كتبت “الأنباء” الكويتية: في عالم “العولمة” الذي نعيشه اليوم، حيث حدود يمحوها الفضاء، غدت الاستقلالات الوطنية بالنسبة للدول الصغرى خصوصا، حالات رمزية تلامس الوجدان الوطني، أكثر مما تحاكي الواقع.
في لبنان الذي حل اليوم 22 تشرين الثاني تاريخ استقلاله السابع والسبعين، تحول، كما في معظم سنوات الحرب فيه، أو حوله، أو عليه، من عيد الى ذكرى، لم يتذكر فيه اللبنانيون رجالات استقلالهم بوضع الأكاليل على الأضرحة، بدل طمأنتهم الى ان مورثهم الوطني الثمين في حرص حريص.
اليوم 22 تشرين الثاني ليس أول ذكرى استقلالية تمر على لبنان وهو بلا حكومة او رئيس جمهورية، لكنها الذكرى الاستقلالية الأولى، ولبنان بلا حكومة وبلا إدارة ولا إرادة ولا اقتصاد ولا مال، لقد بدأ عهد تفاهم التيار الوطني الحر وحزب الله “وتكتل الممانعين” بدولار يساوي 1516 ليرة لبنانية وها هو الآن على مشارف التسعة آلاف ليرة للدولار الواحد والمؤشر في صعود مستمر.
الكثير من مراسم الاستقلال، غابت، وأهمها عرض عسكري، في جادة شفيق الوزان، وما بقي دائما خطاب رئيس الجمهورية.
الحكومة كانت الغائب الأكبر عن هذه المناسبة، وغاب معها التدقيق الجنائي الذي كان فرصة اللبنانيين لمعرفة مصير اموال دولتهم المهدورة وودائعهم المصرفية المحجورة.
رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، صاحب قرار تكليف شركة “الفاريز مارسل” للتدقيق الجنائي، علق على قرار انسحاب الشركة من العقد بسبب احجام مصرف لبنان المركزي عن تزويدها بالمستندات اعترف بإحباط التدقيق الجنائي، لكنه قال: «لن نستسلم لليأس» وأضاف: «ان جدار الفساد سميك جدا ومرتفع جدا، امام الاصلاح، وسنبقى نحاول حتى نهدم الجدار الذي يصادر آمال اللبنانيين بدولة تنتصر على الفساد ونحن نعلم أمر هذه المنظومة ستقاتل بشراسة لحماية نفسها، لكنها ستسقط بالنهاية».
انسحاب مؤسسة «الفاريز اند مارسل» من عملية «التدقيق الجنائي» بعد حجب المستندات الرسمية عنها بذريعة «السرية المصرفية» صفعة جديدة للمبادرة الفرنسية التي وضعت «التدقيق الجنائي» لكشف المتلاعبين بحسابات الدولة، وسارقي أموالها، من رؤوس المافيا السياسية، التي انتقلت من خنادق الحرب الى رحاب السرايات، في رأس قائمة الإصلاحات المالية والإدارية المطلوبة.
ويبدو ان الاسبوع المقبل سيشهد المزيد من تركيز فريق الممانعة على تعويم حكومة حسان دياب المستقيلة منذ 4 أشهر، من باب لي ذراع الرئيس المكلف سعد الحريري القابض على ملف تشكيل الحكومة، لكن القائمين بهذا التحرك يعرفون ان الحريري يعرف انه لا تعويد لحكومة مستقيلة، مع وجود رئيس مكلف بتشكيل حكومة أخرى.