أربعة شوارع بأسماء مطارنة خدموا رعية طرابلس المارونية هم: أنطون عبد، أنطون جبير، جبرائيل طوبيا و يوحنا فؤاد الحاج، أضيفوا الى شوارع أساسية في مدينة العلم والعلماء هي: الراهبات، الكنائس، المطران، مارمارون، السيدة التبانة، السيدة القبة، الراهبات القبة، المطران إلياس قربان، ليؤكدوا مجتمعين أن الفيحاء كانت عبر التاريخ وما تزال حاضنة الوطن بكل فئاته وطوائفه ومذاهبه، وأنها مدينة التسامح والسلام التي تواجه المؤامرات والاتهامات والاستهدافات والاهمال والحرمان بمزيد من التمسك بالدولة والالتزام بالقوانين.
ربما شعر الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي أزاح الستار عن لوحات هذه الشوارع وجال في الأحياء بمشاركة قيادات وفاعليات المدينة، بمدى رضى وفرح الطرابلسيين بزيارته أولا، وبأن تحمل هذه الشوارع أسماء المطارنة الأربعة ثانيا، وذلك بعيدا عن أية حسابات سياسية، أو حساسيات طائفية، أو غرائز دينية، وهي كلها تلاشت أمام الوحدة الوطنية التي جسدتها طرابلس ولطالما آمنت بها وحافظت عليها.
بالأمس، بلع المفترون على طرابلس ألسنتهم، فتسمية الشوارع بأسماء المطارنة، جاءت بقرار من المجلس البلدي الذي لا يوجد فيه أي عضو مسيحي، ويضم مسلمين يمثلون كل مناطق المدينة من التبانة والقبة وأبي سمراء الى الزاهرية والأسواق وباب الرمل والتل وغيرها.
هذا القرار البلدي المتقدم، والنابع من الايمان الطرابلسي بالدور المسيحي في المدينة، لم يمرّ في “الدوائر العثمانية ـ التركية” التي تتحكم بطرابلس وتجند أهلها (بحسب مخيلات البعض) للحصول على “فرمان” يسمح بهذه التسمية.. ولم يحتاج الى “الاذن الشرعي” من “داعش” أو “النصرة” ولم يتم تهريبه من “الارهابيين” الذين يتحكمون بمفاصل المدينة (بحسب إتهامات المغرضين)”.. ولم يعترض عليه “المتشددون” و”المتطرفون” الذين يرفضون الآخر ويعملون على أسلمة البلاد (بحسب إفتراءات بعض أصحاب النوايا الخبيثة).. كما لم يقف القرار أمام أسوار “قلعة المسلمين” بانتظار إعطائه إذن المرور من ساحة عبدالحميد كرامي (النور) حاضنة الثورة بكل أطيافها وأيقونة إنتفاضة لبنان، الى مطرانية الموارنة المتجذرة في التاريخ الطرابلسي والمتماهية مع الطرابلسيين بمختلف أطيافهم.
لا تنفي تسمية أربعة شوارع بأسماء أربعة مطارنة موارنة الصفة الإسلامية عن طرابلس وأهلها، بل على العكس فهي تؤكد تمسكهم بأهداب الدين الحنيف القائم على الاعتدال والوسطية، وتشدد على إيمانهم بالتنوع والاختلاف وقبول الآخر وحسن الجوار، وعلى العمل المشترك مسلمين ومسيحيين لاستعادة دور طرابلس ولفت نظر الدولة إليها تمهيدا للنهوض بها وبمجتمعها، والتأكيد في الوقت نفسه وللجميع بدون إستثناء، بأن طرابلس منفتحة، لكن مخطئ من يظن أنها مدينة مستباحة أو أنها تحتاج في كل مرة الى “فحص دم” بالوطنية والانفتاح!..”.