يُحكى الكثير مؤخراً عن انّ سوريا ستكون من عداد الدول التي ستوقِّع السلام مع إسرائيل، لا سيما انّ نظام الأسد يدرك انّ السلام هو الخطوة الوحيدة التي تمنحه بوليصة تأمين للاستمرار في موقعه السلطوي بمعزل عن شكل النظام الذي سيرأسه بعد التسوية السورية-السورية في ظل الكلام عن نظام فيدرالي يشكّل وحده الحلّ للعلويين والسنة والأكراد.
وما لم يُقدم عليه الرئيس حافظ الأسد في حياته، على رغم المفاوضات التي خاضها مع إسرائيل برعاية أميركية وكادت ان تُفضي إلى السلام لولا الأمتار القليلة في بحيرة طبريا التي شكّلت الذريعة لإجهاض كل المسار السلمي، فإنّ نجله بشار سيضطر إلى الإقدام عليه من أجل الحفاظ على الهدف الأسمى وهو البقاء في السلطة، فيما تجنُّب الأسد الأب للسلام كان مَردّه إلى 4 أسباب أساسية: إلتزاماً بعقيدته البعثية، أمّا البراغماتية التي كان يُظهرها ويتحلّى بها فكانت مَحض شكلية وتدخل في سياق التكتيك السياسي الذي كان يتّبعه حفاظاً على دوره الإقليمي وانفتاح العالم الخارجي عليه. إنّ «هَوسه» الشخصي بالتاريخ وماذا يمكن ان يسجّل عنه جَعله في موقع الرافض لأيّ سلام ينعكس على صورته، وتحالفه الوثيق والاستراتيجي مع نظام الثورة الإيرانية جعله لا يُقدِم على خطوة تؤدي إلى فك هذا التحالف، وخشيته من مزايدة سنية عليه تؤدي إلى عصيان في دولة تشكّل فيها الطائفة العلوية الأقلية مع أكثرية سنية دَفعته إلى استبعاد خطوة السلام عن طريق احتفاظه بإحدى أوراق حكمه وهي المزايدة بالصراع مع إسرائيل.
ولكن ماذا لو اضطرّته الظروف إلى التوقيع ووجد نفسه بين خيارين: السلام او الرحيل على غرار وضعية نجله اليوم؟ وفي الإجابة لكان وقّع السلام بالتأكيد، لأنّ البقاء في السلطة هو الهدف الأسمى الذي يمكن تطويع وفِعل اي شيء في سبيله، فضلاً عن انّ وضع بشار اليوم يختلف عن وضع والده على 3 مستويات أساسية: سوريا في حالة حرب ولم يعد النظام البعثي مُمسكاً بالقرار السوري، تحوّل السلام إلى «موضة» لا «تابو» مع توقيع أكثر من دولة خليجية لهذا السلام و»الحبل عا الجرّار» وسقوط مَقولة سلام الأنظمة لا الشعوب، كما تحوّل السلام إلى اضطرار لا خيار من أجل الاستمرار في السلطة.