“التفاوض” للترسيم يُسقط “فلسفة” الحزب للابقاء على سلاحه!

هل يسهّل "الثنائي" المحادثات "مرحليا" لبيعها لترامب أم يحتاج التفاهم لتعزيز دويلته؟

3 أكتوبر 2020
“التفاوض” للترسيم يُسقط “فلسفة” الحزب للابقاء على سلاحه!

خلال ايام قليلة، تنطلق مفاوضات بين لبنان واسرائيل، حول ترسيم الحدود البحرية والبرية بينهما، برعاية اليونيفيل وتحت رايتها في مقرّها في الناقورة، وذلك تنفيذا لاتفاق سعت الولايات المتحدة الاميركية لابرامه، وستثبّت دورَها أكثر في إرساء قواعده من خلال مشاركة مرجّحة لمساعد وزير خارجيتها ديفيد شنكر في اول جولة محادثات مرتقبة في 14 تشرين الجاري مبدئيا.

بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة، هذا التطور تاريخي، ويجب ان يشكل منعطفا كبيرا في مسار الصراع اللبناني – الاسرائيلي. فما بعده لا يمكن ان يكون كما قبله. فحجر الزاوية الذي بنى عليه حزبُ الله هيكلَ “المقاومة” وحمل السلاح، منذ عقود، ولا سيما في اعقاب العام 2000، غداة الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب، كان يقول ان “كل الوسائل السلمية والدبلوماسية والتفاوضية لا تنفع مع الكيان العبري الذي يريد دائما إخضاع اعدائه وخصومه لشروطه ومطالبه، مستقويا بدعم اميركي غير محدود، وبانحياز واشنطن الفاقع له ولمصالحه. وبالتالي، فإن اي تحرير للاراضي او حفظ للحقوق في البحر والبر، لا يتحقق الا عبر السلاح وبخلق توازن رعب معه”.

فأين هذه المعادلة من الذي يجري اليوم؟ هي تعرّضت لخضّة قوية، تكاد تنسفها من جذورها، تتابع المصادر. جلوس لبنان مع الاسرائيلي على الطاولة نفسها، للبحث عن اتفاق حول ترسيم الحدود، يدل الى ان ثمة تحوّلا جذريا اصاب منطق “حزب الله”، بحيث بات خيار التفاوض صالحا وقادرا على تحقيق خرق، كان حتى الامس القريب، في منظار الممانعة، مستحيلا الا بالسلاح.

الضاحية في طبيعة الحال، لن تسلّم بهذه القراءة، وستقول ان السلاح لا يزال حاجة لتحرير شبعا ولردع اسرائيل التي يسرح ويمرح طيرانها ليل نهار في اجوائنا، ولمواجهة التكفيريين والارهابيين، وايضا تحسبا للاسوأ في حال فشل المفاوضات.

وثمة اسئلة كثيرة تطرح هنا، حيال جدية الثنائي في انجاح هذه المفاوضات. فصحيح انها انتقلت من عهدته الى حضن بعبدا والجيش، الا ان تأثير “الحزب” كبير عليها بلا شك، وقد يكون ارتأى في هذه اللحظة الاقليمية الحرجة التي يمر بها، حيث تتعاظم الضغوط الدولية والعقوبات الاميركية عليه، بيعَ الاتفاق هديّةً ثمينة لواشنطن ورئيسها دونالد ترامب، عشية الانتخابات الرئاسية، فيخفّف من وطأة هذا التشدد المتعاظم في التعاطي معه، سيما بعد سقوط المبادرة الفرنسية… اما بعد إمرار هذه المرحلة، وتبيان مسار الامور انتخابيا في اميركا وتداعيات هذا الاستحقاق اقليميا، فقد يعيد الثنائي صياغة موقفه “الترسيمي” في ضوء المستجدات.

الا ان ثمة زاوية اخرى تحرص المصادر على الاضاءة عليها ايضا، حيث تقول ان بعد تكريس وزارة المال لصالحه، واعتباره عرفا يؤمن الشراكة والحضور الشيعي في القرار والتوقيع، قد يكون الثنائي الشيعي يريد من خلال تسهيل عملية الترسيم اليوم، وضع اليد على مصدر مال جديد سيتغذّى منه في السنوات لا بل العقود المقبلة، هو النفط والغاز، الذي يرجّح ان يكون موجودا بوفرة في المناطق الجنوبية، بما يساعده اكثر في اعلاء بنيان دويلته وترسيم الحدود الفاصلة بينه وبين الدولة، تختم المصادر…