منذُ الإعلان عن إتفاق الإطار الذي تمّ التوصل إليه كقاعدة للتفاوض، اعترض كثيرون على أصل التفاوض. بعض المعترضين من المعادين لأي تفاوض مع العدو، الذين يخشون فتح أي باب لدخول “اسرائيل” من “الطاقة” بعدما أخرِجَت بالقوة من الباب العريض. وبعضهم الآخر، ليس سوى من المزايدين على قوى سياسية لبنانية. لكن مخاوف المعادين لأي تفاوض مع العدو تكاد ان تتحقّق. إذ سارعت تل أبيب إلى السعي لرفع مستوى المفاوضات، إلى مفاوضات سياسية، فيما الاتجاه اللبناني يقضي بجعلها مفاوضات تقنية شبيهة بتجربة لجنة مراقبة تفاهم نيسان (1996)، ومفاوضات ترسيم الخط الأزرق بعد تحرير الجنوب عام 2000، وبعد حرب تموز 2006. ترجمة هذه الأفكار الإسرائيلية بدأت من خلال تسريب معلومات عن ترؤس وزير الطاقة في حكومة بنيامين نتنياهو، يوفال شتاينتس، للوفد الإسرائيلي الذي سيفاوض في مقر قوات الطوارئ الدولية في الناقورة، كوسيلة لرفع مستوى التمثيل وإعطاء العملية كلها طابعاً سياسياً. هذا الفخ الاول تجاوزه لبنان، من خلال رفض حضور وزير في حكومة العدو المفاوضات. لكن يبدو ان تل أبيب مصرة على ذلك، من خلال التلويح امس، بإمكان مشاركة الوزير نفسه في المفاوضات “متى لاحظ ان الجانب اللبناني يماطل”! والأدهى من ذلك، وهو ما يحتاج إلى موقف لبناني حاسم، أن العدو قدّم “تخليه” عن فكرة مشاركة شتاينتس في المفاوضات كخطوة مهمة، لكنّه فخخ الوفد المفاوض بما لا يقل خطورة عن مستوى وزير. فالوفد سيرأسه المدير العام لوزارة الطاقة. يمكن، تجاوزاً، اعتبار هذا المستوى تقنياً، وموازياً لمشاركة لمشاركة رئيس هيئة إدارة قطاع النفط في لبنان. ويضم وفد العدو رئيس قسم التخطيط الاستراتيجي في جيش الاحتلال، العميد اورين سيتر. هنا أيضاً، يمكن تجاوزاً اعتبار هذا المستوى موازياً لمستوى نائب رئيس الأركان للعمليات في الجيش اللبناني الذي سيرأس الوفد اللبناني. لكن ما لا يمكن لبنان القبول به هو إدخال شخصيتين في الوفد، هما من المستوى السياسي المحض، أي المستشار السياسي لرئيس حكومة العدو، رؤوفين عازار، ورئيس المنظومة السياسية في وزارة الخارجية الاسرائيلية، ألون بار. عند هذا المستوى، يبدو جلياً ان العدو مصرّ على ان تكون المفاوضات سياسية لا تقنية، تماماً كإصراره على أن تكون المفاوضات مباشرة. ولا بد من موقف لبناني حازم، يمنع تحويل محادثات، عبر الامم المتحدة، إلى مفاوضات ذات طابع سياسي بحت، تبحث اموراً سيادية. ويصبح هنا مفهوماً أيضاً ما حاول العدو دسّه في اتفاق الإطار، عندما حاول إضافة عبارة تقول إن الاتفاق على حدود المنطقة البحرية الاقتصادية الخالصة يتم بناءً على محاضر جلسات التفاوض. وقد رفض الجانب اللبناني هذه العبارة، لانها تعني ان الحكومة ستكون موافقة مسبقاً على كل ما يدور في جلسات الناقورة، فأسقِطَت العبارة من الاتفاق.
أسماء الوفد التي اعلن عنها شتاينتس ليل أمس، يريد العدو ان يسجّل عبرها اكثر من هدف في آن معاً:
1- فرض مستوى سياسي للمفاوضات.
2- إحراج الجانب اللبناني، بعد موافقته على مبدأ التفاوض غير المباشر، ورمي الكرة في ملعبه لاتهامه بتعطيل الترسيم الذي سيتيح التنقيب عن النفط والغاز في منطقة واعدة.
3- إحراج الرئيس ميشال عون عبر تحميله مسؤولية امام الأميركيين في حال رفضه مستوى تمثيل العدو في المفاوضات، بعدما اعلن الرئيس نبيه بري اتفاق الاطار الخالي من المستوى السياسي.
4- إحراج حلفاء الرئيس عون، واولهم حزب الله، الذي سيكون مضطراً إلى اتخاذ موقف من هذا المستوى من التفاوض. ومن غير المستبعد ان يكون توقيت الإعلان عن المستوى السياسي لوفد التفاوض المعادي مرتبطاً بصدور موقف عن كتلة الوفاء للمقاومة النيابية، امس، التي اكدت أن “تحديد إحداثيات السيادة الوطنيّة هي مسؤوليّة الدولة اللبنانية، المعنيّة حصراً بأن تعلن أن هذه الأرض وهذه المياه هي أرضٌ ومياهٌ لبنانيّة. وترى الكتلة، خلافاً لكل الكلام الذي قيل هنا وهناك، أنّ الإطار التفاوضي حول موضوع حصري يتصل بحدودنا البحرية الجنوبيّة واستعادة أرضنا وصولاً إلى ترسيم مواقع سيادتنا الوطنيّة، لا صلة له على الإطلاق لا بسياق المصالحة مع العدو الصهيوني الغاصب لفلسطين ولا بسياسات التطبيع التي انتهجتها مؤخراً وقد تنتهجها دول عربيّة لم تؤمن يوماً بخيار المقاومة ولم تمارسه ضدّ عدوّ الأمّة في يومٍ من الأيام”. لقراءة المقال كاملاً إضغط هنا.