لم يكن ينقص مسار تشكيل الحكومة إلا ضربة بحجم اتجاه قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قبل أسابيع معدودة على التغيير الرئاسي، إلا فرض عقوبات على وزير الخارجية السابق، رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، ليقبع في دائرة الشلل غير المبرر فيما البلاد أحوج ما تكون إلى حكومة جديدة تضع قطار الاصلاحات على السكة في أسرع وقت.
فالرجل أكثر من مجرد زعيم سياسي يعد أبرز صقور الفريق الرئاسي في عهد العماد ميشال عون. إنه الأقنوم الدائم الحضور في الاستحقاقات الكبيرة من نوع تأليف الحكومات.
لذلك فإن أحدا لا يشك في أن القنص السياسي الأميركي العالي النبرة في اتجاه باسيل سيصعّب المهمة على الرئيس المكلف سعد الحريري، على اعتبار أن هذا التصعيد النوعي قد يقابله مزيد من التشدد في المواقف والمطالب في الحكومة العتيدة.
تبعا لذلك، دعت مصادر سياسية إلى مقاربة موجة العقوبات المرتقبة على باسيل من زاوية توقيتها. اذ أنها تأتي في وقت لا تزال لعبة تناتش الحصص الوزارية في أوجها، كل لاعتباراته الخاصة.
أما على المستوى الدولي، فإنها تحل على لبنان فيما يلف الغموض هوية الرئيس الأميركي العتيد، بفعل تناقضات كبيرة تحوم حول العملية الانتخابية. فبين الأرقام الكبيرة التي يحققها المرشح الديموقراطي جو بايدن في أهم الولايات، وتهديد الرئيس ترامب باللجوء إلى المحكمة العليا لإعادة النظر في مسار الفرز، قد لا تظهر النتائج النهائية للسباق إلى البيت الأبيض قبل أيام.
ومن هذا المنطلق، أشارت المصادر إلى هشاشة الرهان على الانتخابات الأميركية وخطورة ربطها بالاستحقاق الحكومي، على اعتبار أن في ذلك نكسة للمبادرة الفرنسية، وهي تلقت سلسلة من الضربات منذ إطلاقها في 1 أيلول الفائت.
وذكرت المصادر أن الرئيس المكلف الذي رفض في البداية العودة إلى السراي انسجاما مع موقفه المتماهي مع الثوار، عاد وقرر الدخول إلى صلب المشهد السياسي من باب تعويم المبادرة الفرنسية، بعدما أغرقها حزب الله وحركة أمل في غياهب المحاصصة ، من خلال المطالبة باحتفاظ الشيعة بوزارة المال، وهو تنازل عاد وقدمه الرئيس الحريري شخصيا لتعبيد الطريق أمام حكومته الموعودة.
غير أنه عاد واصطدم باستفادة الجميع من هذا التنازل ليحفظوا مقاعد أحزابهم إلى طاولة مجلس الوزراء، ما يجعل الفريق المنتظر مجرد نسخة منقحة عن حكومة حسان دياب التي فجرتها كارثة المرفأ، بعدما تراقصت طويلا على فوهة بركان الأزمات السياسية والاقتصادية الكبيرة.
بدليل أن السواد الأعظم من الأطراف السياسيين، بمن فيهم أولئك الذين لم يسموا الحريري في الاستشارات، كالنائب طلال إرسلان وباسيل نفسه، يخوضون معركة التمثيل السياسي في حكومة الاختصاصيين المستقلين نظريا، وهي لعبة قد تطول على وقع العقوبات المستجدة على باسيل، وفي انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية.