بعبدا رمت كرة الاستشارات في وجه الجميع… التوافق مستبعد وفيتو من باسيل على الحريري

8 أكتوبر 2020
بعبدا رمت كرة الاستشارات في وجه الجميع… التوافق مستبعد وفيتو من باسيل على الحريري

بعد 11 يوما من اعتذار الرئيس المكلف السابق مصطفى اديب عن تشكيل الحكومة، رمى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كرة الاستشارات النيابية في وجه الكتل السياسية، في مسعى من رئاسة الجمهورية لتبرئة ذمتها من استهلاك عامل الاطالة والتآكل. وعلى الرغم من ان لا جديد ولا خرق في ملف التكليف والتأليف، إذ ان كل الأجواء والمعطيات لا تزال تفيد بأنّ الدعوة لم تختزن تفاهمات مسبقة لا على إسم الرئيس المكلف ولا على شكل الحكومة. 

كيف تفسر مصادر بعبدا هذه الخطوة ؟ 
تقول هذه المصادر لـ”النهار” ان خطوة رئيس الجمهورية بتحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة في 15 تشرين الأول الحالي جاءت معزولة عن أي تفاهمات مسبقة، لكن الرئيس عون توافق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري عليها وحصل بالفعل امس اتصال هاتفي بينهما اطلع خلاله عون بري على تحديد موعد الاستشارات. واعتبرت المصادر نفسها ان مهلة الأسبوع الفاصلة عن موعد الاستشارات ستشكل فرصة كافية للكتل النيابية لكي تسمي مرشحها لرئاسة الحكومة علما ان الرئيس عون لن يعقد أي لقاءات قبل الاستشارات ولو اجرى بعض الاتصالات الضرورية لتسهيل اجرائها وإنجاحها. وتشير دوائر بعبدا في هذا السياق الى ان الرئيس عون لا يضع أي فيتو على أي اسم لتولي رئاسة الحكومة يأتي نتيجة الاستشارات التي سيجريها. وقد جاءت خطوته امس بحسب دوائر بعبدا بعد التأكد من ان قنوات الاتصال كانت متوقفة تماما بين مختلف الافرقاء . وإذ يبدو في خلفية الموقف الرئاسي كما في خلفية مواقف كثيرين ترقب لما سيعلنه الرئيس سعد الحريري في إطلالته التلفزيونية مساء اليوم، تؤكد دوائر بعبدا ان رئيس الجمهورية يسعى الى تحريك المبادرة الفرنسية ملمحة الى تواصل سيتم بين بعبدا وحلقة الرئيس ماكرون التي تتابع المبادرة الفرنسية. وتشدد على ان عون لن يقف متفرجا خلال مهلة الستة أسابيع التي حددتها باريس وما أراده هو حض رؤساء الكتل النيابية على القيام بالدور المطلوب منهم لتسمية شخصية رئيس الحكومة فضلا عن تزاحم الملفات الضاغطة المالية والاقتصادية والمعيشية التي تحتم تحمل المسؤوليات كما ان هناك تحضيرا يجري للمفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية والبرية في ظل عدم وجود حكومة فعالة وكل تأخير في تشكيل الحكومة الجديدة يدفع الامور نحو الأسوأ.

 
وعلم في المقابل ان رؤساء الحكومات السابقين عقدوا امس اجتماعا في بيت الوسط وان الرئيس سعد الحريري لا يزال على موقفه بعدم الترشح وبعدم تسمية مرشح بما يعني ترك الكتل تسمي مرشحيها. وتعتقد مصادر معنية انه في حال عدم توافق الكتل النيابية على مرشح توافقي من الان والى الخميس المقبل فمن غير المستبعد ان يرجئ رئيس الجمهورية عندها الاستشارات الى موعد لاحق.  
وفي هذا الاطار، تؤكد مصادر مواكبة لـ”نداء الوطن” أنّ “كل فريق لا يزال على موقفه ولم يطرأ أي تقدم حتى الساعة”، معربةً عن اعتقادها بأنّ “قوى 8 آذار تنتظر أن يبادر الرئيس سعد الحريري بالخطوة الأولى لتحديد مسار الأمور، وعليه يصح القول بأنّ الاستشارات ستبقى واقفة حالياً “على إجر ونص” بانتظار ما سيقوله اليوم في إطلالته المتلفزة.
وإذ نفت أوساط قصر بعبدا أن تكون الدعوة إلى الاستشارات مرتبطة بالمبادرة الفرنسية، إنما أتت انطلاقاً من “التزام الدستور”، لافتةً إلى أنّ هذه المبادرة هي حالياً متعثرة في شقها السياسي لكنها مستمرة في شقها الاقتصادي، برز أمس تأكيد وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان انعقاد مجموعة الاتصال الدولية بشأن لبنان خلال أيام للتأكيد على الحاجة لتشكيل حكومة، معلناً كذلك عن عقد مؤتمر مخصص لتقديم المساعدات الإنسانية للبنان الشهر المقبل.
واستبعدت مصادر مطلعة على موقف الرئيس عون لـ”اللواء” ان يكون لديه أي توجه في تأليف حكومة شبيهة بالحكومة المستقيلة، مرجحة ان تكون الحكومة تكنوسياسية من زاوية ان المبادرة الفرنسية هي نقطة الانطلاق.

