العالم معتقل، الألم سكن بيننا والعذاب الذي مر عليك “يا إيلي” في أيامك الصعبة صار عذاب الدنيا كلها، وجهاز التنفس الذي كان رفيق أيامك الاخيرة هو اليوم جهاز لملايين الموجوعين، بعد رحيلك، تعبت رئات الأرض، ضاق النفس، وبين سنة وسنة صار حلمنا اليوم أن نهزم الكثير من الامراض الي تراكمت فوق أكتافنا”.
أضافت: “قاسية الدنيا من بعدك، والأسى يكمن بعدم قدرتنا على الاجتماع على جنازتك السنوية،اللقاء صار جريمة والتباعد هو الشعار الذي يجمعنا، ويا الله كم سنحارب من الامراض لنحارب. أنحدثك عن ألم الناس من جائحة العصر، أو عن أوجاعهم الكبيرة من وطن مريض؟ اليوم كما أتمنى الشفاء لكل من اختبر هذا الوباء، أيضا أتمنى الشفاء لبلدنا لأن ما يمر به اليوم هو: كورونا سياسية، اجتماعية، اقتصادية، حياتية، وكل الخوف أن يصبح لبنان الذي بات على جهاز التنفس، في النفس الأخير، وكما نصلي للموجوعين نملا الصلوات لبلدنا، ولشعب آمن بوطنه وتمسك بأرضه وفجأة شاهد مدينته تحترق، عاصمته تقع، والأحلام طيرها عصف”.
وتابعت: “جرحك يا بيروت علم فينا. الذين رحلوا لم يكونوا رقما. هؤلاء ناس، أصحاب، رفاق، كان لديهم أمل ومشاريع يريدون استكمالها، هؤلاء عمر ورحلة قهر، لا لن ننسى ما مر عليكم ويجب أن تكون جروحكم رسالتنا ولن ننسى أن حقيقتكم لا زالت غامضة، وأن 200 ضحية والاف الجرحى ومئات البيوت المدمرة، لا زالت تفتش عن سر الموت.
حقكم علينا يا أهل مدينتنا، ويجب أن يبقى صوتنا عاليا، ولكن نحن مواطنون لا دولة، نحن اليوم كتلة مشاعر لا كتلة سياسية، ربما لهذا السبب نحن أصدق، بيروت جعلتنا نشعر للمرة الاولى أننا كلنا بيارتة، كلنا أهل هذه المدينة المجروحة وان غبرتك يا بيروت دخلت كل قلب بكل حب”.
وطالبت سكاف بـ”الاسراع في إنجاز ملف متكامل بجريمة المرفأ”، وقالت: “دعونا نقول لهؤلاء الناس المجروحة ان أولادهم وأهلهم لم يذهبوا “فرق عملة وإهمال”، القلوب فعلا محروقة، ولا ينقصها مزايدة في الكلام. ولكن لو لمرة واحدة دعونا نشعر أننا في دولة تحترم ضحاياها وفي نيتها أن تخبرهم كل الحقيقة”.
وأردفت: “حتى اليوم، ما زلتم تعيشون المسرحية نفسها: هذا وقع، هذا لا علاقة له، راسلوا لم يراسلوا، هيئة قضايا، أجهزة أمنية، المدراء، الوزراء، المسؤولون هل من أحد منهم قدم للمحاسبة؟، ما زلنا عند مستوى الموظفين، الملحمين، الذين لا كبير لهم؟، حسنا، هذه حقيقة برأيكم؟”.
وأكدت حق اللبنانيين بمعرفة “الهوية الكاملة للمجرمين الذين قتلونا بعد أن سرقونا”، سائلة: “كم هناك من حقائق يجب أن تكشف أمام اللبنانيين، من سرق حلم عمرهم؟ من تركهم للمصير المجهول حتى أصبحوا يتمنون الهجرة والسفر بعبارات الموت؟، من سمح لمستقبلهم أن يطوف على شواطئ المتوسط؟ ويصيرون جثثا ضائعة تفتش على إسم وهوية”.
وقالت: “نحن، مزيج من كل هذه الناس، المهاجرين والمقيمين بألم وحسرة، والطامحين لانقاذ أولادنا من مصير مجهول، والسؤال الذي نطرحه على أنفسنا: أين كانت دولتنا من كل هذا الخطر؟، ألم تشعر أن الدمار سيصل الينا؟ ألم تحس أنه يجب عليها التحرك قبل وقوع الكارثة؟، ونستغرب لماذا كان هناك ثورة في تشرين؟، هذا أقل الايمان ان الناس تنتفض على واقعها وتندلع ثورة ناس من أنقى الثورات في عالمنا الحديث، وعندما تكون محروقا وموجوعا تشعر ان عليك العودة الى الارض .. ل”تربي فيهن الارض”.
