تمضي الايام واللبنانيون يتقلبون على جمر الرماد المحرق ويكتوون بنار المشكلات المتلونة المراحل بين مالية واقتصادية حينا ومعيشية واجتماعية احيانا الى ان بلغت الذروة حيث باتت الازمة مفتوحة على شتى الاحتمالات وتتهدد الدولة والكيان على ما حذر منه اكثر من مسؤول محلي وخارجي .
ومع هذه الصورة السوداء التي ترتسم في الافق لا تزال القيادات اللبنانية عاجزة عن تشكيل حكومة توقف التدهور السريع المتدحرجة اليه الاوضاع على كافة المستويات ومتلهية في خلافات لا تسمن ولا تسد جوع اللبنانيين الذين باتوا في غالبيتهم يعانون الفقر والحرمان حتى من ابسط مقومات الحياة من عمل وطبابة واستشفاء وسواها من الضروريات التي توفرها لمواطنيها الدول الفقيرة والمتخلفة.
واذ جاءت العقوبات الاميركية على رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لتنسحب على عملية تشكيل الحكومة وتنسف كل ما امكن الوصول اليه بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، فكيف الحال وثمة حديث عن لائحة اسماء في الافق القريب ستشملها العقوبات وتطال قيادات الصف الاول في البلاد، وكيف للرئيسين عون والحريري استكمال طريق التشكيل المليء بالالغام الاميركية؟
من هنا تقول الاوساط المراقبة ان لا حل لمعضلة التأليف سوى في العودة الى مندرجات المبادرة الفرنسية وما دعا اليه الرئيس ايمانويل ماكرون من تشكيل حكومة مهمة من اختصاصيين غير حزبيين تتولى تطبيق الاصلاحات ومفاوضة صندوق النقد الدولي للحصول على المساعدات المالية التي تتيح للبنان وضع حد للمنزلق المالي الذي يتحرج اليه مع ما يستولده من ازمات مفتوحة على كل الاحتمالات بعدما بات لبنان ساحة مشرعة لكل المشكلات والتدخلات.
وتوضح ان فرنسا التي توفد مستشار الرئيس ايمانويل ماكرون لشؤون الشرق الأدنى باتريك دوريل الى بيروت غدا، ستبذل على الارجح الجهد الاخير في مجال اخراج الحكومة من براثن التعقيدات اللبنانية الداخلية والخلافات بين القوى السياسية على توزيع الحصص والمكاسب، وتستطلع اجواء القادة السياسيين عموما في الموالاة والمعارضة، اذ تشمل اللقاءات الفرنسية كليمنصو ومعراب، بحثا عن الخلل الذي يعوق الانطلاق في مسار الاصلاح بعد ثلاثة اشهر ونيّف على انفجار المرفأ واكثر من خمسة اسابيع على المهلة التي منحها ماكرون للقيادات السياسية لتشكيل الحكومة اثر اعتذار مصطفى اديب.
وتشير الاوساط الى ان فرنسا لن تألو جهدا في اتجاه انقاذ لبنان، لكن وعلى قاعدة لن نكون ملكيين اكثر من الملك، تترك للمسؤولين في لبنان لا سيما الرؤساء هامش اتخاذ القرار والحسم، وان لم يحسموا فعلى لبنان السلام!