كتب محمد شقير في “نداء الوطن”: هل كان يمكن لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن يؤجل الاستشارات النيابية من دون توافق مع “حزب الله” أو من دون إعلامه بنيته؟ وهل أن حرد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل كافٍ لتبرير تأجيل الاستشارات الملزمة التي كان يفترض أن تنتهي بتكليف زعيم تيار “المستقبل” رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بتأليف الحكومة؟ أم أن ما اعتبرته مصادر عون بأن تكليف الحريري سيكون غير ميثاقي لأن كتلة نواب “التيار الحر” (19 نائباً مسيحياً) وكتلة “الجمهورية القوية” أي نواب حزب “القوات اللبنانية” (15 نائباً) لن تسميانه، هو المبرر؟
تُطرح الأسئلة نظراً إلى الغموض حول المناورات التي يمارسها الفرقاء بعد إعلان عرض الحريري ترؤس الحكومة على قاعدة تجديد الفرقاء كافة التزامهم الشق الإصلاحي من المبادرة الفرنسية.
ومع أن باريس لم تظهر تأييدها لعرض زعيم “المستقبل”، فهي واكبته عن قرب وسعت لإنجاحه بعيداً من الأضواء، باعتباره التحرك الوحيد الذي يعيد إحياء مبادرتها منذ أن وجّه الرئيس إيمانويل ماكرون اللوم للقادة السياسيين لأنهم خانوا تعهداتهم له، طالباً منهم تحمل مسؤولياتهم. الأرجح أن باريس لم تُرِد حرق أصابعها مثلما حصل عند اندفاعها لإنجاح مهمة الرئيس مصطفى أديب، إذ جرى إقحامها في دهاليز التجاذبات الداخلية وألاعيبها، فسعت إلى تسهيل عرض الحريري عن بعد.
تكثر الروايات حيال سيل الأسئلة. الأولى تقول إن الرئيس عون أبلغ الحريري صراحة أنه لا يحبذ عودته إلى رئاسة الحكومة، على رغم أن الثاني شرح له أنه يطرح فرصة إنقاذية للبلد بحكومة محدودة المدة الزمنية، فطلب منه عون أن يتفق مع جبران، مع أن الحريري يعتبر أن اتفاقه مع رئيس الجمهورية على الحكومة كافٍ، لأن جبران تحت جناحه.
الثانية تفيد بأنه على رغم أن عدداً من نواب تكتل “لبنان القوي” طرحوا بقوة ضرورة تسمية الحريري لرئاسة الحكومة مقابل رفض جبران، فإن حجة الأخير أن الحريري يتجاهل “التيار” ويتفق مع “الثنائي الشيعي” على الحكومة ويراضي رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، بعدما هاجمه وانتقد إدارته لمسألة عودته للرئاسة الثالثة، فطمأنه إلى التمثيل الحكومي الدرزي. لكنه يحجم عن التواصل معه كرئيس أكبر تكتل مسيحي…
الرواية الثالثة تشير إلى أن رئيس كتلة نواب حزب “الطاشناق” النائب هاغوب بقرادونيان الذي أبلغ كتلة “المستقبل” حين زارته الثلثاء، بتوجه الحزب تقليدياً لترشيح الحريري، وربط الموقف النهائي باجتماع القيادة الأربعاء مساء، ثم لاحظ التشنج الكبير لدى باسيل وبعض نواب التكتل، وسأل عون عما ينويه، فأبلغه أن الأصوات التي سيحصل عليها الحريري في غياب أي مرشح آخر لا تتعدى الـ55 من أصل 120 نائباً، فاقترح عليه تأجيل الاستشارات كفرصة لترطيب الأجواء، مبدياً مخاوفه من أن يكلف الحريري ثم تمتد الأزمة لتعذر التأليف. مصادر “الطاشناق” تجزم بأنه لم ينسق اقتراحه مع أي جهة.
الرواية الرابعة والتي يمكن أن تجمع الروايات الآنفة كلها بواحدة، تفيد بأن “حزب الله” ربما لم يقترح التأجيل، لكنه أبلغ من يلزم بأجواء توافقه مع الحريري على التأليف، ما أغاظ عون و”التيار” فرفضا تولي الحريري المهمة، وجاء التأجيل الذي يتمناه الحزب، من غيره، بدلاً منه.
فالحزب بقي ضمناً على رغبته بتأخير الحكومة إلى ما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية. وإذا كلّف الحريري في 22 الجاري سيمتد التأليف إلى ما بعد تاريخها في 3 تشرين الثاني.