أمام هذه الصورة التشاؤمية للمتضررين، قدمت المراجع القضائية المسؤولة عن الملف مقاربة مختلفة، إذ شددت على أن المحقق العدلي القاضي فادي صوان اجتاز أكثر من نصف الطريق، واقترب من تحديد المسؤولين عن الانفجار. وأوضح مصدر قضائي بارز لـ”الشرق الأوسط” أن صوان “اتخذ قرارات مهمة وصعبة جداً، أفضت إلى توقيف 25 شخصاً أبرزهم مدير عام الجمارك اللبنانية بدري ضاهر، والمدير العام السابق للجمارك شفيق مرعي، ورئيس مرفأ بيروت المهندس حسن قريطم، ومدير عام النقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي، ومسؤول أمن المرفأ العميد في مخابرات الجيش طوني سلوم، إضافة إلى كبار الموظفين في المرفأ، كما استمع إلى إفادات 53 شاهداً بينهم وزراء الأشغال العامة والمال والعدل الحاليون والسابقون، ورؤساء الأجهزة الأمنية في لبنان الحاليون والسابقون”.
وأوضح المصدر القضائي أن “التحقيق سلك مسارين، الأول يتعلق بالتقصير الذي تسبب بإدخال نترات الأمونيوم إلى العنبر رقم 12 في المرفأ، وكيفية إبقاء هذه المواد الخطرة في حرم المرفأ لسبع سنوات، والمسار الثاني يتعلق بتحديد أسباب الانفجار، وهل هو نتيجة التقصير والخطأ، أم أنه نتيجة عمل أمني وإرهابي مدبر”، مشيراً إلى أن “الجانب الفني أوكل إلى الخبراء الأجانب، الأميركيين والفرنسيين والبريطانيين، تحديد كيفية وقوع الانفجار”.
وقال إن “مكتب التحقيقات الفيدرالية الأميركي (إف بي آي) وضع تقريره الذي يحدد حجم المواد المتفجرة المقدرة بـ552 طناً من أصل 2750 طناً كانت مخزنة في العنبر رقم 12. والتي خلفت دماراً على مسافة شعاعية بطول 16 كلم، وتوزعت أضرارها بين التدميرية والجسيمة والمتوسطة والخفيفة، وبدا التقرير الأميركي ميالاً إلى استبعاد العمل الإرهابي”.
ويعول القضاء اللبناني على مضمون تقرير الخبراء الفرنسيين الذي لم يتسلمه حتى الآن.
ولفت المصدر القضائي إلى أن التقرير الفرنسي “سيكون مفصلياً لجهة تحديد أسباب الانفجار، كون خبراء المتفجرات الفرنسيين عملوا لوقت أطول، وتولوا عملية مسح شاملة لأرض مرفأ بيروت والمباني والمنشآت المدمرة وللبحر، ورفعوا العينات التي يفترض أن تجزم بما إذا حصل استهداف خارجي أو أن المرفأ يحتوي على صواريخ أو أسلحة وذخائر، أو أن قنبلة وضعت في العنبر وأدت إلى تفجير نترات الأمونيوم”.