اما وقد عُقدت الجلسة الاولى لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل برعاية الامم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة الاميركية في مقرّ القوات الدولية “اليونيفيل” في الناقورة على ان تُستكمل في جولة جديدة في 26 الجاري، فلا يزال الجدل البيزنطي قائماً حول شكل الوفد اللبناني المفاوض حول ضرورة ان يكون عسكرياً تقنياً محضا كما يطالب الثنائي الشيعي الذي اصدر بياناً فجر الاربعاء متضمّناً موقفه الرافض لتطعيم الوفد بشخصيات مدنية كي لا ينجرّ لبنان الى ما يريده الاسرائيلي الذي يفاوض بوفد رسمي رفيع المستوى يضمّ شخصيات عسكرية ودبلوماسية وخبراء متخصصين.
وركّز الثنائي الشيعي “قصفه” على مفاوضات الترسيم من زاوية شكل الوفد اللبناني المفاوض على رغم اصرار رئيس الجمهورية ميشال عون على تضمينه شخصية مدنية هو عضو في هيئة ادارة البترول، بالاضافة الى صورة جلسة التفاوض، اذ رفض ان يتم إلتقاطها جماعياً (وهو ما حصل)، ما يطرح علامات استفهام حول ابعاد تسليط الاضواء على شكل المفاوضات وعدم التوقف عند المضمون وما اذا كانت ستلتزم باتّفاق-الاطار لجهة تلازم الترسيم البحري والبري كما يصرّ الرئيس نبيه بري ام الاكتفاء بالبحر كما جاء في بيان رئاسة الجمهورية.
وفي الاطار، سألت اوساط سياسية مراقبة عبر “المركزية” “هل التركيز على الشكل دون المضمون هدفه “تحييد الانظار” عن جوهر المفاوضات المباشرة مع اسرائيل التي تعني عملياً الاعتراف بها كدولة وليس ككيان كما تُسمّى في قاموس فريق الممانعة؟ وهل اراد حزب الله خوض معركة رفض الترسيم من ميدان الشكل لحفظ ماء الوجه امام جمهوره وقاعدته الحزبية بعدما وجّه انتقادا في وقت سابق لخطوات التطبيع بين اسرائيل وعدد من دول الخليج واتّهم هؤلاء “بالخيانة” للقضية الفلسطينية، لان ايران ضد اي تقارب او تطبيع مع اسرائيل”؟
وتابعت “هل المشكلة في الوفد والتقاط الصور الفوتوغرافية وطريقة الجلوس حول الطاولة ام المهم هو في انتزاع لبنان حقوقه المشروعة في ثروته الغازية في البحر”؟
من جهته، اعتبر الخبير العسكري العميد المتقاعد خالد حمادة لـ”المركزية” “ان اتفاق-الاطار تجاوز كل طروحات حزب الله التي راكمها في اذهان اللبنانيين من ضمنها العمليات العسكرية في الداخل وتحرير القدس وغيرها من الشعارات، واليوم لا يجد الحزب اي مدخل للقول انه بشكل او باخر يريد ان يتعارض مع طروحات اللبنانيين السابقة التي دعت الى تطبيق القرارات الدولية وتثبيت الحدود اللبنانية وبالتالي الخروج من دوّامة الصراع المسلّح الذي “يفترضه” حزب الله الذي هو من دون افق”.
اضاف “لذلك حاول اخذ موضوع الترسيم على شكل الوفد او على الصورة، لكن هذا لن يُشيح عن حزب الله ما اصبح قناعة لدى اللبنانيين انه وطهران من خلفه استجابا عندما اراد الاميركي فرض الترسيم، وبالتالي كل الكلام الدائر حول التحرير والجهاد منذ العام 2000 وحتى اليوم استُخدم بالسياسة من قبل ايران وبقبول اميركي، وعندما انتهت صلاحيته في نظر الاميركي لم يعد امام طهران سوى الاستجابة لما تريد”.
ولفت الى “ان كلام حزب الله عن شكل المفاوضات موجّه الى اللبنانيين والرأي العام للقول بان هناك “تمايزاً” مع رئيس الجمهورية”، الا انه شدد في المقابل على “ان اتّفاق-الاطار لا يمكن فصله عن رغبة واضحة لدى الايرانيين وعند حزب الله بالرضوخ للرغبة الاميركية”.
واوضح حماده رداً على سؤال “ان من فرض اتّفاق-الاطار لا يمكن لاي احد اخر ان يوقفه، وبالتالي اذا كان الوفد المفاوض في الجلسة المقبلة تقنيا او غير تقني فإن المطلوب عمل تقني، ورئيس الجمهورية في حالة من “التنافس” مع حزب الله من اجل تقديم الخدمات للولايات المتحدة الاميركية”.
وختم “الادارة الاميركية تتغيّر بالشكل لكن السياسة الاستراتيجية تبقى نفسها، من هنا فان حزب الله ليس لاعباً وانما عنصر كما طهران من عناصر المنظومة الاميركية في المنطقة، وبالتالي هو يضطلّع بالدور الذي تُعطيه له هذه الادارة، من هنا لا يستطيع احد ان يُغيّر بمسار الامور الا الاميركي وحده”.