مشروع أميركي يطارد بعقوباته المصادر العالمية لتمويل حزب الله

رسالة إسرائيل عن الصواريخ تذكير باختراق الاستخبارات الإسرائيلية لحزب الله

3 أكتوبر 2020
مشروع أميركي يطارد بعقوباته المصادر العالمية لتمويل حزب الله
سامي خليفة
الأخبار المتقاطعة الآتية من الولايات المتحدة الأميركية، وكذلك شخصيات لبنانية على صِلة بنافذين في الإدارة الأميركية، إضافة إلى جهات ديبلوماسية غربية، تؤكد كلها أن واشنطن تحضّر لدفعة أوسع من العقوبات على شخصيات وكيانات لبنانية تصدرها الخزانة الأميركية في المدى القريب.

وكشف موقع “واشنطن فري بيكون” الأميركي عن استعداد الجمهوريين في الكونغرس لسن تشريع (مشروع قانون) يجيز مجموعة من العقوبات الجديدة على حزب الله، في محاولة قالوا إنها ستقطع وصول الجماعة إلى مصادر التمويل الرئيسية.

أشد عقوبات يتبناها الكونغرس
التشريع الأميركي الجديد ستكون له تداعيات بعيدة المدى على المؤسسات المالية وكبار المسؤولين الحكوميين في لبنان وفنزويلا وكوبا ونيكاراغوا.

وهذه مناطق يتمتع فيها حزب الله بوجودٍ نشط. وسيحدد التشريع مناطق أساسية في لبنان كمصادر لتمويل الإرهاب، وهو التصنيف الذي سيخرج المصارف الصديقة لحزب الله من النظام المالي الدولي.

وقد علّق النائب الجمهوري جو ويلسون، وهو عضو لجنتيّ العلاقات الخارجية والقوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي، على التشريع الجديد، فاعتبره خطوة نحو فرض أشد عقوبات اقترحها الكونغرس على الإطلاق، تطال حزب الله.

وأضاف “من خلال إخراج المصارف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحزب من النظام المالي الدولي، سيقطع هذا القانون شوطاً طويلاً نحو تجفيف موارد وكيل الإرهاب الإيراني لشن هجمات قاتلة ضد الولايات المتحدة وحلفائنا”.

رفض ديمقراطي؟
يدخل التشريع حيز النقاش في وقت عادت المساعدات الأميركية بالتدفق إلى لبنان بعد الانفجار المهول الذي أدى إلى تدمير أحياء في العاصمة بيروت.

وبينما خصصت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى مساعدات مالية لإعادة الإعمار، حذر البعض في أميركا من قيام حزب الله، الذي يسيطر إلى حد كبير على الحكومة اللبنانية، بسرقة الكثير من الأموال.

وإذا كان من غير المرجح أن يُقر مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، هذا التشريع في عام انتخابي محتدم مع اقتراب الانتخبات الرئاسية، فإن الحزب الجمهوري يُظهر مخاوفه المتزايدة حيال حزب الله وترسيخ موطئ قدم له في أميركا اللاتينية.

مطاردة حزب الله دولياً
ويشير الموقع الأميركي إلى أن التشريع الذي أُطلق عليه “قانون منع غسل أموال حزب الله لعام 2020″، سيطالب وزارة الخزانة بتحديد ما إذا كانت مناطق معينة في لبنان مؤهلة لتكون مناطق اختصاص قضائي لـ “القلق الأساسي بشأن غسل الأموال”.

ويسمح هذا التصنيف للحكومة الأميركية بتنفيذ عقوبات واسعة النطاق على المسؤولين الحكوميين والمصارف التي تساعد حزب الله.

ويسعى مشروع القانون إلى تصنيف مماثل لـ “منطقة الحدود الثلاثية” بين الأرجنتين والبرازيل وباراغواي، والتي تمثل مركز رئيس لتهريب المخدرات والنشاط الإجرامي.

وحيث تعتبر السلطات الأميركية المنطقة مرتعاً مركزياً لتكاثر أنشطة حزب الله على مر السنين، واستخدمها لإدارة المخدرات والأسلحة التي تمول أنشطته.

ومن شأن التشريع أن يفرض عقوبات إضافية على شخصيات سياسية بارزة في لبنان وفنزويلا وكوبا ونيكاراغوا لدعمهم المستمر لحزب الله.

