حاولت فرنسا عبر المبعوث الخاص للرئيس ايمانويل ماكرون، باتريك دوريل إحياء مبادرتها للحلّ، الا ان الرياح اللبنانية والاميركية جرت بما لا تشتهي سفن الاليزيه.
فالمسؤولون اللبنانيون الذين اتّهمهم الرئيس ماكرون بارتكاب “خيانة جماعية” بحق المبادرة الفرنسية التي اطلقها من بيروت خلال زيارتَيه المتتاليتين عقب انفجار المرفأ، يواصلون جرم “الخيانة” بتمسكّهم بمطالبهم لجهة “تفخيخ” مبدأ المداورة في الحقائب وحصر تسمية الوزراء الاختصاصيين بالاحزاب والكتل النيابية التي تريد المشاركة في الحكومة.
اما الاميركيون فيمضون في نهج العقوبات على حزب الله وحلفائه، ويرفضون تشكيل حكومة عليها بصمة الحزب، شكلاً ومهمةً ويتحكّم بها مع حلفائه “المعاقبين”.
وهو ما المحت اليه السفيرة الاميركية دوروثي شيا في تصريحاتها الاخيرة حينما قالت “لن يكون هناك اي شيء مجانياً بعد اليوم وان الإدارة الأميركية لم تتصرّف بعد مثل دول الخليج، بالابتعاد عن لبنان وعدم دعمه”، وتوجتها بالتذكير “ان الولايات المتحدة لم تدعم حكومة حسان دياب لأن حزب الله هو الذي شكّلها، لكنها وقفت إلى جانب الشعب اللبناني”.
إنطلاقاً من هذين “الصاعقين” اللذين إنفجرا امام المبادرة الفرنسية، يعقد الرئيس ماكرون اجتماعاً لخلية ازمة لبنان من اجل الاطلاع على تقرير زيارة دوريل لبيروت ولقاءاته مع المسؤولين السياسيين، وسط معلومات من العاصمة الفرنسية نقلتها مصادر مطّلعة تتحدّث عن “إستياء فرنسي” من التعنّت اللبناني تجاه مبادرة يُفترض انها الفرصة الاخيرة للإنقاذ والا لبنان الى “زوال” كما قال وزير الخارجية جان ايف لو دريان.
وفي حين اشارت المصادر الى “ان فرض عقوبات فرنسية على سياسيين لبنانيين امر مستبعد حتى الان، لان باريس لا تريد ان تزيد الطين بلّة في بلد يعاني من ضغط العقوبات الاميركية”، غير ان “الام الحنون” وفق المصادر بدأت تسلك طريقاً مغايراً للتعامل مع لبنان من خلال “حصر” المساعدات بالمجتمع المدني والـNGO، ومؤتمر الدعم الذي تُنظّمه الشهر المقبل سيُخصص “لتقديم مساعدات انسانية تذهب مباشرة للشعب اللبناني من دون ان تمرّ بالقنوات الرسمية التابعة للدولة، لانها فقدت الثقة بالاجهزة الرسمية والجهات الحكومية”.
وعلى وقع إهتزاز المبادرة الفرنسية يعقد الرئيس ماكرون في الاليزيه اجتماعاً مع وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو الذي وصل الى باريس منذ يومين من ضمن جولة شرق اوسطية للبحث في المستجدات الاقليمية والدولية.
واذا كانت قضية لبنان ستُطرح من ضمن ملف ايران وتضييق الخناق عليها، وذلك خلافاً لما يروّج عن ان فرض عقوبات فرنسية على مسؤولين لبنانيين يُشكّل محور اللقاء وهو ما استبعدته المصادر، لان ملف لبنان لا يُمكن ان يُطرح في لقاء يجمع رئيس دولة كبرى مع وزير خارجية دولة عظمى، الا ان مرحلة ما بعد العشرين من كانون الثاني موعد تسلّم الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن هي التي استدعت اللقاء الذي رُتّب على عجل.
وفي السياق، اشارت المصادر الى “ان بومبيو المُقرّب جداً من الرئيس الاميركي دونالد ترامب سيبحث مع ماكرون في التطورات الدولية عامة والملف الايراني خاصة، اذ سيؤكد لماكرون ان الرئيس ترامب في حال فوزه في ولاية رئاسية ثانية بعد حسم النزاع القانوني سيواصل سياسته تجاه ايران ومشروعها في المنطقة، وستكون باريس شريكة اساسية في ذلك، اما اذا تم تثبيت فوز بايدن فان على باريس الا “تسايره” في سياستة مع ايران وان تُشكّل مع الدول الاوروبية سدّاً منيعاً بوجه “مهادنته” لها، لاسيما في مفاوضات الاتفاق النووي”.