كتب شارل جبور في “الجمهورية”: أظهرت الوقائع منذ العام 2005 انّه في كل محطة كانت تقترب فيها الأمور من الحسم، كان يبرز تحالفٌ ما تحت مسمّى “رباعي” او “خماسي”، ليجهض الأمل بالتغيير، فهل تتكرّر المحاولة مجدّداً؟
أحد الجوانب الإيجابية للأجسام الطائفية يتمثّل بتجذّرها في البنيان المجتمعي اللبناني، الأمر الذي حال دون ضرب وجه لبنان التعدّدي، وشكّل عائقاً أساسياً أمام «تتريك» لبنان و«سورنته». فلو كان هذا المجتمع قائماً على الفرد فقط لا الجماعات، لكان تحوّل البلد إلى محافظة سورية، او تتطلب الوضع عشرات السنوات لولادة حركة تحرّر شعبية، فيما النظام السوري لم يتمكّن من خرق البنيان الطائفي، على رغم إطباقه السياسي على الواقع اللبناني. وفي اللحظة التي تقاطعت فيها التكتلات الحزبية – الطائفية نجحت بإخراج الجيش السوري من لبنان.
ومن إيجابيات الأجسام الطائفية ومحاسنها ايضاً، أنّها تمنع طائفة واحدة من الهيمنة على البلد. فتلغي التنوع والتعدّد والحرّية والديموقراطية، وتكرِّس مفاهيمها الدينية والدنيوية، فيما التنوع الطائفي يحول دون هذه الهيمنة بفعل التوازن الذي يجسِّده، الأمر الذي يوفّر المساحة المطلوبة من الحرّية لجميع الطوائف ويتيح للأفراد أوسع هامش ممكن لحركيتهم ونمط عيشهم.
وما تقدّم، لا يعني عدم تطوير النظام السياسي باتجاه تغليب المواطنة على اي اعتبار آخر، والفصل التام بين ما هو ديني وما هو مدني. ولكن هذا التطوير لا يتحقق بموقف وقرار و«كبسة زر»، كما انّه ليس من مسؤولية جماعة من دون أخرى، بل هو مسؤولية مشتركة ويتطلّب وعياً سياسياً، وتحقيقه لا يكون بالتذاكي، عن طريق الدعوة إلى إلغاء الطائفية السياسية وتقديم مشاريع قوانين انتخابية، شكلها عصري وحديث وجوهرها تحكيم طائفة بالطوائف الأخرى، إنما تحقيق التطوير يبدأ مع قيام الدولة وولاء كل مواطن لهذه الدولة. ولذلك، فإنّ الهدف الأساس يجب ان يتركّز على الدولة التي تشكّل أساس البنيان اللبناني والمشترك بين الجماعات والأفراد. وبالتالي، اي تطوير يبدأ مع إشعار الفرد انّ مرجعيته هي الدولة. وما قبل تحقيق هذا الهدف، فإنّ كل تحديث للنظام مشكوك بأمره وغاياته وخلفياته.
فلولا التقاطع المسيحي والسنّي والدرزي وشريحة مدنية واسعة في العام 2005، لما خرج الجيش السوري من لبنان. حيث وجد النظام السوري نفسه في مواجهة مع الكنيسة المارونية والحريرية والجنبلاطية السياسية، والتوازن الذي أحدثته 14 آذار في مواجهة 8 آذار، إرتكز الى ثلاثية «القوات» و«المستقبل» و«الإشتراكي» والأحزاب الأخرى من جهة، والمجتمع المدني من جهة أخرى، ولكن في اللحظة التي تباين فيها هذا الثلاثي للاعتبارات المعلومة، تفكّكت الجبهة السيادية، فيما لم يتمكن المجتمع المدني من ان يشكّل الرافعة لهذا المشروع، ولا ان يشكّل عاملاً ضاغطاً على الثلاثي، من أجل تماسك الجبهة السيادية، ما يعني انّ نقطة الارتكاز كانت حزبية بامتياز.
لقراءة المقال كاملا اضغط هنا