التكليف مع الفرنسي والتأليف مع الأميركي!

14 أكتوبر 2020
التكليف مع الفرنسي والتأليف مع الأميركي!

سواء بقيت الاستشارات النيابية الملزمة في موعدها المقرر يوم غد أم تقرر ارجاؤها بناء على  قرار من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون او رغبة من رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، بيد أن  الأكيد أن هذه الاستشارات سوف يتمخض عنها تكليف الحريري  بأصوات تياره وكتل التحرير والتنمية والوسط المستقل والمردة والطاشناق وبعض الشخصيات المسيحية المستقلة، وهذا يعني ان مخاض التأليف سيكون محفوفا بالمطبات، ما يعني أنه لن يبصر النور قريباً، وبالتالي يمكن القول طالما إن بعض المعنيين في الحكم يراهن على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، أن التكليف سيكون في عهد الرئيس دونالد ترامب والتأليف في عهد الرئيس الجديد جو بايدن بحسب تقديرات المتابعين لاحصاءات الولايات الاميركية.
يمكن القول إن الحريري الذي رفض مرارا منذ استقالته بعد انتفاضة 17 تشرين، كل محاولات الثنائي الشيعي العودة الى السراي، عاد اليوم ليخوض غمار المشاورات السياسية وإجراء الترتيبات اللازمة لتشكيل حكومة، مظلتها الأساسية والرئيسية المبادرة الفرنسية التي ركزت على الخطط الإصلاحية في قطاعات عدة على قاعدة أن الأزمة الاقتصادية ارخت بظلالها على قدرة المعنيين في السلطة واصحاب القرار على الاستمرار في السياسات السابقة، وبالتالي فإن المرحلة الراهنة تفرض الابتعاد عن النقاشات السياسية والانصراف الى العمل وفق الخطة الفرنسية.
لا يزال الحريري على طرحه القائم على تأليف حكومة من اختصاصيين لفترة زمنية محددة لا تتجاوز الستة أشهر، بيد أن الواقع الراهن يشي بأن حسابات الحقل الحريري لا تنطبق على حسابات البيدر عند الحليف قبل الخصم في إشارة الى الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات والتيار الوطني الحر، فهذه الكتل النيابية على اختلاف توجهاتها السياسية لن تذهب الى تكليف الحريري، رغم تلميحات بعض المتابعين المقربين من بيت الوسط أن النائب السابق وليد جنبلاط  قد يعيد  النظر بموقفه، خاصة وأن موفده النائب وائل ابو فاعور التقى ليل امس الحريري علما ان اجتماعا سيعقد للكتلة عند الخامسة عصرا ليبنى على الشيء مقتضاه حيال المشاركة في الاستشارات وتسمية من سيكلف بالتاليف، بيد أن اجتماع تكتل الجمهورية القوية اظهر  ما يمكن وصفه بالليونة تجاه بيت الوسط هذه المرة من دون ان يتراجع، فهو لن يسمي الرئيس الحريري لكنه في الوقت عينه  لن يسمي أحدا سواه لأنه لا يوجد أحد لديه المواصفات المطلوبة كما اعلن  الدكتور سمير جعجع، علما ان تكتل القوات دأب في الاستشارات السابقة على تسمية السفير نواف سلام.
واذا كانت القلوب البرتقالية – الزرقاء المليانة ققد تفجرت منذ استقالة الحريري على وقع الخلافات الجوهرية التي تظهرت في الاونة الاخيرة، ومحاولات النائب جبران باسيل، القفز فوق الدستور وتجاوز اتفاق الطائف وعمل المؤسسات، وفق توصيف مصادر تيار المستقبل، فإن الواضح وفق المصادر ان باسيل الذي أصبح ثقلا على العهد والتيار الوطني الحر باعتراف عدد كبير من النواب العونيين قبل سواهم من الكتل الاخرى لن يغير موقفه في ذكرى 13 تشرين في المشهد الراهن، وتعمده الغياب عن استقبال وفد تيار المستقبل في ميرنا الشالوحي اليوم لن يقدم او يؤخر، لا سيما أن اي تعطيل لتاليف الحكومة اليوم سيكون بمثابة الضربة القاضية ضد العهد، هذا فضلا عن ان سيف العقوبات الذي يخشاه النائب البتروني، لا يزال مسلطاً بانتظار اللحظة الملائمة.
