صحيح ان الأحداث المتعددة في لبنان تحبس الأنفاس ولا تترك مجالاً لتصنيفها بين الخطرة والاشد خطورة من اجل التفكير بكيفية مواجهتها، غير ان “تناسي” مسائل مهمة واستراتيجية بسبب تزاحم الازمات لا يجب ان يُشكّل القاعدة في ترتيب الضرورات.
فمنذ دخول لبنان عصر فيروس كورونا الذي يتمدد بشكل سريع ومُخيف بين مختلف المناطق، وفي ظل وضع اقتصادي متدهور لم يعرف لبنان مثيلاً له منذ نهاية الحرب فضلاً عن التأزّم السياسي والهريان الذي يُصيب جسم الدولة ومؤسساتها الدستورية، وُضع ملف النازحين السوريين وخطة إعادتهم الى سوريا على “رفّ الانتظار” الى حين انتهاء اللبنانيين من معركة الفيروس القاتل وحرب الدولار التي لا توفّر قطاعاً من نيرانها الملتهبة.
وعلى رغم احقّية ترتيب خطوط المواجهة الداخلية للازمتين الصحية والمعيشية من اجل الخروج من المعركة بأقل الاضرار الممكنة، الا ان إخراج ملف عودة النازحين من دائرة الاهتمام والمتابعة خطأ استراتيجي توازي تداعياته خطأ اهمال فيروس كورونا المستجدّ.
ووفق اوساط سياسية مطّلعة تقول استكمال مسيرات عودة النازحين السوريين الى مناطقهم وقراهم بات امراً ضرورياً اكثر من اي وقت مضى، لان معظم الاراضي السورية باتت مستقرّة وامنة والجيش السوري يفرض سيطرته الكاملة على كبرى المدن والمناطق المحررة بعدما نجح بمساعدة حلفائه بدحر التنظيمات الارهابية”.
ومع ان النظام السوري لم يُبدِ أي بادرة حسن نيّة تؤكد رغبته في عودة النازحين الذين هجّرهم على مدى السنوات الماضية، الا ان استئناف العمل بخطة إعادتهم التي تولت المديرية العامة للامن العام تنفيذها بات اكثر من ضرورة، خصوصاً في ظل الاوضاع السيّئة في لبنان.
ولفتت الاوساط الى “ان مع تضاعف الضغوط الاقتصادية على اللبنانيين، فقد النازح السوري في لبنان الكثير من مقومات صموده، وحتى إمكان العيش مع عائلته، من هنا على السلطات الرسمية في لبنان “الاستفادة” من هذا الواقع من اجل اعادة تنظيم رحلات العودة الآمنة والطوعية وذلك برعاية واشراف الامن العام”.
وبالاضافة الى الاوضاع الاقتصادية والمعيشية السيّئة في لبنان، اعتبرت الاوساط “ان العودة اصبحت ملحة أكثر مع توسّع رقعة انتشار كورونا وتسلله الى مخيمات النازحين، علماً ان السلطات السورية تتعاطى بشيء من “الكيدية” في هذا المجال. فهي تصرّ على ان يجري السوريون الراغبون بالعودة الفحوص في مستشفيات لبنان، في حين انها تسمح للبنانيين الراغبين بالعودة من سوريا بالخروج من اراضيها من دون ان يخضعوا لفحوص PCR”.
على اي حال، سألت الاوساط السياسية المطّلعة “اين الخطة المبدئية لعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم التي اقرّها مجلس الوزراء في تموز الفائت والتي تنصّ على التنسيق مع سوريا والدول المهتمة بشؤونهم، وذلك من دون ربط العودة بالعملية السياسية في سوريا؟
وإستطراداً اين اللجنة التي شكّلها حزب الله من اجل اعادة النازحين الراغبين بالعودة الى بلدهم؟ ولماذا لا يوظّف حزب الله علاقاته الجيّدة مع النظام من اجل ترتيب عودة النازحين ما دام هذا الملف موضع خلاف بين القوى السياسية بين من يريد تفعيل التواصل مع النظام السوري واخر يطلب وساطة الامم المتحدة؟