إلى أين؟

20 أكتوبر 2020
إلى أين؟
عماد موسى
عماد موسى

يصيبني هذا العنوان بدوار رهيب، بدوخة الحوامل في الشهور الثلاثة الأولى معطوفة على لعيان وغثيان، يُشعرني بانزعاج، بتصدّعٍ وجداني، بقرف أين منه قرف فؤاد كنعان.

لبنان إلى أين؟ سؤال ذو بعد ميتافيزيقي يطرحه عادة من لا يعثر على طربوش لمقال وجداني أخلاقي بحثي مجبول بالغضب والقلق والفلسفة، أو من يحتاج عنواناً لمحاضرة كلاسيكية بليدة وتخونه موهبته الضحلة فيلزقنا هذه الـ “إلى أين” الـ Prototype الفضفاضة السمجة ككتب التربية المدنية في لبنان.


وأحياناً يضيف إلى علامة الإستفهام واحدة “تعجّب” مع ثلاث نقط على نفس السطر


لبنان إلى أين؟ توازي سؤالاً يطرحه سوّاقو السرفيس على مستديرة الدورة وعلى خط الزيدانية وخط الكولا وخط الصالومي- المكلّس ـ المنصورية وعلى الخط الوطني والعروبي.

جميعهم يَسألونك، أنت الواقف كشارة “انتبه أشغال”، السؤال عينه مرفقاً بحركة إستفهامية ترسمها اليد المتكئة إلى الديركسيون: “لوين؟”، وهي توأم “إلى أين؟”.

لك أن تجيب على السائل أو أن تلتزم الصمت وتبقى حيث أنتَ أيها اللبناني المكموم المش عارف الله وين حاطك.

كلما قرأت “لبنان إلى أين؟” أشعر أن لبنان بيك ـ آب محملٌ فوق طاقته أدوية وهربان من حمد حسن.


أفتح هلالين لأسأل بعد الصحة حسن إلى أين؟ أقفل الهلالين وأؤكد أن لبنان أكبر من بيك – أب وأزغر من سكسويل.هو بين بين.


من “لبنان إلى أين؟”يتفرّع الكثير الكثير: الدولار إلى أين؟ لفائف ورق التواليت إلى أين؟الكوفيد 19 إلى أين؟مستقبل أولادنا إلى أين؟أكاديمية الحوار والتلاقي الى أين؟ كيلو صدر الدجاج إلى أين؟ الفخاذ إلى أين؟ عملتنا الوطنية إلى أين؟ سعر ربع وقية الصنوبر إلى أين؟ مدّخراتنا في المصارف إلى أين؟ فرع البنك الذي أقفل في أدما نقل لوين؟ الديموقراطية التوافقية إلى أين؟ الصراع الوجودي بين حسان دياب ودميانوس قطارإلى أين؟ الحشيشة كواقع ومرتجى إلى أين؟ الإقتصاد الريعي إلى أين؟ المراعي الخضراء إلى أين؟ الوضع المتذبذب بين عشيرة آل شمص وآل زعيتر إلى أين؟ وفي هذه العجالة لا بد أن نغوص أكثر في العمق لنطرح معاً معضلات ثقافية: المسرح إلى أين؟ أمير يمان وجوليا إلى أين؟ إشكالية الحداثة والأصالة إلى أين؟ الحركة التشكيلية والمهرجانية إلى أين؟ العولمة والحوكمة إلى أين؟ الـ”تيك توك” إلى أين؟ بين المزح والجد ها قد طرحت باقة من الأسئلة التي لم يسبقني إليها أحد، حتى وليد جنبلاط بشخصه، والآن سأخرج قليلاً لأغيّر الجو لكن إلى أين المسير سألت نفسي؟ فجاءني الجواب من الجبل الملهم “إلى جهنم طبعاً”.

المصدر نداء الوطن