عقوبات ماغنتسكي على باسيل.. بين الادارة الاميركية وقضائها

8 نوفمبر 2020
عقوبات ماغنتسكي على باسيل.. بين الادارة الاميركية وقضائها

بعيدا عما قاله بالسياسة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في مؤتمره الصحافي الذي عقده ظهر اليوم، لجهة أنه يعاقب أميركياً لرفضه فك العلاقة مع حزب الله، فإن باسيل اعتبر أن قانون ماغنتسكي مخالف لأهم مبادئ القانون الدولي وهو لا يطبّق قانونياً خارج الاراضي الاميركية لأنّه غير مصدّق عليه بأي معاهدة دولية ولا بمعاهدة مع لبنان، مؤكدا أنه يتجه لتكليف مكتب محاماة مكتب محاماة في الولايات المتحدة متابعة قرار ادراج اسمه على لائحة العقوبات  تمهيدا لابطالها لفقدانها الأساس القانوني وطلب التعويض المعنوي والمادي، ليكون موعده مع القضاء الاميركي في مرحلة لاحقة، حيث يتجه إلى رفع دعوى قضائية لدى المحكمة الفيدرالية. 

ولكن من الناحية القانونية أيضا، تتجلى خطورة العقوبات، وفق المتخصص في قانون الشركات والمصارف المحامي حسين يعقوب لـ”لبنان24 أنها صادرة مباشرة من القسم المكلف بمراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأميركية بكل أنواعها، وهي تستند في ذلك لأكثر من قانون مثل قانون قيصر قانون ماغنتسكي وقانون مكافحة الإرهاب، وهذا القانون الواسع للعقوبات، يطال كيانات وأشخاص، وهو مؤذٍ جدًا لمن عوقب أو سيُعاقب، لأن أبعاده متعددة شخصيًا وحزبيًا وكيانيًا. 

ومن البديهي القول إن وضع الوزير باسيل على لائحة العقوبات هو رد على سلوكه السياسي، ويأتي في إطار دفعه نحو سولك نهج جديد يتماشى مع الرغبات الاميركية ومصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة لأن الاجراءات المتخذة في قانون ماغنتسكي قانونيا وماليا تستند،  بحسب يعقوب ،الى المصارف والمؤسسات المالية أي  إلى اقفال حسابات المدرجين على لوائح مكتب مراقبة الأصول والموجودات الخارجية التابع لوزارة الخزانة الاميركية ويستدعي هذا الاجراء توجه اي مصرف لبناني أو مؤسسة مالية اخرى إلى دفع المدرج على لوائح العقوبات إلى سحب ما لديه بها من ودائع وموجودات وانهاء التعامل معه فورا. وليس بعيدا ولان “سويفت” تتحكم بمجمل المدفوعات العالمية، باعتبار انها الوسيط الذي يربط بنوك العالم كافة وأعضاؤها الأبرز منظومة البنوك المركزية الست المسماة:G6، وهي بنوك مراكز المنظومة المالية الغربية “البنك الفيدرالي الأميركي، المركزي الأوروبي، بنك إنجلترا، البنك الياباني، البنك السويسري، والبنك الكندي، فان المصارف المحلية سوف تمتنع عن تحويل الاموال للذين تفرض عليهم عقوبات، كما ويستنتج من حيثيات هذا القانون أن المدرج على لوائح مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (الاوفاك) إذا كان يحوز على أي تأشيرة سفر له إلى الولايات المتحدة تصبح ملغاة حكما كما يحد من حرية سفر المدرجين على هذه اللائحة إلى دول تربطها اتفاقيات او تفاهمات للتبادل او التسليم مع واشنطن. 

في حين يقول الخبير الدستوري عادل يمين لـ”لبنان24″ أن التزام المصارف اللبنانية بالقانون الاميركي ليس انطلاقا من سريان القانون الأميركي خارج أميركا بل خوفا من إنزال المصرف على اللائحة السوداء الأميركية وهو ما يعطل علاقاته بالمصارف المراسلة ويحول دون اجرائه التحويلات. ويقول يمين، إنه بالنسبة إلى الولايات المتحدة، القانون عابر، لكن ليس الامر كذلك بالنسبة إلى باقي الدول لأن كل دولة تتمتع بسيادتها، والقانون الأميركي هو قانون وطني أميركي وليس شرعة دولية أومعاهدة دولية أو قرارآ صادرا عن مجلس الأمن الدولي او الأمم المتحدة، وبالتالي فإن انزال باسيل على لائحة العقوبات الاميركية وفق يمين، لا يعني اصدار مذكرة توقيف بحقه، كون التدبير صدر عن الإدارة الأميركية وليس عن القضاء الأميركي. 

وليس بعيدا، لا يمكن القول، وفق يعقوب، إن هناك اختلافات بين العقوبات على باسيل والعقوبات التي طالت خليل وفنيانوس فهذه العقوبات تتمثل بحجز ووضع تدابير على جميع أملاك وأموال المعاقبين، سواء في لبنان أو في أوروبا وأميركا وكل دول العالم، وتشمل الأملاك المنقولة وغير المنقولة، وجميع من يتعاطى مع المُعاقبين من شركات أو كيانات أو أفراد، كما يمنع عنهم تحريك حساباتهم أو الإيداع فيها، أو التعاطي مع المصارف أو الهيئات المالية المراسلة. 

ومع ذلك، اعتبر الكثير من المراقبين ان العقوبات على خليل كانت بمثابة (رسالة) للمعنيين بملف ترسيم الحدود لضرورة  المسارعة في انجازه بعيدا عن كل محاولات (المراوغة) على الطريقة اللبنانية وان كانت العقوبات صدرت بذريعة الفساد ودعم حزب الله اما العقوبات على  فنيانوس فقد عزت مصادر وزارة الخارجية الأميركية انها أتت في سياق (تورطه) بأدلة ثابتة بتسهيل ودعم نشاطات حزب الله لقاء مبالغ طائلة (على حد تعبيرها). 

ولذلك، يقول يمين ان خطوة الرئيس اللبناني  الطلب من وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال شربل وهبة  اجراء اتصالات مع السفارة الأميركية في بيروت والسفارة اللبنانية في واشنطن للحصول على الأدلة وتسليمها إلى القضاء اللبناني لكي يتخذ الإجراءات القانونية اللازمة بذلك، هي في محلها لان القانون الاميركي استهدف شخصيات لبنانية تولت مسؤوليات حكومية، وفي حال تجاوبت الادارة الأميركية َمع الطلب اللبناني يمكن عندها التفكير بدور للقضاء اللبناني في حال تبين ان القرار الأميركي استند على وقائع تتصل بالفساد. 

وسط كل ما تقدم،  فإن الثابت وفق يمين أن هناك امكانية تعديل القانون بقانون كما يمكن إلغاء القانون بقانون؛ بيد أن رهان التيار الوطني على وصول الرئيس جو بايدن (الديمقراطي) إلى البيت الابيض والتفاهم معه على سحب العقوبات خاصة وان البند الرابع من شروط الغاء العقوبات يحدّد انّه يمكن ان تلغى اذا اقتضت مصلحة اميركا، ليس في محله وفق مصادر متابعة، ومرد ذلك أن قانون ماغنتسكي يمنع ادارة بايدن او اية ادارة جديدة السير برفع العقوبات هذا فضلا عن ان هذا القانون قدم من قبل الحزبين الديموقراطي والجمهوري في الكونغرس الأميركي وصادقَ عليه الرئيس الاسبق باراك أوباما في كانون الاول 2012.