كتبت ايناس شري في “الشرق الأوسط”ك لم تكن مجموعات الانتفاضة التي دعت إلى إحياء ذكرى 17 تشرين الأول تتوقّع مشاركة واسعة من المواطنين تشبه بأعدادها العام الماضي، فمعظم هذه المجموعات كانت تعرف أنّ زخم الانتفاضة بعد عام على انطلاقها لم يعد كما كان في السابق، وهكذا جاء المشهد في بيروت التي توجه المواطنون إليها من مختلف المناطق، إمّا تأكيداً على استمرار الانتفاضة، وإما لاسترجاع مشهديّة طبعت في ذاكرتهم، وكانت بالنسبة لهم حلماً جميلاً لم يكتمل.
“لا أستطيع أن أصف ما أشعر به، أخاف أن أعوّل على المشهد كما فعلت منذ عام، ومن ثمّ أحبطت، وتوقفت عن المشاركة” تقول فرح سعد، مشيرة إلى مشاعر كثيرة تراودها، وهي التي هجرت ساحات الثورة منذ شهر آذار الماضي.
تروي فرح لـ”الشرق الأوسط”، كيف نزلت العام الماضي، وكانت تحلم بلبنان جديد، قائلة: “أعود اليوم إلى الساحة علّ الأمل يعود إليَّ، أريد أن استرجع ذكريات جميلة، ولكنّني أعرف أنّ التغيير ليس ممكناً، فأحزاب السلطة تحاربنا إما بالانضمام إلينا في الشارع، أو بمهاجمتنا، وأعرف أيضاً أننا لم نستطع التوحد على شعار مشترك”.
وإذا كانت فرح عادت اليوم إلى الساحات لاسترجاع الذكريات، فإنّ ريهام رومية الناشطة في حراك صور، التي لم تترك الساحة يوماً، كما تقول، حرصت على الوجود أمس في إحياء ذكرى 17 تشرين، لتؤكد “أن المواجهة مستمرة ضد السلطة السياسية الفاسدة بكل مكوناتها من دون استثناء”.
وتؤكد ريهام على مطالب “17 تشرين” 2019 التي نزل المواطنون من أجلها، والتي تحدّدها بـ”حكومة انتقالية خارج المنظومة الفاسدة، وبقضاء مستقل، ومحاسبة الفاسدين، وقانون انتخابي نسبي خارج القيد الطائفي، وتغيير السياسات الاقتصادية، وتأمين التعليم والطبابة”.
وتؤكد ريهام على مطالب “17 تشرين” 2019 التي نزل المواطنون من أجلها، والتي تحدّدها بـ”حكومة انتقالية خارج المنظومة الفاسدة، وبقضاء مستقل، ومحاسبة الفاسدين، وقانون انتخابي نسبي خارج القيد الطائفي، وتغيير السياسات الاقتصادية، وتأمين التعليم والطبابة”.
انفجار المرفأ لم يغب عن المتظاهرين
حادثة انفجار المرفأ كانت حاضرة بشكل لافت خلال مسيرات إحياء ذكرى “17 تشرين”، فقد رفع المتظاهرون العديد من اللافتات التي تطالب بالتحقيق العادل في هذه القضية، وبمحاسبة المسؤولين عنها، فضلاً عن لافتات طالبت بالإسراع بالتعويض عن المتضررين من جرّاء هذا الانفجار الذي “كان نقطة مفصلية خلال هذا العام، كنا نتمنى ألا تكون”، حسب تعبير محمود فقيه، وهو ناشط في حراك بيروت، مضيفاً في حديث مع “الشرق الأوسط”، أنّ هذا الانفجار “كسر السلطة وعرّاها، وأثبت أن الثوار أهل ثقة وبديل ممكن لهذه المنظومة الحاكمة، إذ وقفوا منذ اللحظة الأولى إلى جانب المتضررين، وتطوعوا لمساعدتهم، فعوّض التكافل الاجتماعي غياب الدولة، وهذا ما دفع بالكثيرين إلى النزول اليوم إلى الشارع لأوّل مرة”.
استمرار للانتفاضة وليس ذكرى
صحيح أنّ المتظاهرين أعادوا الشعارات نفسها، إلّا أنّه كان لافتاً التأكيد على أنّ الثورة مستمرة، وذلك من خلال تذييل عدد من اللافتات بوسم “المواجهة مستمرة» أو “ثورتنا مكملة”، وفي هذا الإطار يقول فقيه إنّ أهمّ ما في تحركات أمس هي “تأكيد استمرار المواجهة مع هذه المنظومة الديكتاتورية”، وأنّ الناس أتوا ليقولوا للسلطة إنّ «نفسنا طويل لأن المواجهة تحتاج إلى وقت”.