في غضون ذلك، تشير المعلومات الى أن ما تبقى من إحتياطي مصرف لبنان هو في حدود 850 مليون دولار، أي ما يوازي مصروف شهر، ما يعني أن هذا الاحتياطي سينتهي في منتصف الشهر المقبل أو كأبعد تقدير في نهاية العام، من دون أن يكون هناك أي خطة أو حتى توجه لكيفية مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية للعام 2021 الذي قد يسلك فيه اللبنانيون الطريق الى ما بعد جهنم التي سبق وتحدث عنها رئيس الجمهورية ميشال عون.
لا ينتهي الأمر عند هذا الحد، بل إن لبنان وُضع على لائحة الدول المهددة بالمجاعة، وقد جاء ذلك في نشرة “الانذار المبكر” المتعلق بالأمن الغذائي الحاد الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.
كذلك، لا يمكن إغفال تداعيات إنفجار 4 آب، وجنون الدولار، والبطالة المستشرية، وتوحش الفقر، وإستبداد الغلاء، وأزمات المحروقات والأدوية والكهرباء، وإغلاق أبواب المستشفيات في وجه المصابين بكورونا، ما يهدد بكارثة صحية تستحضر النماذج الأوروبية لا سيما الايطالية والاسبانية التي أعطت الأولوية لمعالجة الشباب على حساب كبار السن.
كل هذه التهديدات والأزمات معطوفة على الموت الذي يلوح في أفق كورونا، لا يحد من الجوع الى السلطة المهدِد للحكومة، فرئيس الجمهورية يصرّ على تبني مطالب صهره جبران باسيل، والرئيس المكلف سعد الحريري يضيع بين المداورة وبين الحفاظ على بعض الحقائب الخدماتية ويرزح تحت عبء التنازلات، وباسيل يعمل على تصفية حساباته مع الحريري، تارة بالتمسك بالتمثيل الدرزي لطلال أرسلان، وتارة أخرى بفرض الوزراء المسيحيين، وطورا بحجم الحكومة المتأرجح بين 18 من دون ثلث معطل، أو عشرينية أو 24 بثلث معطل، في وقت يكتفي فيه الثنائي الشيعي بالتفرج على التجاذبات الحاصلة بعدما إطمئن الى أن حصته محفوظة في وزارة المالية تأمينا للميثاقية التي ينادي بها، والتي يبدو أن عدواها وصلت الى باسيل لفرض شروطه على عملية التأليف برمتها، ما يجعل المعنيين بتشكيل الحكومة في حالة إنفصال كامل عن الواقع اللبناني المأساوي وكأنهم يعيشون في كوكب آخر.
في غضون ذلك، يبدأ اليوم الموفد الفرنسي باتريك دوريل جولته على التيارات السياسية من أجل إحياء مبادرة الرئيس إيمانويل ماكرون، وحث تلك التيارات على تسهيل عملية التأليف، ونقل رسالة تحذيرية من ماكرون مفادها أن التعطيل المستمر سيكون له تداعيات سلبية، خصوصا أن عدم التأليف قبل إنعقاد مؤتمر الدعم للبنان أواخر الشهر الجاري (أشارت معلومات الى إمكانية تأجيله الى الشهر المقبل) سيؤدي الى تحويل المؤتمر من “الدعم الاقتصادي” الى “الدعم الانساني”، وهذا يعني الانتقال من دعم الدولة اللبنانية، الى دعم منظمات المجتمع المدني.
وفي الوقت الذي يأمل فيه كثيرون أن تؤدي جولة دوريل الى تحريك المياه الحكومية الراكدة، تتطلع مصادر سياسية بإهتمام بالغ الى جولة وزير الخارجية مايك بومبيو الذي يزور فرنسا، إسرئيل، تركيا، السعودية، الامارات وقطر، وتخشى من أن تؤدي هذه الجولة الى إعادة خلط الأوراق مجددا، خصوصا أن العقوبات الأميركية الأولى على يوسف فنيانوس وعلي حسن خليل أطاحت بجهود تشكيل حكومة مصطفى أديب، والعقوبات الثانية على باسيل بدأت بتعطيل جهود تشكيل حكومة الحريري.