اذا الرهان يبقى على الثنائي الشيعي. واذا كان رئيس رئيس المجلس النيابي قد قدم لبن العصفور في مرحلة سابقة للحريري  للقبول بترؤس الحكومة، فالثابت اليوم ان كتلة التحرير والتنمية سوف تسمي الشيخ سعد في الاستشارات الملزمة رغم انها لم تعلن ذلك اليوم، في حين ان موقف حزب الله من التسمية يتسم بالغموض حتى الساعة، رغم ان المعلومات المنقولة عن أوساط الحزب تفيد أن الحزب لن يسمي الحريري، وفي هذا القرار تكون حارة حريك قد وفرت لبيت الوسط خدمة مجانية يمكن له أن يستثمرها في الخارج ( في الرياض وواشنطن).
وسط ما تقدم، ثمة من يظن أن الامور سوف تسير يوم غد على ما يرام، والحريري ما كان ليسارع لطرح نفسه مجدداً لولا الاشارات الخارجية التي وصلته والتي تشي بأن ما يسمى “الفيتو السعودي” على عودته لن تستخدمه الرياض لدواع تتصل بما بعد تاريخ 3 تشرين الثاني المقبل، تقول مصادر متابعة للسياسة الاميركية لـ”لبنان24″  فبايدن ليس ترامب، وهو الذي قال إن إدارته  في حال فاز بالانتخابات ستعيد تقييم العلاقات الأميركية مع السعودية وستنهي دعم واشنطن للحرب في اليمن ولن تساوم على قيمها بهدف بيع الأسلحة أو شراء النفط، معلنا ان موت الصحافي جمال خاشقجي “لن يمر عبثا”،؛ علما ان الاوساط المطلعة على الموقف السعودي تشدد على ان الرياض لا  تتدخل في الشان الداخلي اللبناني وبالتالي فإنها لا تضع فيتوات على اي اسم يطرح لتاليف الحكومة، وما يهمها هو الاستقرار في هذا البلد.
وعليه، فإن المصادر المطلعة على الموقف الاميركي، ترى من وجهة نظرها، أن تأليف الحكومة ومفاوضات الترسيم التي بدأت اليوم خطان متلازمان، فالمساران لا يمكن فصلهما، وهذا ما يدركه الثنائي الشيعي ورئاسة الجمهورية، والا عصا العقوبات حاضرة للضرب.
 من هنا يمكن القول بحسب مصادر مطلعة لـ”لبنان24″ إن النائب بهية الحريري التي ترأست وفد المستقبل في جولتها على القيادات السياسية الاساسية، اقتصرت اجتماعاتها على تقديم قراءة للمبادرة الفرنسية تركز على الجوانب الاقتصادية والمالية والاصلاحية وموضوع الكهرباء والكابيتال كونترول والحوكمة،  من دون مقاربة التكليف أو التاليف للحكومة، وهذا يعني أن مبادرة الرئيس الحريري تقوم على مرحلتين الاولى: الاتفاق على البرنامج والثانية البحث في التأليف، وهذا يعني أن الوفد الذي جال على القوى قد فوض حصرا معالجة ما يتصل بالبرنامج للوصول الى نتيجة مفادها ان القوى السياسية غير مختلفة على برنامج الحكومة ومتمسكة بالمبادرة الفرنسية. أما البحث في التأليف فسوف يتولاه الحريري مباشرة بالاتصالات التي تجري معه بالمباشر وغير المباشر.  
وهنا يطرح السؤال حول مصير الاستشارات النيابية الملزمة يوم غد، فهل سيخوضها الرئيس عون من غير تفاهم على التأليف الامر الذي يعني أن الحريري سوف تجري تسميته بعديد منخفض من دون منافس وفي هذه الحال سوف تأخذ عملية التأليف وقتها؟ أم انه سوف يلجأ الى تأجيلها وهذا ما أوحى به خطاب النائب باسيل يوم امس بذريعة المزيد من الحاجة الى الوقت لاستكمال مشاورات التأليف؟ إن غدا لناظره قريب.