وستستهدف الإجراءات الأخرى حزب الله في المكسيك وفنزويلا وباراغواي والأرجنتين والبرازيل وبنما وكوبا وبوليفيا، أو أي دولة أخرى في أميركا اللاتينية يُستشعر أنها تعمل مع الحزب.

واللافت في هذا القانون، إذا أقره الكونغرس، أنه سيكون سابقة لناحية إدراج قادة سياسيين أجانب على لائحة الإرهاب، بسبب علاقاتهم بحزب الله.

توسيع نطاق سلطة القضاء
تلقى مشروع القانون دعماً مبكراً من منظمة “المسيحيين المتحدين من أجل إسرائيل”، وهي أكبر منظمة مؤيدة للدولة العبرية في الولايات المتحدة، وتُعد على صلة وثيقة بالكنيسة الإنجيلية المسيحية.

من خلال أسلحة الضغط، دعت المنظمة إلى فرض عقوبات أكبر على حزب الله للمساعدة في خنق عملياته وزيادة الأمن على الحدود الشمالية لإسرائيل، والتي تحاذي الأراضي التي يسيطر عليها حزب الله في لبنان.

وتعقيباً على جهود الكونغرس، قالت ساندرا باركر، وهي مسؤولة بارزة في المنظمة، للموقع الأميركي: “حيثما تصل مخالب حزب الله، يعاني الناس.

يجب إحباط أنشطة هذا الحزب غير المشروعة من أوروبا إلى أميركا اللاتينية، ومعاقبته وإدانته في كل فرصة متاحة. كما ينبغي الإشادة بالنائب ويلسون وجميع الذين وَقعوا على هذا التشريع، لإدراكهم المشكلة واختيارهم القيام بالأمر المناسب حوله”.

من جهته، اعتبر طوني بدران، الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأميركية، أن مشروع القانون يمثل توبيخاً قوياً لسياسة الولايات المتحدة غير المتماسكة تجاه لبنان.

مضيفاً إن العقوبات الجديدة على النحو المبين في مشروع القانون ستقطع شوطاً طويلاً في تقييد وصول حزب الله إلى الموارد النقدية.

واستطرد قائلاً: “يوسّع مشروع القانون نطاق الاختصاص القضائي ليشمل كل ما يخضع  لسيطرة حزب الله، لا استهدافه حيث يغسل الأموال، ويحتفظ بمخازن أسلحة ومواقع للصواريخ الدقيقة في المناطق المدنية.

ورغم مبادرات وزارة الخارجية الأميركية الحالية، التي تشمل محادثات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، فإن العقوبات يمكن أن تنسحب على الاستثمار الأوروبي في هذه المناطق لصالح حزب الله”.

الكرة في ملعب نصر الله
على صعيدٍ منفصل، لفتت صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية، أن إعلان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، عن وجود مواقع ثلاثة لإنتاج مواد تُستخدم في مشروع الصواريخ الدقيقة، الذي يديره حزب الله في مناطق سكنية لبنانية مكتظة وبالقرب من أماكن يقصدها المواطنون، يمكن اعتباره تحذيراً مبطّناً لحزب الله، يهدف إلى إقناعه بالتخلي عن محاولاته الخطيرة للانتقام من الجيش الإسرائيلي.

وأشارت الصحيفة إلى أن توقيت كلام نتنياهو الأخير، لا يمكن فصله عن المأزق الحالي بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله.

فمنسوب التوتر المرتفع منذ شهور على طول الحدود الإسرائيلية-اللبنانية، مرّده إلى إصرار أمين عام حزب الله حسن نصر الله على فرض “معادلاته” على إسرائيل، حيث سيؤدي مقتل أي من عناصر حزب الله في غارات جوية إسرائيلية في سوريا إلى انتقام “متناسب” من جانب حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي.

وحول تحذير مسؤولي الجيش الإسرائيلي من أن أي هجوم ناجح للحزب سيؤدي إلى رد إسرائيلي حازم ومؤلم، وأن إسرائيل لن تقبل معادلات الحزب إياه، ترى الصحيفة أن الكرة حالياً في ملعب نصر الله.

إذ يمكن اعتبار رسالة إسرائيل الأخيرة حول مواقع الصواريخ بمثابة تذكير في الوقت المناسب بنطاق اختراق استخبارات الجيش الإسرائيلي لحزب الله ومعرفتها العميقة بأنشطته في جميع أنحاء لبنان.

المصدر المدن