يبدو اي خرق في جدار الازمة السياسية الداخلية، لن يتحقق في المدى المنظور، الا اذا.
فالمعطيات المحلية والاقليمية والدولية، كلّها، لا تبدو ستساعد في ولادة الحكومة او في انطلاق مسار انتشال لبنان من مأزقه، في وقت قريب.
بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة، الافق مسدود حتى اشعار آخر.
ففيما التأليف مستحيل من دون القوى السياسية الحاكمة ورضاها، كونها قررت ان “تجاوز نتائج الانتخابات النيابية او الالتفاف عليها ممنوعان ولن يمرّا”، فالمجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة الاميركية والدول الخليجية، ينتظر شكل هذه الحكومة “على الكوع” اذا جاز القول:
فأي تركيبة وزارية تضم في صفوفها، بشكل مباشر او مموه، ممثلين لحزب الله او للتيار الوطني الحر – او لاي من القوى التي فُرضت عليها عقوبات في الاسابيع والسنوات الماضية- لن تحصل على فلس واحد، وستتعاطى معها الدول المانحة كما تعاطت مع حكومة حسان دياب، اي ان عزلة لبنان في ظل حكومة كهذه، ستستمر، هذا اذا لم تترافق مع توسّع لمروحة العقوبات لتشمل ايضا من يربط النزاع مع حزب الله، وقد كثر الحديث عن توجّه من هذا القبيل في الايام الماضية.
الهدف من هذه السياسة بات واضحا، الا لمن لا يريد ان يرى: عزل حزب الله وداعميه واضعاف سيطرته على لبنان.
لماذا الآن؟ الجواب نجده في التطورات المتسارعة في المنطقة وتحديدا على خط التطبيع مع اسرائيل.
ففي ظل هذه الموجة الآخذة في التمدد، لا يمكن لبنان ان يبقى في موقعه هذا، يكيل العداء للكيان العبري في حين ينتشر حزب الله على حدود الاراضي المحتلة الشمالية.
فكل اتفاقات السلام بين تل ابيب والعواصم الخليجية والعربية، ستبقى منقوصة اذا لم تتوج باتفاق لبناني – اسرائيلي، وكل الاتفاقات التي يبرمها الكيان العبري مع العرب، لا توازي اتفاقه مع لبنان، نظرا لموقعه الجغرافي من جهة ولوجود حزب الله فيه، من جهة ثانية…
وعليه، ستتكثف الضغوط الاميركية لالحاق لبنان بهذا القطار، تتابع المصادر هذا المشوار بدأ بعملية ترسيم الحدود في الناقورة، الا ان ذلك لا يكفي.
فالمطلوب من لبنان اكثر.
وللغاية، سيلجأ الاميركيون والاسرائيليون الى كل الاسلحة المتاحة: عبر الترهيب وأداتُها العقوبات وحجب المساعدات، او عبر الترغيب وهو ما يقوم به المسؤولون العبريون، وابرزهم وزير الطاقة الاسرائيلية، منذ مدة، عبر تشديدهم على ان التوصل الى اتفاق حول الحدود فيه فائدة للبنانيين والاسرائيليين، علما ان الجيش الاسرائيلي كان امس حرص على معايدة اللبنانيين في مناسبة الاستقلال متمنيا لهم الخروج من المأزق الذي يتخبطون فيه اليوم.
يمكن القول اذا، ان بيروت ستبقى غارقة في مصيبتها، وان أهلها سيجوعون، ودولتهم لن تحصل على اي مساعدة من الخارج، الى ان ترفع العشرة وتلتحق بركب التطبيع- في تكرار للنموذج السوداني- الامر الذي لا يبدأ الا بكفّ يد حزب الله وحلفائه.
الأزمة باتت بهذا الحجم، تختم المصادر، ولن تحل الا بانتخابات نيابية مبكرة او بتغيير الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن سياسة سلفه دونالد ترامب تجاه الملف الاسرائيلي – الايراني، وهما امران مستبعدان.. كان الله اذا في عون اللبنانيين!