وقال المجذوب: “من بين القضايا الكثيرة الضاغطة على صدور اللبنانيين في هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها وطننا الحبيب، اخترنا أربع قضايا تربوية ملحة راهنا لنتحدث عن تطوراتها للرأي العام:
– القضية الأولى، الاستعدادات التربوية والإدارية واللوجستية لمتابعة التعلم المدمج بعدما يرفع الإقفال العام.
– القضية الثانية، العقبات التي تحول دون تحقيق مشروع المليون ليرة لبنانية لكل تلميذ.
– القضية الثالثة، استعادة الحواسيب المحمولة Laptops.
– القضية الرابعة، العناوين الأساسية لقانون الدولار الطلابي”.
أضاف: “من المتفق عليه اليوم، قانونا وفقها واجتهادا، أن الدولة تتحمل، في حالات معينة، مسؤولية عن تصرفات صادرة عن سلطاتها الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية. إن الطرح خطير بطبيعته ومجمله وتفاصيله وزمنه إلى درجة أنه على أي منا ألا يدعي أن المفاتيح السحرية والسرية هي في يده وإلا كان واهما وضالا سواء السبيل”.
وتابع: “على الرغم من الصعوبات التي نعيشها بسبب تراكم الأزمات، لا سيما انتشار كورونا المرعب، واضطرار البلاد إلى الإقفال العام، كان لا بد لنا من متابعة قضايا تربوية ضاغطة لأن التربية تتمرد على الظروف، وعلى الدولة أن تضع التلامذة والطلاب -داخل لبنان أو خارجه- في سلم أولوياتها، لأننا إن خسرنا التربية نكون قد خسرنا لبنان. القضية الأولى التي تهم اللبنانيين، هي كيفية استكمال العام الدراسي وعدم خسرانه. نعلم أن الفئة الأعم الأغلب من الأهالي اعترضت على قرار إقفال المدارس خلال الأسبوعين الجاريين فطالبت بفتح المدارس على الرغم من إقفال البلد، وأن فئة ثانية فضلت عدم إرسال أولادها حضوريا والاكتفاء بالتعلم الكلي عن بعد”.
وأردف: “نتفهم الأهالي ونقدر حرصهم على صحة أولادهم وعلى تحصيلهم العلمي في الوقت ذاته. ولكن علينا أن نأخذ بالاعتبار واقعنا، فمن جهة أولى ليس لدينا الركائز الأساسية للتعلم الكلي عن بعد كالأنترنت والكهرباء والوسائل التكنولوجية، ومن جهة ثانية أجهد العمل المتواصل القطاع الصحي فعانى ما عاناه، ولا يمكننا إلا أن ننحني أمام تضحياته، ومن جهة ثالثة علينا المحافظة على صحة الهيئتين التعليمية والإدارية الأكثر عرضة للكورونا. مع الأخذ بالاعتبار كل ما ذكرناه سابقا، وفي ظل استحالة العودة الكلية إلى التعليم الحضوري حماية لصحة أولادنا، ونظرا لعدم توافر الشروط الأساسية للتعلم الكلي عن بعد -لا سيما أن التعلم عن بعد لا يعوض كليا عن التعلم الحضوري- قررنا استكمال التعلم المدمج بعد انتهاء فترة الاقفال العام، كذلك قررنا درس بعض الاستثناءات بشأن التلامذة ذوي الصعوبات التعلمية والاحتياجات الخاصة. وندعو المؤسسات التربوية إلى الاستفادة من هذين الأسبوعين لتقييم العمل في التعلم المدمج وتقويمه في ضوء خصوصية كل مؤسسة”.
