غادة عون تحضر عريضة قضائية… الحصانة أولا

2 نوفمبر 2020
غادة عون تحضر عريضة قضائية… الحصانة أولا

كتبت لينا فخر الدين في “الأخبار” استفاق القضاة من كبوتهم، لا للمطالبة باستقلاليّة القضاء، ولا للضغط لإصدار التّشكيلات القضائيّة، ولا حتّى لمواجهة من يعيق المحاسبة. كلّ هذا لم يدفع بـ«حراس العدالة» إلى الانتفاضة، بل ما مسّهم في الصميم هو قانون يرمي إلى تعزيز الضمانات الأساسيّة للموقوف وتفعيل حقوق الدّفاع، الذي نُشر في الجريدة الرسميّة في 22 تشرين الأوّل الماضي. 

كان من المفترض أن تُشهر الأجهزة الأمنيّة أسلحتها في وجه القانون 191، على اعتبار أنّ تطبيقه يعني منعها من ممارسة الضغط والتعذيب على الموقوفين واتّباع الأساليب التقنيّة للبحث عن الأدلّة.  
ولكن المُستغرب أنّ الضربة أتت ممّن نصّ قانون تنظيم القضاء العدلي وقانون أصول المحاكمات الجزائيّة على أن يكون ضامناً للحريّات العامة وحامياً لحقوق المواطنين في الحصول على محاكمات عادلة.
هكذا انقلبت الأدوار بين الأجهزة الأمنيّة التي باتت تؤكّد، ولو فوق الطّاولة، أنّها ستنفّذ القانون، وبين القضاة الذين يخوضون معركة علنيّة على قاعدة «يا قاتل يا مقتول»، على اعتبار أنّ الحصانة التي حوَّلت بعض القضاة إلى «أنصاف آلهة» ستزول حكماً مع تنفيذ القانون، ولن يكونوا بعد اليوم خارج المحاسبة. علماً أنّه ليس القانون الأوّل الذي يجرّم القضاة. 

القضاة: هذه مبرّراتنا
يجاهر القضاة أنّ ما استفزّهم هو النقطة الأخيرة من المادّة الثالثة التي أشارت إلى أنّه «يتعرّض القائم بالتحقيق، سواء أكان من قضاة النيابة العامّة أم من عناصر الضابطة العدليّة، لعقوبة الحبس لمدّة تتراوح بين ثلاثة أشهر إلى سنة وبغرامة تتراوح بين مليوني ليرة لبنانيّة إلى 10 ملايين ليرة في حال لم يُراعِ أياً من الضمانات المنصوص عليها في القانون».
هنا جوهر الخلاف، إذ يعدّ القضاة المعارضون أنّ هذه المادة «غير مقبولة». ولكنّهم يحاولون إضافة اعتراضات أُخرى لحفظ ماء الوجه، ومنها خشيتهم من أن يكون لحضور المحامي في التحقيقات الأوّلية دور سلبي من خلال تلقين الموقوف الإفادة التي يراها مناسبة، وعدم تمكّن الضابطة العدليّة من الإسراع بالاستجواب وكشف الخلايا، خصوصاً في جرائم الإرهاب والقتل والخطف والسرعة، معتبرين أنّ مهلة الـ24 ساعة المُعطاة لحضور المحامي يمكن أن تكون سبباً لهرب باقي أفراد العصابة التي ينتمي إليها موقوف أو قتل مخطوف مثلاً. 
كما يشير هؤلاء إلى أنّ المخافر والمفارز غير مجهّزة بأبسط الأدوات، فكيف ستكون التحقيقات مصوّرة بالصوت والصورة، بحسب ما ينص عليه القانون؟ يُظهر هذا التساؤل أنّ القضاة يحاولون لعب دور الملك أكثر من الملك نفسه، مع تأكيد الأجهزة الأمنيّة أنّها تعمل على تجهيز مراكز التحقيق بالأجهزة اللازمة لتطبيق القانون!  

«القضاء الأعلى» غاضب على عون
وإلى جانب هذه الاعتراضات، يتذرّع القضاة بأنّ لجنة الإدارة والعدل النيابية لم تستطلع رأي مجلس القضاء الأعلى (رأيه استئناسي) بالقانون قبل إحالته إلى الهيئة العامة لمجلس النواب.
ويشير بعض القانونيين إلى أنّ استطلاع رأي «القضاء الأعلى» ليس إلزامياً في هذا القانون ولا تنطبق عليه أحكام المادة 5 من قانون تنظيم القضاء العدلي، على اعتبار أنّه تعديل لقانون أصول المحاكمات الجزائيّة. 
ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك، مشدّدين على أنّ المجلس النيابي سيّد نفسه، سنداً إلى المادتيْن 8 و20 من الدستور اللبناني اللتين تنصّان على أن «شروط الضمانة القضائيّة وحدودها يتمّ تعيينها بقانون وتكون السلطة المشترعة مستقلّة لتحديد تلك الضمانات وحمايتها وتكريسها». 
ومهما يكن من أمر، فإنّ القضاة المُعارضين لوجود ثغرة قانونيّة في التغاضي عن رأي مجلس القضاء الأعلى، هم أنفسهم من قفزوا فوق صلاحيّات المجلس وتجاهلوا وجوده. 
ولذلك، فإنّ «القضاء الأعلى» يصبّ غضبه على النائبة العامة الاستئنافيّة في جبل لبنان القاضية غادة عون التي عبّرت عن استيائها من القانون لرئيس الجمهوريّة، من دون المرور بالمجلس. 

لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا