في غمرة الاهتمام الدولي بلبنان من بوّابة الدعوات الى ضرورة اجراء اصلاحات بنيوية تُنقذ الاقتصاد والمالية العامة، والذي تكثّف عقب انفجار مرفأ بيروت في الرابع من اب الماضي، بدا لافتاً استمرار غياب السعودية عن المشهد السياسي اللبناني بعدما كانت في صلبه ولو انها لم تنقطع عن مدّه بالمساعدات العيّنية الضرورية عبر مركز الملك سلمان للاغاثة والاعمال الانسانية الذي يعمل في مناطق عديدة.
ومع ان المملكة التي لطالما كانت السبّاقة بالوقوف الى جانب لبنان في عزّ ازماته السياسية والاقتصادية والمالية والمبادرة الى وضع ودائع ضخمة بالعملة الصعبة في المصرف المركزي، لم يعد حضورها بالزخم نفسه كما في السابق، غير ان ابتعادها عن الشأن اللبناني ليس قراراً سعودياً بحدّ ذاته وانما نتيجة لممارسات فريق من اللبنانيين بات يضع المملكة في الوعاء نفسه مع العدو الاسرائيلي خدمةً لراعيه الاقليمي الذي دخل بصراع مع السعودية.
وفي الاطار، نقلت اوساط سياسية عن مسؤولين سعوديين قولهم “ان ليس هناك من تخلٍ سعودي عن لبنان، لان المملكة لم تتركه يوماً وكانت اوّل من تهبّ لمساعدته في لحظات الشدّة، لكن الابتعاد سببه معروف ويدركه المسؤولون اللبنانيون جيداً”.
فهؤلاء بحسب المسؤولين السعوديين “لم يلتزموا بما تعهّدوا به لجهة اعتماد سياسة النأي بالنفس والابتعاد عن سياسة المحاور في المنطقة.
بل امعنوا في الوقوف الى جانب المحور الايراني و”غرّبوا” لبنان عن عروبته ضاربين عرض الحائط اعلان بعبدا الذي ينصّ على حياد لبنان وعدم توريطه في لعبة المحاور التي سترتدّ سلباً عليه، وهذا ما حصل فعلاً”.
ولا يقف “عتب” المملكة على عدم احترام المسؤولين لتوقيعهم على سياسة النأي بالنفس، بل يصل الى بيانات الاستنكار لما تتعرّض له من هجومات متتالية من الحوثيين عبر الطائرات المسيّرة، حيث يغيب الموقف اللبناني الرسمي المُدين لإنتهاك اجوائها وترويع سكانها.
ويستغرب المسؤولون السعوديون وفق ما يُنقل عنهم “غياب الاستنكار اللبناني لما تتعرض له المملكة من هجمات متتالية لطائرات مسيّرة يتم اطلاقها من الاراضي اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
فالمطلوب من لبنان ان يتماهى مع هويته العربية بالوقوف الى جانب اشقائه والتعبير عن التضامن معهم في وقت ازماتهم”.
وفي حين بات معروفاً ان لا عودة سعودية الى المشهد السياسي اللبناني ما دام حزب الله الذي تُصنّفه منظمة ارهابية يتحكّم بالقرار اللبناني ويفرض مشروعه الايراني عليه، يؤكدالمسؤولون السعوديون “ان لا يمكن لدول الخليج، لاسيما السعودية تجاوز موقف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان عن لبنان وحزب الله في كلمته امام الجمعية العمومية للامم المتحدة الاخيرة التي عُقدت عبر تقنية الفيديو، والذي دعا فيه الى نزع سلاح حزب الله المقوّض للسيادة اللبنانية”.
ولفتوا الى “ان لا مساعدات للبنان طالما ارتأى اهل الحكم التسليم بقبضة حزب الله على السلطة.
ولا عودة خليجية الى ربوعه ما دام حزب الله ومن ورائه ايران يحوّلانه الى منصة لاطلاق الرسائل النارية والسياسية.
فالمطلوب من حزب الله العودة من ميادين المعارك التي يخوضها في المنطقة الى لبنان الدولة والمؤسسات وان يكفّ عن التدخّل في شؤون الدول العربية، لاسيما في اليمن، حيث يُقدّم المساعدات العسكرية واللوجيستية والخبرات التدريبية للحوثيين الذين يُشكّلون خطراً على امن المملكة واليمنيين انفسهم”.