وحسب متابعين، فإن الرئيس عون لا يرغب ان يتحمل وحيداً مسؤولية عدم التوافق، وان لا حاجة للتوافق على التأليف قبل التكليف، وفقاً لما كان فريقه يردد.. وبالتالي لم يحدث تفاهم مع برّي.. وليتحمل كل طرف مسؤوليته، لئلا تلقى أعباء رفع الدعم في غضون الأشهر القليلة المقبلة على عاتق الحكم في ظل غياب حكومة مؤلفة اصولاً..
موقف الحريري اليوم
ويُفترض ان يحدد الحريري موقفه مساء أمس من كل التطورات الحكومية والسياسية والاقتصادية والمالية، وحسب مصادر مطلعة فثمة اربعة محاور رئيسية في الاطلالة: الاول يتناول بشكل تفصيلي كل خفايا المبادرة الفرنسية وكيف افضت الى تسمية مصطفى اديب رئيسا للحكومة وكيفية الانقلاب عليها بسلسلة من العراقيل المفتعلةمن الثنائي الشيعي لغايات لا علاقة لها بتشكيل الحكومة وتاثيرات فشل المبادرة على حل الازمة الحكومية والاقتصادية والاجتماعية وامكانيات اعادة احياء المبادرة الفرنسية من جديد. ويتحدث عن علاقته مع الثنائي الشيعي حاليا بعد الذي حصل.اما المحور الثاني فيتناول كيفية تعاطيه مع الكتلة مع الاستشارات الملزمة وعما اذا سيقبل تسميته هذه المرة ضمن الظروف أوانه ملتزم بذات الشروط السابقة او اذا كان مستعدا لتكرار تجربة تبني تسمية شخصية اخرى كمصطفى اديب وموقفه من طرح الرئيس نجيب ميقاتي لتشكيل حكومة مطعمة.اما المحور الثالث فيتناول علاقاته السياسية  أصدقاء وحلفاء وخصوم وكيفية التعاطي معهم بالمرحلة المقبلة، ورؤيته للحل بالمرحلة المقبلة. أما المحور الرابع فيتناول موضوع الاتفاق عن الترسيم الحدودي المائي مع إسرائيل وموقفه منه وامور وقضايا اخرى.

وتردد انه في حال أصر الحريري على موقفه بالاعتكاف عن تولي المنصب، تتجه الانظار الى احتمال تكليف شخصية نيابية سنيّة، في حال تم الاتفاق على حكومة تكنو- سياسية، ومن دون اسقاط اسم المرشح المعتذر مصطفى أديب.

كما يُنتظر ان يقوم الرئيس بري باتصالات لتسهيل التوافق على التكليف والتأليف، وثمة من راهن على انه سيحاول إقناع الحريري بالترشح للمنصب او تسمية شخصية من اختياره، لكن تبقى مسألة الاتفاق على التأليف ايضاً رهن بالاتصالات التي ستجري هذا الاسبوع.
باسيل يرفض الحريري
في المقابل، أشارت صحيفة “الأخبار” الى ان أن المشكلة الكبيرة هي في موقف الوزير السابق جبران باسيل. فالأخير يرفض رفضاً قاطعاً عودة الحريري الى السراي. ولأجل قطع الطريق عليه، جرى التداول بمعلومات تفيد بأن “باسيل يعمل على تعويم السفير مصطفى أديب من جديد”. وبينما تنفي مصادر التيار الوطني الحر ذلك، علمت “الأخبار” أن “أديب تلقّى اتصالات كثيرة من بيروت تطالبه بالعودة”، لكنه “يرفض ذلك قبلَ التوصل الى اتفاق نهائي، فهو يريد ضمانات تتيح له التأليف فورَ مجيئه”.
هذه السلبية التي ترافق المشهد الحكومي، باغتها أمس إعلان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن المؤتمر الدولي الثاني لمساعدة لبنان بعد الانفجار الضخم في مرفأ بيروت، سيعقد في تشرين الثاني وليس في تشرين الأول.
وأوضح لودريان أن هذا المؤتمر سيسمح بـ”الانتقال إلى المرحلة الثانية”، وهي مرحلة “إعادة بناء” المرفأ والأحياء المتضررة في بيروت، بعد مرحلة أولى كان عنوانها “الطوارئ”. وكانَ لافتاً تحذيره مرة جديدة من “تفكك لبنان، لا بل من زواله إن لم تؤلف حكومة سريعاً، ولم تُجرَ إصلاحات هيكلية”.