أضافت: “وعلى مشارف الذكرى الاولى لثورة 17 تشرين العظيمة، نجدد أملنا بالتغيير ونؤكد أن الكلمة الأولى والاخيرة هي للناس القادرة وحدها على التغيير، يكفي تخديرا ونفاقا، واستدعاء وساطات دولية وأنتم تعرفون أن مشاكلكم تستطيعون حلها بلحظة تفاهم، وضعتونا في المعادلات الاقليمية، والانتخابات الأميركية، وصراعات إيرانية، سعودية وأميركية ووساطات فرنسية، وترسيم حدود لبنانية مع أعداء إسرائيليين، لكن ما ذنب الناس لتنتظر، ما علاقتهم بمعادلاتكم؟، وكل الذي نطلبه مجرد حياة عادية، وبجردة سنة جردتمونا من حقوقنا. وبكل خيبة أمل نراكم من تشرين الى تشرين، عائدين الى نقطة الصفر، وكأن لا شيء تغير والذين استقالوا تحت ضربات الثورة، وكل الذين انسحبوا من الحكومة، بات لزاما علينا أن نراهم زعماء للانقاذ وقيادات ثورة، الطبقة نفسها تعيد انتاج نفسها..”كلن يعني كلن”، ولكن يعودون: كلن يعني كلن”.
وتابعت: “بعد أن سرقتم أحلامنا، واعتقلتم أموال الشعب، تهددونه برفع الدعم عن حاجاته الاساسية، هل ما زال هناك من حكام بهذا المستوى؟، تختلفون على ماذا اليوم؟ على استشارات رئيس حكومة مكلف، رئيس يتكلف ولا قدرة لديه للتأليف، حكومة تصريف لا تصرف، رئيس ذهب في تشرين الأول وعائد في تشرين الثاني، ثنائي ومثالثة ومداورة ودستور يتكسر تحت دعساتكم، الذين استحوا ماتوا، لكن أنتم ما زلتم أحياء تتقاسمونا، ونحن جثث وأشلاء”.
وأردفت: “جميعكم يعيش التناقضات، منكم الساكت ومنكم الراضي، والذي عاش على أمل أن يتغير شيء ما غدا، أين نوابنا اليوم؟ وأين الاحزاب؟، وأين التيارات؟،الستم أنتم من جرمتمونا عندما انتقدنا تحالفاتكم على حساب إلغاء الاخرين، التحالفات أصبحت مدعاة للسخرية، والتفاهمات التي كانت على حسابنا تبين أنها مجرد حسابات وهمية، وهذه الحسابات أيضا تجيش طائفيا ساعة تريدون للأسف”.
ورأت أن “الاحتقان هو الغالب، وكلما انتقدنا زعيما او مسؤولا تستنفر العصبيات المذهبية والحزبية للدفاع عنه، وهنا المواطن المحزب والتابع والناشط ايضا يتحمل مسؤولية”، مخاطبة هذا المواطن: “انت كيان وحر ولك رأيك، وليس كلما وجدت أحدا يخالفك الرأي، يحولونك الى متراس طائفي بغيض”، مؤكدة “كما نلوم دولتنا، أيضا هناك لوم كبير على كل مواطن ينجرف وراء المذهبيات والحزبيات، ويقبل أن يكون كيس رمل للزعامات”.
واعتبرت أن “الثورة في تشرين هدت كل الاصنام وهزت عروش وكيانات، وثمارها رأيناها بسقوط حكومات وبفرض خيارات حرة، ولا زالت النتائج مثمرة وأخرها في الانتخابات الطلابية في الجامعة اللبنانية الاميركية، وباعتقادنا أن الكورونا هي وحدها حمت السلطة، ولولا الخوف من انتشار الوباء لرأينا الناس صنعت بلدا وجرفت اصناما، واذا أردنا التحدث على “قدنا، قد مدينة زحلة”، أين نوابنا من كل الذي حصل، جوابنا أنكم كنتم أداة وملحقين، ولم تفكروا إلا بمصلحة أحزابكم وتياراتكم لا بمصالح أهلنا، بعضكم استقال شكليا وقلبه مع السلطة، والبعض الاخر هو سلطة وغير قادر على المواجهة”.
وقالت: “لا أحد يحاول أن يبيعنا مواقف ولا يعلمنا كيف يكون الوجود، اليوم مصلحة لبنان أهم من كل مصالحكم، وبفرصة أخيرة ندعو السلطة الى الاعتذار من كل اللبنانيين، والاعترف أنها كانت على خطأ، ولكن أيضا مجرد الاعتذار لن يطعم الناس الخبز، حتى الخبز سيصبح ب”الشحادة”، والدواء والبنزين ببطاقة تموينية، وسيقف المواطن كالمتسول على أبواب المستشفيات والصيدليات والافران”.
وختمت: “أين كنا من سنة وأين أصبحنا، أما الـ5 سنوات على غيابك يا إيلي فهي دهر، الآوادم رحلوا، وظل المتآمرون النائمون، الناس تريد من اليوم وصاعدا، حكاما واعين، لا ينامون”.