وقال: “في هذا السياق، يهمنا إعلام اللبنانيين أننا خلال هذين الأسبوعين سنستكمل أشغال ترميم وتأهيل المؤسسات التربوية المتضررة بانفجار المرفأ بالتعاون مع اليونيسكو التي تنسق المساعدات. وخلال يومين، سنوقع اتفاقا مع الصندوق القطري للتنمية لبدء الأشغال في عدد كبير من المدارس والمهنيات والجامعات. كما أننا بصدد تقييم نشاط غرفة العمليات التي تواكب التعلم المدمج ومكننة عملها بالتعاون مع الصليب الأحمر اللبناني، وإعداد برنامج الكتروني لتتبع حالات المصابين بفيروس الكورونا بالتشبيك مع وزارة الصحة العامة ووزارة الداخلية والبلديات، ونحضر صفحة الكترونية لإعلان عدد الإصابات في كل مدرسة إيمانا منا بمبدأ الشفافية. كما أننا أنشأنا لجنة تعالج المظالم والشكاوى والمراجعات في وزارة التربية والتعليم العالي، وستبدأ اللجنة أعمالها في القريب العاجل لأن على الوزارة الاستماع إلى شكاوى المواطنين ومراجعاتهم، وإيجاد الحلول لها”.
أضاف: “في السياق ذاته، تتعاون الوزارة مع المركز التربوي للبحوث والإنماء لإنجاح مشروع التدريب على استخدام المنصات المجانية، بالإضافة إلى الكتاب المدرسي الرقمي. وفي الإطار عينه يتابع المرشد الصحي أو الممرض في كل مدرسة تطبيق معايير النظافة والتعقيم بالتعاون مع اليونيسف والصليب الأحمر اللبناني والجهات الداعمة. كما أن الوزارة تتابع زياراتها المدارس، الرسمية والخاصة، للتأكد من تطبيق إجراءات الدليل الصحي. وستعلن نتائج هذه الزيارات على الصفحة المخصصة لغرفة العمليات. ولا ضير من التذكير أن الخط الساخن (01/772186) يجيب عن أسئلة المواطنين على مدار الساعة (24/7)، بلا كلل ولا ملل”.
وتابع: “أما القضية الثانية فهي المليون ليرة التي أعلنا عنها في 2/10/2020 بعد اجتماع موسع برئاسة دولة رئيس مجلس الوزراء وحضور أربعة وزراء: الصناعة، والإقتصاد والتجارة، والصحة العامة، والتربية والتعليم العالي، وحاكم مصرف لبنان. وجاء في محضر الاجتماع الآتي: “بعد أن استوضح السيد رئيس مجلس الوزراء وزير التربية والتعليم العالي عن عدد التلاميذ والذي تبين أنه يربو على المليون تلميذ، وافق حاكم مصرف لبنان على اقتراح وزير الاقتصاد ولكنه ربط موافقته بإحالة طلب بهذا الخصوص من قبل وزير المالية. وبعدها وبناء على طلب السيد رئيس مجلس الوزراء جرى الاتصال بوزير المالية هاتفيا لوضعه بصورة ما تقدم قبل الاعلان عن هذه الخطوة. وخلال هذا الاتصال وبحضور جميع الوزراء تم إطلاع الوزير على تفصيل ما تقدم، فأبدى موافقته الصريحة دون تردد”. وهكذا، كان يتطلب تأمين الإعتماد لمشروع المليون ليرة لبنانية لكل تلميذ كتابا من وزير المالية إلى الحاكم”.
وأردف: “إننا نعاود اليوم رفع الصوت لتوفير هذا المبلغ لنساعد كل متعلم على تأمين مستلزمات التعليم التي باتت تشكل عبئا ماليا كبيرا على كاهل الأهل، فالتربية لا تنتظر، والعام الدراسي يحتاج إلى دعم لإنقاذه من الضياع، وبالتالي إنقاذ جيل كامل من خطر ضياع عام دراسي من عمر بلد مزقته الصراعات السياسية والأزمات المتكررة -الاقتصادية والمالية- والكورونا المتطاولة وتداعيات انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020. فهل من يعي كنه التربية؟ وهل من يستجيب لاستغاثة جيل كامل لإنقاذه من الجهل الطواف؟ وهل من يسمع نداء الاستغاثة الذي أطلق فيلبيه؟ لنكف عن إدخال حقوق التلامذة في المناكفات والنكد السياسي اللبناني الذي أغرق البلد. لن نعتبر تحقق مشروع المليون ليرة لبنانية لكل تلميذ في أيامنا إنجازا لوزير التربية، بل إنجازا لكل سياسي لبناني صادق. بئس الزمن الذي يزهق الحقوق لأسباب كهذه -الإعتبارات الشخصية أو السياسية”.
