القضاء بمواجهة كورونا: ما باليد حيلة!

11 نوفمبر 2020
القضاء بمواجهة كورونا: ما باليد حيلة!

كتبت لينا فخر الدين في “الأخبار”: ترتفع أعداد المصابين بفيروس كورونا داخل السّجون التي يتخطى عدد السجناء فيها قدرتها الاستيعابيّة. في هذه الأثناء، تُحاول وزارة العدل بالتعاون مع مجلس القضاء الأعلى تسريع المحاكمات والتساهل في التوقيف وتقديم طلبات إخلاء السبيل. هذه الوجهة تبدو غير مُثمرة، مع انعدام التجهيزات في قصور العدل ومراكز التوقيف، وغياب الرقابة على القضاة وعدم قوننة عمليّة الاستجواب الإلكتروني

 

قضى شاب من آل ش. أكثر من 8 أشهر في أحد مراكز التوقيف في البقاع. الموقوف مُتّهم بجنحة إطلاق نار بهدف التهديد خلال إشكالٍ، ومن دون وقوع أية إصابات. ظلّ موقوفاً تعسّفاً من دون أن يستمع إليه قاضي التحقيق بسبب ضغط الملفات. في هذا الوقت، استحصل الشاب على إسقاط حق، لكن «حظّه العاثر» أبقاه موقوفاً من دون مذكّرة تحقيق وجاهيّة.

 

رقّت قدما والد الموقوف لكثرة تردده إلى قصر العدل، لمطالبة قاضي التحقيق بتحديد جلسة لاستجواب ابنه وإصدار مذكّرة توقيف بحقّه، لكن القاضي أدار «الأذن الطرشاء». هو «الريّس» نفسه الذي نام قرير العيْن في عطلته القضائيّة ليتحوّل الملف إلى قاضٍ آخر أطلق سراح الموقوف لانتهاء محكوميّته منذ أكثر من 5 أشهر.

حادثة هذا الشاب الذي قضى عاماً سجنياً كاملاً من دون أن تصدر بحقّه مذكّرة توقيف وجاهيّة، ليست يتيمة في مراكز توقيف وقصور عدل مُكتظّة ولا تُراعى فيها أبسط حقوق الإنسان. أعداد السوريّين الذين لا يحملون إقامات شرعيّة هم بالمئات داخل مراكز التحقيق. هؤلاء هربوا من الحرب ودلفوا إلى مزراب السجن اللبناني.

 

وبالتالي، يبدو منطقياً أن يفوق عدد السجناء (أكثر من 8000) القدرة الاستيعابيّة للنظارات والسجون الـ 25 الموزّعة على المناطق، طالما أنّ مئات الموقوفين ينتظرون شهوراً تحديد موعد جلسة لاستجوابهم، أو أن هناك من انقضت مدّة محكوميتهم من دون أن يكون بمقدورهم تسديد الغرامات أو كفالات إخلاء السبيل وتعيين محامٍ لمتابعة قضيّتهم، أو من الأجانب الذين يرفض الأمن العام استقبالهم في نظاراته تمهيداً لترحيلهم بذريعة تفشي كورونا.

 

هي أزمة دولة بأكملها تغاضَت عن بناء سجون تأهيليّة وإقرار تشريعات قانونيّة حديثة وزيادة عدد القضاة والنواب العامين، بالإضافة إلى تراخي الأجهزة الأمنيّة وإهمال بعض القضاة لواجباتهم القضائيّة على حساب مصالحهم الشخصيّة، تماماً كعدم تطبيقهم لبعض النصوص القانونيّة (مثلاً المواد: 402، 138 و108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية)، ما يؤدي إلى اكتظاظ مراكز التوقيف بموقوفين… غير موقوفين!

 

من الورقة والقلم… إلى الديجيتال

إذاً الأزمة موجودة. ما زاد الطّين بلة هو انتشار فيروس كورونا وتسجيل نحو 800 إصابة بين السجناء. حينها، دخل القضاء في حالة كوما، وتضخّمت الأزمة حتّى تكاد أن تنفجر. وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم، بالتعاون مع مجلس القضاء الأعلى، سعت إلى إيجاد حلول. أهمّها تعميم فكرة الاستجواب الإلكتروني عن بُعد، وتعليق المهل، ومحاولة عدم إصدار مذكّرات توقيف بحق من يرتكبون جنحاً «بسيطة»، وتسهيل عمليّة تقديم إخلاءات السبيل عبر الوسائل الإلكترونيّة والتساهل بتوقيعها، بالإضافة إلى عدم استئنافها.

 

صارت الصورة سورياليّة: القضاة الذين كانوا بالأمس القريب يعملون في قصور عدل «تنشّ» وآيلة إلى السقوط من دون كهرباء وأنظمة تدفئة وتبريد، ويمرّرون أحكامهم بالفاكس وعلى الورقة والقلم، صار لزاماً عليهم الانتقال إلى عالم التكنولوجيا بكبسة زر ومن دون سابق إنذار.

 

لقراءة المقال كاملا اضغط هنا