والاكيد انّ الإجراء الذي اتخذته إدارة ترامب ضدّ باسيل سيشكّل حافزاً لتجاوز مفاعيل بعض المسائل الخلافية بين الحزب والتيار، وآخرها ما يتعلق بالتباين المستجد حيال مقاربة تركيبة الوفد اللبناني الى المفاوضات على ترسيم الحدود البحرية، وهو التباين الذي وُصف بأنّه كان الأخطر والأوسع منذ توقيع وثيقة التفاهم الشهيرة في كنيسة مار مخايل، علماً أنّ هناك من ربط أسبابه في حينه، بسعي باسيل الى استرضاء واشنطن.
وغالب الظن، أنّ العقوبات الأميركية على رئيس التيار أتت لتعيد خلط الأوراق الداخلية، بحيث انّ الحزب، الذي يحرص على ترتيب الأولويات بدقة، انطلاقاً من أنّ الأهم قبل المهم، يعرف انّ الاعتبارات الاستراتيجية تتطلب في هذه المرحلة «احتضان» باسيل وإعادة تفعيل التحالف معه، بعد الشحوب أو الضمور الذي أصابه أخيراً.
ويبدو أنّ الجانبين يتجهان نحو إجراء مراجعة شاملة لمضمون وثيقة التفاهم، بهدف تحديثها وتكييفها مع المستجدات، كما فُهم من الكلمة الأخيرة التي ألقاها باسيل. ولا يعني ذلك أنّ التمايزات ستختفي، وانّ الفروقات ستذوب، لكن الحزب سيسعى على الأرجح الى تقليص مساحتها والتخفيف من تأثيراتها قدر الامكان، آخذاً في الحسبان دلالات التطور المستجد بعد العقوبات على باسيل.
ولعلّ انقطاع جسور رئيس التيار مع الأميركيين، أقلّه حتى إشعار آخر، سيسمح بـ«إراحة» علاقة الحزب به. وليس خافياً أنّ بعض القريبين من «حزب الله» شعروا في الآونة الأخيرة بأنّ باسيل كان يساير أحياناً واشنطن، عبر بعض المواقف والقرارات، سعياً الى تجنّب الغضب الأميركي عليه، وهذا ما تحرّر منه عقب استهدافه بالعقوبات، الأمر الذي من شأنه أن يزيل أو يخفّف الهواجس التي تسرّبت الى بيئة المقاومة حيال باسيل. وكذلك، فإنّ رئيس التيار لن يعود مضطراً بعد الآن الى تحمّل عناء نسج خيوط التوازن الصعب بين التحالف مع الحزب والعلاقة مع واشنطن.
و»حزب الله» المعروف بوفائه لحلفائه، سيكون حريصاً قدر المستطاع على مراعاة باسيل، عقب معاقبته نتيجة رفضه فك التحالف الذي ربط الطرفين منذ عام 2006، ولو انّ إدارة ترامب حاولت تمويه هذا الاعتبار بتهم الفساد.
والأرجح أنّ الحزب سيترجم وفاءه، وسيعكس تقديره لموقف رئيس التيار، عبر تفهم اكبر لطروحاته وخياراته في الشأن الداخلي، من المشاركة في الحكومة المقبلة الى التحدّيات المتصلة بطريقة مقاربة واقع الدولة.
لقراءة المقال كاملا اضغط هنا.