وقال المجذوب: “القضية الثالثة في مؤتمرنا اليوم، هي قضية الحواسيب المحمولة Laptops الـ 8110 (5710 من اليونيسف و2400 من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR). في 10/11/2020، وزع 5462 حاسوبا على المدارس والثانويات الرسمية، وهي الحواسيب المحمولة الـ 8110 التي كانت قابعة في المستودعات منذ تاريخ شرائها في العام 2018. وبقيت عالقة قضية الحواسيب المحمولة الـ 2400. فماذا عنها؟
في 31/10/2020، خلال زيارة مستودع شركة تكنومانيا في منطقة الدكوانة، قال مسؤول فيها إنه لا يتوافر لدى الشركة إلا 65 من أصل 2400 كمبيوتر بسبب تلفها في مستودعات مرفأ بيروت، بعد انفجار 4 آب 2020. وفي 3/11/2020، أرسل رئيس مجلس إدارة شركة تكنومانيا الدكتور سيمون الحداد كتابا إلى وزارة التربية والتعليم العالي جاء فيه: “(…) قامت شركة تكنومانيا ش.م.م. (…) بإعادة تصدير القسم الأكبر من هذه الأجهزة [أي الـ 2400 كمبيوتر] “.
أضاف: “باختصار، إننا نحقق في الموضوع، وقد لجأنا إلى النيابة العامة التمييزية والمالية، وديوان المحاسبة وهيئة القضايا في وزارة العدل والتفتيش المركزي. وسنتابع القضية، لحظة بلحظة، لنسلم الحواسيب إلى المدارس والثانويات الرسمية. ونجري الآن مسحا لتأمين حاجاتها من الحواسيب”.
وتابع: “القضية الأخيرة والمهمة جدا اليوم، هي قانون الدولار الطالبي، فأولادنا في الخارج باتوا قاب قوسين أو أدنى من الترحيل، وقد بلغت مخاوفهم من خسارة فرصة العمر مسامع الجميع، فصدر القانون 193 الذي يسمح بتحويل الأموال إليهم، إلا أن تطبيق هذا القانون اصطدم بآليات تنفيذية لم تتوافر بعد. إننا على تواصل مع الأهالي والمعنيين بالوضع المالي والنقدي والتربوي، بغية إيصال التحويلات الدولارية إلى طلابنا الأحباء في الخارج ليلتقطوا أنفاسهم، ويرتاح الأهالي، ولو قليلا. فبين مصرف لبنان والبنوك التجارية، يفتش الأهالي عن أجوبة لم يحصلوا عليها. ففي قصة إبريق الزيت لمشروع المليون ليرة لبنانية لكل تلميذ كانت الحجج أننا نحتاج إلى قانون ومع الدولار الطالبي، على الرغم من إقرار القانون فلا يزال الدولار الطالبي ضائعا. إذا القصة ليست قصة قانون، القصة أن البعض لا يريد تربية، سواء أكان داخل لبنان أم خارجه. فكوا أسر الدولار الطالبي، فقعد عانى أهالي الطلاب في الخارج الأمرين. كل طلاب العلم هم أمانة الله في أعناقنا. كما نعاهد أهلهم على متابعة قضيتهم مدى أيامنا في حكومة تصريف الأعمال، قضيتهم يجب أن تشكل مناسبة لاستنهاض الهمم. طلابنا تاريخنا، طلابنا كل أمجادنا، طلاب العلم هم إنجيلنا وقرآننا الناطق”.
وقال: “إن ما عرضناه ليس سوى جولة في أفق واسع المدار وليس سوى أفكار مطروحة للنقاش. وتبقى الأسئلة الآتية: هل سلم اللبنانيون بأنهم أبناء وطن واحد، وبأن الوطن الواحد هو لهم جميعا؟ هل يعتبرون لبنان ممرا لهم أم مقرا؟ هل هم على استعداد لتقديم المصلحة العليا على السياسات الصغيرة والمنافع العارضة؟ هل أدركوا أن الدولة المفككة هلاك لهم جميعا، وأن الدولة القوية والسيدة والعادلة هي الحصن والخلاص؟ هل يرضون بأن يجلس أرباب الفساد على الأرائك ويغتالون الضوء الساطع دونما حسا”.