كتب غسان ريفي في “سفير الشمال“: كورونا ليس مزحة..
والفراغ الحكومي ليس مزحة أيضا..
في الأزمة الأولى يبدو أن السلطة السياسية ما تزال عاجزة عن إيجاد الحلول الناجعة لمواجهة هذا الفيروس الذي يزداد في الاصابات والوفيات رغم دخول الاقفال العام يومه السادس، ما يؤكد أن ثمة هوة سحيقة بين حاجات المواطنين وبين قرارات الدولة، إنطلاقا من أن “الحجر والفقر لا يلتقيان”، فالفقر يقود الناس الى الشارع بحثا عن لقمة العيش، والحجر يحتاج الى دعم مالي ومعنوي من قبل الدولة وهذا الأمر غير متوفر.
في الأزمة الثانية، ما يزال تأليف الحكومة يراوح مكانه من دون إحداث أي خرق في جداره، علما أن هذا الفراغ “ليس مزحة”، بل هو سيكون له تداعيات كارثية على البلاد والعباد من الارتفاع الجنوني لسعر الدولار المرشح لمزيد من الفلتان وإنعكاس ذلك على الأسعار ومعيشة اللبنانيين، الى توالي الانذارات من الأمم المتحدة وفرنسا وأميركا وإظهار العيون الحمراء للمعنيين بتشكيل الحكومة من أجل الاسراع في التأليف، خصوصا أن كل المساعدات وعمليات الانقاذ والدعم السياسي والمالي وفتح أبواب صندوق النقد الدولي مرتبط بتشكيل حكومة “مهمة” تعمل على تنفيذ الاصلاحات المطلوبة.
ثمة روايتان حول الأسباب التي تعرقل تشكيل الحكومة..
الأولى أن رئيس الجمهورية إنقلب على كل ما إتفق عليه مع الرئيس المكلف بعد العقوبات التي فرضت على باسيل، حيث تبنى كل شروطه من الحكومة العشرينية الى الثلث المعطل الى التمسك بوزارة الطاقة وتسمية كل الوزراء المسيحيين.
والثانية هي أن الضغوط الأميركية على الحريري تحول دون تشكيله حكومة يتمثل فيها حزب الله، وهو بالتالي لا يجرؤ على خطوة من هذا النوع خوفا من عقوبات أميركية قد تفرض عليه، ويعلم أنه لا يمكن أن يتجاوز الحزب في أي حكومة، وبحسب هذه الرواية، فإن الحريري إلتزم بوعود مع الأميركيين والرئيس إيمانويل ماكرون، وحزب الله، والدائرة المحيطة به، وهو اليوم لا يستطيع أن يفي بهذه بأي من هذه الوعود الأمر الذي ينعكس جمودا على الملف الحكومي.
تشير المعلومات الى أن الرئيس الحريري يتحصن بحصر التشاور في الملف الحكومي بينه وبين رئيس الجمهورية، لذلك فإنه يحرص على عدم اللقاء مع أي من الكتل النيابية للبحث في عملية التأليف، لكن عندما يصعد الى بعبدا يطلب منه رئيس الجمهورية أن يتواصل مع الكتل النيابية، فيعود الى بيت الوسط من دون نتيجة، ثم يصعد مرة أخرى وأخرى فيسمع الكلام نفسه من دون أن يحصل لا على حق ولا على باطل في ما يقدمه من إقتراحات، وهكذا يقضي الحريري وقته في عملية تأليف الحكومة.
وتضيف المعلومات أنه في اللقاءات الأخيرة أضاف الرئيس عون الى كلامه عبارة “شوف جبران”، الأمر الذي رفضه الحريري، وترجمه في لقاء الاثنين الفائت بتقديم تصور شبه كامل لحكومة من 18 وزيرا لكن هذا التصور رفضه الرئيس عون.
وبإنتظار ما ستؤول إليه الضغوط الفرنسية والأميركية، فإن الحريري سيكون أمام عدة خيارات، فإما أن يتمسك بمناقشة التصور الذي قدمه للحكومة، أو أن يرفع السقف بتقديم تشكيلته كاملة فيضع رئيس الجمهورية أمام الأمر الواقع في الموافقة أو الرفض، أو أن يترك الأمر لمزيد من التشاور على وقع الضغوط الفرنسية التي قد تزداد في الأيام المقبلة، سواء على صعيد الدفع باتجاه التأليف قبل الزيارة المرتقبة للرئيس ماكرون الى لبنان في الشهر المقبل، أو لجهة فرض ما يشبه الوصاية على وزارات المال والاتصالات والطاقة والعدل، ما قد يؤسس لأزمة إضافية تتمحور حول من سيسمي وزراء هذه الحقائب؟.