العقوبات الأميركية على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، على خلفية تورّطه بالفساد وفق قانون ماغنتسكي، بصرف النظر عن تداعياتها السياسية على طموحه بخلافة عمّه الرئيس ميشال عون، هناك تداعيات مالية على الصعيد الشخصي ترتبط بحساباته في المصارف اللبنانية. هذه الأخيرة لن تنتظر بطبيعة الحال “تدقيقًا جنائيًّا” على الطريقة اللبنانية ولا تحقيقًا من أيّ نوع، لتتأكد من مزاعم فساد أداء باسيل في الإدارة اللبنانية، بل ستتعامل معه كما تعاملت مع غيره ممن طالتهم العقوبات الأميركية.
دكتور انطوان صفير، محام وأستاذ في القانون الدولي، أكّد في حديث لـ “لبنان 24” أنّ لا خيار أمام المصارف اللبنانية سوى تطبيق العقوبات الأميركية، وبالتالي ستعمد حكمًا إلى اقفال حسابات باسيل. أمّا الحسابات الخارجية للمشمولين بالعقوبات في المصارف التي تقع تحت القوانين الأميركية، فيصار الى تجميدها لصالح مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC). “صحيح أنّ لبنان لا يطبّق العقوبات الأميركية كدولة، ولكن المصارف اللبنانية ملزمة بتطبيقها بحكم أنّها جزءٌ من النظام المالي العالمي، ومرتكزه الولايات المتحدة الأميركية، والمصرف الذي لا يلتزم بمندرجات العقوبات التي أُقرّت، سواء في إطار (OFAC) أو قيصر أو ماغنتسكي، يعرّض نفسه لعقوبات قانونية ومالية، أو يُمنع في بعض الأحيان من التعامل مع البنوك المراسلة في الولايات المتحدة، وتلك المراسلة خارج الولايات المتحدة التي تتعامل بالدولار الأميركي. وبالتالي الموضوع دقيق والبنوك اللبنانية عليها أن تقفل حسابات باسيل“.
ماذا عن الحسابات العائدة لأفراد من عائلة باسيل، هل تُقفل بدورها؟
يوضح صفير أنّ القرار يتعلّق بشخص باسيل، وكلّ شخص يتبيّن أن هناك تعاون معه في الإتهامات التي وردت في قانون ماغنتسكي، يصبح هذا الشخص تحت طائلة العقوبات أيضًا، ولكن لا تطال العقوبات أيّا كان فقط لأنّه من عائلته، كون العقوبات لا تأتي بالإستنتاج بل تكون واضحة بحقّ المعني. وبالتالي إذا ما تبين وجود علاقات مالية بين الشخص المُدرج على لائحة العقوبات وآخرين، بقصد إخفاء أموال وتمويل صفقات، يصبح هؤلاء حكمًا مشمولين بالعقوبات.
العقوبات الأميركية أدرجت باسيل على لوائح مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، وعليه مُنع من دخول الولايات المتحدة الأميركية. ولكن ماذا عن البلدان الأوروبية وغيرها، هل سيتمكّن من دخولها؟
يوضح صفير أنّ باسيل ليس مطلوبًا من السلطات الأميركية، بل معاقب، على خلفية قيامه بحالات فساد أو اختلاس أموال وسواها في لبنان وفق ما تضمن نصّ العقوبات، وبالتالي لا يُعرّض المصالح الأميركية للخطر، ولن يكون تحت الملاحقة من قبل الأميركيين، ورغم ذلك لن يكون سفره إلى دول أخرى سهلًا كما كان قبل العقوبات، فهناك دول لا تمنح تأشيرة دخول لأفراد مدرجين على لوائح العقوبات الأميركية. ومَن يتمّ وضعه على هذه اللوائح يصبح معرّضا في أيّ لحظة لتوسيع هامش العقوبات، أو المطالبة بتوقيفه، وهنا تمكن الخطورة.
التخفيف من وطأة العقوبات سيكون شبه مستحيل حتّى مع إدارة جو بايدن “إدارة بايدن أو غيره لا اختصاص لها بموضوع العقوبات، بل هي من اختصاص القضاء الأميركي“.
تبقى الإشارة إلى أنّ قانون ماغنتسكي الذي قد يكون أصاب أحلام باسيل الرئاسية بالضربة القاضية، هو عبارة عن مشروع قانون قُدّم من قبل الحزبين الديموقراطي والجمهوري في الكونغرس الأميركي، وصادقَ عليه الرئيس السابق باراك أوباما عام 2012. نصّ القانون في حينه على معاقبة الشخصيات الروسية المسؤولة عن وفاة محاسب الضرائب سيرغي ماغنيتسكي، الذي توفي قيد الإعتقال في سجنه في موسكو عام 2009 بعدما كشف قضايا فساد، وسُمّي القانون باسمه. ثمّ ما لبثت أن فعّلته الإدارة الأميركية عام 2016 بما يخولُ الحكومة الأمريكية فرضَ عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان في كلّ أنحاء العالم، من خلال تجميد أصولهم وحظرهم من دخول الولايات المتحدة.