامج إصلاحي اقتصادي مالي ونقدي وإداري بحت، مفصل في خطواته للأشهر الثلاثة الأولى، لفتح المجال أمام البدء باستعادة الثقة، وعودة التمويل الخارجي للبلد.
ثانياً: لم يشكل ما سماه السيد نصر الله “نادي رؤساء الحكومات الأربعة” الحكومة نيابة عن الرئيس أديب، ولم يفرض إسماً فيها أو حقيبة، بل اقتصر دوره على توفير الغطاء بشكل شفاف وواضح، لتنفيذ ما وافقت عليه الكتل النيابية في قصر الصنوبر، بعد أن اجتمعوا على كلمة سواء في ما يتعلق بتسمية الرئيس المكلف.
وهذا الدور لم ينطلق للحظة واحدة من فرض الوصاية على رئاسة الحكومة.
بل من الدعوات التي أطلقتها أكثرية اللبنانيين، والتي أجمعت على وجوب عدم تكرار الآليات التي اعتمدت في تشكيل الحكومة المستقيلة، والتي كانت محل معارضة شعبية واسعة، تقاطعت مع المبادرة الفرنسية، ووجوب قيام حكومة مستقلين بعيداً عن المحاصصة والولاء الحزبي والسياسي.
ثالثاً: إن الرئيس المكلف لم يكن في مقدوره التشاور مع فخامة رئيس الجمهورية، أو مع أي من الكتل السياسية في الأسماء والحقائب، في ظلّ العقدة التي رفعها في وجهه ثنائي أمل وحزب الله، فور وصول جهوده إلى مراحلها الأخيرة، عشية العقوبات التي أعلنت بحق الوزيرين السابقين، والتي نشأت عنها تعقيدات واستعصاءات.
وما كان من الرئيس الحريري في أعقاب ذلك، وحيال الخطر الذي يتهدد فرصة وقف الانهيار المتاحة، إلا أن لجأ إلى اتخاذ مبادرة منفردة تتيح في حال اعتمادها الإبقاء على التمثيل الشيعي في وزارة المالية لمرة واحدة، مع التأكيد على مبدأ المداورة في الحقائب الوزارية.
ومن المؤسف أنه بدل تلقف مبادرة الرئيس الحريري التي أشادت بها فرنسا، جرى الالتفاف عليها ووضع المزيد من الشروط على الرئيس المكلف، والتمسك بتسمية الوزراء في الحقائب الباقية، في ضرب مكشوف للقواعد التي انطلقت منها المبادرة الفرنسية وللدستور، الذي يؤكد على عدم حصرية أي حقيبة وزارية بممثلين لأي طائفة بعينها.
رابعاً: إنّ الملفت في رواية الأمين العام لحزب الله أنها تعمدت افتعال اشتباك طائفي بين رئيس الجمهورية وبين رئيس الحكومة المكلف، بزعم التعدي على الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية لمصلحة رئاسة الحكومة وما تمثل.
وهو الأمر الذي لا أساس له من الصحة.
علماً أنّ ما طالب به الرئيس المكلف هو ذاته ما طالبت به رئاسة الجمهورية ومعظم الكتل والشخصيات السياسية والنيابية، التي شاركت في استشارات القصر الجمهوري، من اعتماد للمداورة في الحقائب، باستثناء ممثلي الثنائي أمل وحزب الله.
خامساً: إن مطالعة الأمين العام لحزب الله تنسف المبادرة الفرنسية أيضاً بمحتواها الاقتصادي والمالي من خلال المقاربات الخاصة بصندوق النقد الدولي والاصلاحات الاقتصادية والمالية.
سادساً: لم يكن السيد نصر الله موفقاً في العودة إلى أحداث أيار 2008 للتذكير بالاعتداء الذي تعرضت له بيروت، وهو ما قرأه اللبنانيون تهديداً غير مقبول وتلويحاً باستخدام الفوضى والعنف والفلتان الأمني، والتي لا تستثني أحداً من مخاطرها.
سابعاً: إنّ السيد نصر الله في معظم مداخلته أمس كان يستعرض الشروط التي وضعها لتشكيل الحكومة العتيدة.
وباختصار، فإن الأمين العام لحزب الله يريد حكومة يتمثل فيها حزبه، وتسمي فيها الأحزاب ممثليها للوزارات المختلفة.
وهذه الوصفة هي التي تنطبق تماماً على ما جرى عند تأليف الحكومة المستقيلة، والتي أدّت إلى النتائج الواضحة والجلية، والتي رآها ويراها اللبنانيون كل يوم بأعينهم، والتي استدعت أساساً مبادرة مشكورة للرئيس ماكرون في محاولة أخيرة لوقف الانهيار.
وفي الختام، يؤكد رؤساء الحكومة السابقون حرصهم على الوحدة الوطنية بين اللبنانيين، وتمسكهم بالمبادرة الفرنسية المشكورة، وبالدور الكبير للرئيس ماكرون في الإصرار على متابعتها للإسهام في إنقاذ لبنان.