كتب نبيل هيثم في “الجمهورية”: اذا لم يحدث أي طارئ، فإنّ الاستشارات النيابية لن تؤجَّل. هذا على الأقل ما يشي به جمود المواقف من تكليف سعد الحريري بتشكيل الحكومة العتيدة، وهي نفسها المواقف التي دفعت رئيس الجمهورية الى تأجيل الاستشارات الأسبوع الماضي، أملاً بحلحلة سياسية، تسمح بمدّ جسور، ولو متخلخلة، على خط التيارين البرتقالي والأزرق.
انطلاقاً من هذا الجمود الداخلي، والذي يقابله ضغط خارجي، تتقاطع القراءات السياسية عند اعتبار «أنّ رئيس الجمهورية لم يعد يمتلك هوامش كبيرة للتأجيل من أجل «مزيد من التشاور»، وبذلك فإنّ سعد الحريري سيفرض نفسه رئيساً مكلّفاً «ثقيلاً» على العهد وصهره النائب جبران باسيل».
وتتقاطع أيضاً عند اعتبار «انّ تكليف رئيس الحكومة (سعد الحريري)، لا يعني بالضرورة أنّ خواتيم التأليف ستكون سعيدة. فالستاتيكو السياسي الذي يضمن للحريري تسميته، والذي يكبح بالتالي أي رغبة محتملة من قِبل رئيس الجمهورية للتأجيل، هو نفسه الذي يجعل التوافق على طبيعة الحكومة العتيدة وتشكيلتها عنوان معركة حامية الوطيس، سيسعى فيها «العهد» الى تحقيق مكاسب تعوّض «خسارته» في عملية التكليف».
ولا يغيّر في الأمر حجم الضغوط الخارجية، التي تُمارس على الفرقاء السياسيين في لبنان، إن من باريس أو واشنطن، فهذه الضغوط، حتى الآن، لا تزال مقتصرة على التكليف. وهذا ما تشي به التسريبات الديبلوماسية التي تفيد بأنّ فرنسا تمارس ضغطاً هائلاً حتى لا تُؤجّل الاستشارات، وانّها تبذل كل ما في وسعها لإنجاح عملية تكليف الحريري، قبل الانتقال إلى مرحلة اعادة إحياء المبادرة الماكرونية في عملية التأليف.
ينطبق ذلك بطبيعة الحال على موقف الإدارة الأميركية، التي تستعجل بدورها عملية التكليف، وإن كان من المؤكّد أنّها ليست على موجة واحدة مع الإدارة الفرنسية، في ما خصّ عملية التأليف، إن لجهة العمل على استبعاد «حزب الله» من الحكومة الجديدة، أو في الإصرار على أن تكون التشكيلة الحكومية من «الاختصاصيين المستقلين»، أو في الإصرار على التزام الحكومة العتيدة بخريطة طريق صندوق النقد الدولي.
انطلاقاً من ذلك، فإنّ كل المؤشرات، كما يقول سياسيون، توحي بتعثر عملية التأليف، ودخول لبنان مجدداً في الدائرة المفرغة، التي باتت سمة تشكيل الحكومات، وفق سيناريو بات معلوماً – أو بالأصح مملاً، تتلخص فصوله على النحو التالي: تكليف، فألغام، فجمود… فربما اعتذار!
وثمة من هؤلاء السياسيين من يعتقد «أنّ الألغام السياسية، لا سيما التي في جعبة «العهد» وباسيل، باتت جاهزة. تأجيل الاستشارات النيابية بحدّ ذاته كان أولها، وشعار «الميثاقية»، الذي بات حلّاً يراد به باطل، سيكون الورقة الحمراء التي ستُشهر في الأساس من قِبل رئيس الجمهورية و»التيار الوطني الحر»، وربما من قِبل «القوات اللبنانية»، في إطار تسجيل النقاط على خصومها البرتقاليين و»حزب الله» على حد سواء، وهو ما سيجعل أولى العقد التي ستواجه عملية التأليف الحكومي، متمثلة في إصرار مفترض من رئيس الجمهورية على تسمية الوزراء المسيحيين، أسوة بالوزراء السنّة، الذين يفترض أن يسمّيهم الحريري، والوزراء.
لقراءة المقال كاملا اضغط هنا