الحكومة حاجة.. الاستشارات لجواب مؤكد حول البرنامج الإصلاحي قبل التكليف والتأليف

12 أكتوبر 2020
الحكومة حاجة.. الاستشارات لجواب مؤكد حول البرنامج الإصلاحي قبل التكليف والتأليف

كتب محمد شقير في “نداء الوطن”: الاستشارات السياسية لتأليف الحكومة برئاسة سعد الحريري تبدأ اليوم وتسبق الاستشارات الدستورية التي حدد موعدها الرئيس ميشال عون الخميس المقبل.

طبقاً للعرض الذي قدمه الحريري الخميس الماضي، فإن رئاسته حكومة اختصاصيين غير حزبيين، لستة أشهر، مرتبطة بموافقة الفرقاء على البرنامج الإصلاحي للمبادرة الفرنسية، الذي شكك الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بموافقة رئيس كتلة حزبه النيابية النائب محمد رعد عليه في الأول من أيلول الماضي أثناء الاجتماع مع الرئيس إيمانويل ماكرون. فنصرالله تمسك بمشاركة حزبه في تسمية الوزراء الشيعة في الحكومة بحجة وجهة نظره المختلفة عن سائر الفرقاء حيال ركن أساسي من ورقة الرئيس الفرنسي، أي الاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي لا بد من أن يشمل الخصخصة واتخاذ قرارات موجعة بزيادة بعض الضرائب لخفض نسبة العجز… للحصول على دعم مالي يوقف الانهيار المالي الكامل. حجة نصرالله لتسمية الوزراء الشيعة تنسف الشق الإصلاحي للمبادرة، فضلاً عن أنها تنسف الشق السياسي الحكومي، على رغم قوله إنه مع استمرار هذه المبادرة.

طبيعي أن يعتبر الحريري أنه بدون التفاهم على الشق الإصلاحي للمبادرة الفرنسية الذي يشمل برنامجاً تمويلياً لإعمار بيروت، لا معنى لترؤسه الحكومة. والتنازل الوحيد الذي قبل به هو استثناء حقيبة المال من المداورة وإسنادها لوزير شيعي لمرة واحدة. كما أنه يعلم مثل سائر الأطراف، أن لا معنى لحكومة إذا لم تستند إلى الشق السياسي للمبادرة. فضم الأحزاب السياسية إلى الحكومة يعني أن المجتمع الدولي لن يساعد لبنان مالياً لعدم ثقته بالأحزاب. والطبيعي أن يحجم الحريري عن ترؤس حكومة تحمل في بذورها فشله في الإيفاء بوعد وقف الانهيار المحتم، عبر اتفاق مع صندوق النقد يضخ أموالاً في البلد. تفخيخ الحكومة بالشروط سيليه تحميله مسؤولية الانهيار. والاستشارات التي يجريها تهدف إلى جواب مؤكد من الفرقاء حول البرنامج الإصلاحي قبل التكليف والتأليف.

هل من تغيير في المعطيات التي أدت إلى اعتذار الرئيس مصطفى أديب، يعدل في شروط “حزب الله”، دفع الحريري إلى المجازفة الجديدة؟ المقدمات بدت غير مشجعة من “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”.

لكن أكثر من مصدر يقول إنه خلافاً للسابق، حين لم يكن أيّ من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والدول الخليجية متحمسة لترؤس الحريري حكومة إنقاذية، (لكل دولة أسبابها)، باتت مستعدة لدعم مهمته لصعوبة تأمين توافق على اسم بديل للسفير أديب، وخشية استفادة “حزب الله” من الانهيار المالي. فباريس يهمها إحياء مبادرة ماكرون وإعطاء الحريري الذي وضع بيضه في السلة الفرنسية، فرصة جدية لمحاولته. وواشنطن تعلق أهمية قصوى على مفاوضات ترسيم الحدود التي تبدأ الأربعاء المقبل، وإنجاحها يتطلب حكومة تضفي الشرعية على أي اتفاق، قبل إحالته إلى البرلمان. فضلاً عن أنها مع الرياض، تعتبران تبنيهما لخريطة طريق ماكرون الإصلاحية، يلبي ما أصرتا عليه كشروط لمساعدة البلد، إضافة إلى أن بقاء الأحزاب خارجها يشمل “حزب الله” ويحقق هدفاً مرحلياً إضافياً للدولتين.

ما يتوجب مراقبته هو إذا كانت طهران ستبدي ليونة في لبنان شبيهة بتلك التي أبدتها في العراق بوقف قصف المواقع الأميركية، وإذا كان “التيار الحر” سيواصل اتباع سلوك يجنب بعض رموزه العقوبات الأميركية لا يقف عند حدود تسهيل مفاوضات الترسيم بل يشمل قيام الحكومة، لترابط الأمرين.