بين ‘الدفاع’ و’الهجوم’… ‘التيار’ يستنفر!

3 نوفمبر 2020آخر تحديث :
بين ‘الدفاع’ و’الهجوم’… ‘التيار’ يستنفر!

بين بيان مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية النافي لتدخّل “طرفٍ ثالثٍ” في ملفّ تشكيل الحكومة، وبيان مكتب رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل المتنصّل من أيّ “تدخّلٍ أو حوارٍ مع أيّ طرف”، سُجّلت حالة “استنفارٍ” في صفوف “التيار الوطني الحر” قد تكون الأعلى منذ تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة.


 

ثمّة من يعيد حالة “الاستنفار” هذه إلى “الضخّ الإعلاميّ المكثّف” حول مسؤوليّة الوزير السابق باسيل عن “العرقلة” الحكوميّة التي استجدّت منذ نهاية الأسبوع الماضي، وهو ضخٌّ يصرّ “العونيّون” على أنّه “مُفتعَل”، ويضعونه في سياق “الحملات” المستمرّة على “التيّار”، ومن خلاله “العهد” ككلّ، لتحميله مسؤولية كلّ الأزمات والكوارث.

لكن، إذا كان “الدفاع” هو بوابة “الاستنفار العونيّ” المرصود في الساعات الأخيرة، فإنّ الجانب “الهجوميّ” لم يغِب عنه بتاتاً، وقد تجلّى بأبهى حُلَلِه من خلال بيان باسيل الذي تولّى “رشق الحجارة” في كلّ الاتجاهات، بحديثه عن “تشويه الحقائق”، ولكن الأهمّ من ذلك، عن “سياسة التذاكي في عملية تأليف الحكومة”.

 

“حملة مبرمجة”؟!

بالنسبة إلى المحسوبين على “التيار الوطني الحرّ” والمقرّبين منه، فإنّ “الحملة” على باسيل التي أخذت مداها عبر الإعلام خلال الساعات الماضية، ليست عفوية ولا بريئة، بل جزءٌ من “المؤامرة” المستمرّة على “العهد”، علماً أنّ تزامنها مع “حملةٍ مبرمجة” أخرى تطال قياديّين أساسيّين في تكتل “لبنان القوي” ليس “محض مصادفة”، وفق ما يقولون.

يقرّ هؤلاء بأنّ “التنسيق” بين باسيل ورئيس الجمهورية ميشال عون دائمٌ ولا غبار عليه، لكنّهم يستهجنون كيف أنّ من يتعمّدون “تجاهل” رئيس “التيار”، والتعامل معه وكأنّه غير موجود، يسارعون لتحميله مسؤوليّة أيّ فشلٍ أو خيبةٍ يتعرّضون لها، علماً أنّ الأخير لم يخُضْ حتى اليوم، في أيّ حوارٍ حول الملفّ الحكوميّ، معتمداً سياسة “النأي بالنفس”، أقلّه بانتظار أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.

لكنّ هذا “المنطق” يصطدم بآخر يبني عليه خصوم “التيار” مواقفهم، باعتبار أنّ معظم العقد “المفتعَلة” تتمّ بواسطة “أصدقاء” لباسيل، بعضهم أعضاء في تكتّله، على غرار رئيس “الحزب الديمقراطي اللبناني” طلال أرسلان، الأمر الذي يرفضه “العونيّون”، باعتبار أنّ لأرسلان مثلاً “حيثيّته” الخاصة، التي لا ينكرها “غريمه” في الساحة الدرزيّة رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، ولو كان يسعى لـ “احتكار” التمثيل الدرزيّ في الحكومة.

“وحدة المعايير”!

وإذا كان البعض يردّ على المنطق “العونيّ” هذا بالتذكير بأنّ أرسلان رئيس لكتلةٍ مُنِحت له “هبةً” من “التيار” تضمّ ثلاثة نواب مسيحيّين من أصل أربعة، فإنّ “العونيّين” لا يتردّدون في استبدال “تكتيك” الدفاع عن النفس، بالهجوم المركَّز، للردّ على الخصوم، انطلاقاً من عنوانٍ واحدٍ أطلقه باسيل منذ اليوم الأول للتكليف، وهو “وحدة المعايير”.

المشكلة برأي “التيار” تكمن في “التذاكي”، وهي عبارةٌ تعمّد باسيل تضمينها في بيانه “الدفاعيّ الهجوميّ” الأخير، فالرئيس الحريري يتفاهم مثلاً مع الثنائيّ الشيعيّ على تثبيت الماليّة ضمن حصّته، ويرفض تثبيت الطاقة في المقابل ضمن حصّة “التيار”، ويوافق على أن يسمّي “الثنائي” وجنبلاط وغيرهما وزراءه، لكنّه يقرّر أن يسمّي هو الوزراء المسيحيّين، ليختار منها رئيس الجمهورية من يتلاءم معه، أو بالأحرى، لا يستفِزّه.

حتى تلك “العُقَد” التي يُتّهَم باسيل بافتعالها، تربطها أوساط “التيار” بمبدأ “وحدة المعايير” نفسه، متسائلةً كيف يريد الحريري تمثيل تيار “المردة” مثلاً بحقيبتين مسيحيّتين، وهو الممثَّل في مجلس النواب، مع الحلفاء، بتكتّلٍ لا يضمّ أكثر من أربعة نواب مسيحيّين، فيما يرفض تمثيل “اللقاء التشاوري” سنّياً، وأرسلان درزياً، بحقيبةٍ واحدةٍ، ولو من باب “رفع العتب”.

تخفي “وحدة المعايير” التي تتحدّث عنها أوساط “التيار”، خلف طيّاتها “امتعاض” رئيس “التيار” من تجاهله، رغم كونه رئيس التكتّل المسيحيّ الأكبر، بخلاف كتلٍ أخرى أقلّ حجماً ونوعاً. لكنّها تصرّ على أنّ “المشكلة” في مكانٍ آخر، والإصرار على حرف “بوصلتها”، لن يساعد في حلّها، مثله مثل “التلويح” المتكرّر باعتذارٍ من هنا أو تصعيدٍ من هناك، أثبتت التجارب أنه لن ينفع في “ليّ الذراع”!

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.