تعتبر العوامل الخارجية معرقلة لمسيرة التأليف، خصوصاً ان الإندفاعة الفرنسية أوقفتها مصلحة القوى السياسية اللبنانية، في حين أن المشهد السوداوي في واشنطن يساعد في إستمرار العرقلة، بينما ينشغل الفرنسي بهمومه الداخلية التي لا تنتهي.
ومن جهة العراقيل الداخلية فإن العقدة متمثلة في مطالب رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل ومساندة رئيس الجمهورية ميشال عون له، ودعم “حزب الله” ومحاولته التعويض عن العقوبات الأميركية التي فرضت عليه، كذلك ترددت معلومات ان الرئيس المكلف سعد الحريري يريد تسمية الوزراء المسيحيين، وبالتالي فان كل شيء مقفل ولا بصيص أمل حكومي.
من هنا، يأتي صوت بكركي المرتفع والذي يحذّر من خراب الهيكل وهدمه، إذ إن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي يرى أن المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على عون والحريري بحيث عليهما التسريع بتأليف الحكومة وعدم الإنصياع للضغوط.
ومن جهة ثانية فان شكل الحكومة مهم جداً لبكركي، إذ إنها لا تزال متمسكة بحكومة إختصاصيين مستقلة مثلما طالب الشعب اللبناني، ومثلما تنص المبادرة الفرنسية التي أيدتها جميع القوى السياسية في قصر الصنوبر خلال الإجتماع مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وأي خروج عن شكل هذه الحكومة سيعني الخراب، وبالتالي فان بكركي تحمّل عون والحريري أيضاً مسؤولية هذا الأمر.
وتدعو بكركي عون والحريري إلى التمسّك بالدستور الذي ينص على أن تأليف الحكومة يتم بالشراكة بين رئيسي الجمهورية والحكومة، ولا يوجد في الدستور أي بند يتكلم عن حصص الأفرقاء السياسيين، والمحاصصة ستقضي على آخر أمل بالإنقاذ.
وترى بكركي أنه بالأساس لا وجود ولا مبرر لأي حديث عن الحصص، من هنا فان الكلام أن فلاناً يسمي الحصة الشيعية وآخر المسيحية وآخر السنية أو الدرزية هو خروج عن كل منطق وعن مصلحة الشعب، لذلك فان العقد الطائفية غير قانونية والعودة إلى منطق تقاسم الجنبة هو بحد ذاته إنتحار.
لا يوجد في أجندة بكركي إلا التحرك من أجل الحلحلة، لكن هذا الأمر يتم عندما تصفى النوايا وليس عندما يتمترس كل فريق وراء مطالبه غير المبررة، وبالتالي فان هذا التمسك سيؤدي إلى مزيد من التوتر والغرق في مستنقع الأزمات، ما قد يولّد مشاكل إضافية، الشعب اللبناني بغنى عنها.
من منظار بكركي فان كل شيء يحصل لا يخدم مصلحة الشعب ولا يخفف من معاناته، لذلك على الحكام الإنصياع للواقع وعدم الإستمرار في سياسة التعطيل، والإستفادة من الزخم الدولي المتمثل بالمبادرة الفرنسية وعدم إهدار مثل هكذا فرصة، لأنها لا تعوض ولا نملك مجالاً لترف الوقت.
ترى بكركي أن كل العوامل ستؤدي في نهاية الوضع إلى إنفجار إجتماعي كبير لأن الشعب بات على خط الفقر، وهذا الأمر سيؤدي حكماً إلى تجدد الثورة لكن هذه المرة ستكون بطريقة أقسى، لأن الجائع لا يمكنك ضبطه خصوصاً ان كل الوعود التي تطلق بالإصلاح هي كلام بكلام لا يوصل إلى أي مكان.