آلية مفاوضة ‘العدو’: مصير سلاح حزب الله وكيف سيُصدَّر لبنان الغاز؟

6 أكتوبر 2020
آلية مفاوضة ‘العدو’: مصير سلاح حزب الله وكيف سيُصدَّر لبنان الغاز؟

كتب منير الربيع في “المدن”: عندما أعلن الرئيس نبيه بري اتفاق إطار مفاوضات ترسيم حدود لبنان البحرية مع إسرائيل، أعلن في الوقت عينه حرصه على المبادرة الفرنسية في شقها السياسي. وراهن على عمل شركة توتال في التنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية، وفي المنطقة التي ستكون خاضعة لمفاوضات الترسيم.

 

برّي وفرنسا

تعمّد بري إطلاق موقف إيجابي من فرنسا ومبادرتها اللبنانية، لرغبته في عدم القطع معها، وحفاظاً منه على علاقة جيدة بها. ثم أشار إلى ضرورة تفعيل المبادرة لتشكيل الحكومة.

 

ويأتي تمسك الثنائي الشيعي بالمبادرة الفرنسية، لئلا يُفهم ذهابه إلى مفاوضات الترسيم مع الأميركيين، وكأنه إفشال للمسعى الفرنسي في تشكيل الحكومة.

 

وبعد إعلان برّي بأيام، وتحديداً بعد ردّ أمين عام حزب الله على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتأكيده استمرار الانفتاح على المبادرة الفرنسية، حصل لقاء وداعي بين السفير الفرنسي برونو فوشيه ومسؤول العلاقات الخارجية في حزب الله عمار الموسوي.

 

فوشيه في الضاحية

عُقد اللقاء في ضاحية بيروت الجنوبية، التي زارها فوشيه كما زار المقار الرسمية اللبنانية مودعاً.

 

وللضاحية حصة في قلب فوشيه، صاحب التجربة الإيرانية على مدى سبع سنوات، والمتعاطف مع إيران. وتخلل لقاءه الموسوي عتب متبادل، من دون وصول العتب إلى خلاف، بل انتهى إلى التشديد على ضرورة تفعيل المبادرة الفرنسية، وإدخال تعديلات عليها.

 

والتعديلات التي يريدها الثنائي الشيعي هي تشكيل حكومة تكنو-سياسية، في مقابل تشديد أميركي وخليجي على عدم مشاركة أي طرف سياسي في الحكومة، وحصرها بالاختصاصيين.

 

الثنائي وتوتال

ما يريده الثنائي هو حفاظه على علاقة وثيقة بفرنسا، وعدم القطع معها، لأنها آخر الدول الأوروبية المؤثرة التي لديها علاقات مباشرة مع حزب الله، وتوفر له غطاء دولياً. ولفرنسا دور بارز في لبنان بعد تفجير المرفأ، وفي عملية التنقيب عن النفط. وهي حاضرة في حسابات الثنائي نفطياً، في حال حصول أي خلل في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل برعاية أميركية.

 

وشركة توتال الفرنسية سيكون دورها بارز في عمليات التنقيب واستخراج الغاز وآلية تصديره أو نقله. وهذا يؤكد أن الدور الفرنسي في لبنان لن يكون محصوراً بتشكيل الحكومة.

 

شكل المفاوضة مع العدو

وتتجه الأنظار حالياً إلى جلسة المفاوضات الأولى لترسيم الحدود. الوفد اللبناني سيكون برئاسة أحد عمداء الجيش اللبناني. أما في شكل المفاوضات، فقد اختبر لبنان تجربتين: اتفاق نيسان 1996، حينما جلس الوفد اللبناني في قاعة منفصلة عن القاعة التي جلس فيها الوفد الإسرائيلي. وتولت الأمم المتحدة نقل وجهات النظر بين الطرفين.

 

والتجربة الثانية هي المفاوضات التي عُقدت في مقر الأمم المتحدة، لترسيم الخط الأزرق والحدود البرية الجنوبية، عندما جلس الطرفان في قاعة واحدة، لكن حول طاولتين بينهما فاصل شفاف، ويعمل كل طرف على توجيه الكلام إلى ممثلي قوات اليونفيل.

 

ترسيم بحري فقط

لم يُحدد بعد شكل مفاوضات ترسيم الحدود ومضمونها التفصيلي. الأميركيون يتمسكون بأنها مخصصة للتفاوض على الترسيم البحري فقط، لأن الحدود البرية قد رُسِّمت من وجهة النظر الأميركية والإسرائيلية والدولية.

 

صحيح أن لبنان اعترض على 13 نقطة حدودية، لكن معظمها سوِّي لتبقى 3 نقاط فقط عالقة، تشير المصادر إلى أنها تفصيلية وسهلة الحلّ. فقبل أكثر من سنة، عقدت اجتماعات عدة، ففرضت فيها بعض التراجعات الحدودية على الإسرائيليين، الذين رسموا حدودهم ببلوكات إسمنتية. وعندما طلب الأميركيون والإسرائيليون من الدولة اللبنانية التوقيع على إنهاء الترسيم البري، رفض لبنان معلناً مبدأ تلازم مساريّ الترسيم البري والبحري، على أن تنطلق مفاوضات الترسيم البحري من النقطة b23 في الناقورة.

 

الصواريخ والغاز

من العقبات السياسية والاستراتيجية والعسكرية التي قد تعترض طريق الترسيم البحري وتعرقله في انتظار تطورات سياسية بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، طرح مسألة نزع سلاح حزب الله والصواريخ الدقيقة من المنطقة الجنوبية.

 

لكن بمعزل عن العقبات، أو فلنفترض أنها وجدت طريقها إلى الحلّ. يبقى سؤال أساسي لا بد من طرحه: كيف يصدَّر النفط والغاز من البحر اللبناني في حال استخراجهما؟

 

في السابق طُرحت اقتراحات عديدة، منها أن تكون روسيا هي راعية هذه العملية. وبما أن شركة نوفاتيك الروسية تنقب في جنوب لبنان وفي حقل كاريش الإسرائيلي، تعمل هذه الشركة على شراء المنتج اللبناني من الغاز وتمرره عبر الأنبوب الإسرائيلي، على نحو يجعل لبنان غير مسؤول عن تصدير غازه في هذا الأنبوب.

 

مزارع شبعا واليونفيل

لكن الأميركيين يريدون أن يديروا بأنفسهم هذه العملية، إنطلاقاً من تمسكهم بشكل كامل بلبنان، من الحدود البحرية في الجنوب، إلى مرفأ بيروت، والقاعدة البحرية في عمشيت، والقاعدة الجوية في حامات، وتشييد أكبر سفارة على البحر الأبيض المتوسط في عوكر.

 

هنا، يكون لبنان أمام خيار واحد: إنشاء الولايات المتحدة الأميركية شركة قابضة، تبتاع كميات الغاز وتتكفل بتصديرها، فلا يكون لبنان في علاقة مباشرة مع إسرائيل. وتبقى مشكلة أساسية تتعلق بمصير مزارع شبعا بعد عملية الترسيم، إلى جانب مسألة عمل قوات الطوارئ الدولية وتصرفها مع سلاح حزب الله.