مسرحية التدقيق الجنائي انتهت في مجلس النواب… الدعم على طاولة بعبدا والملف الحكومي يتحرك مجدداً

28 نوفمبر 2020آخر تحديث :
مسرحية التدقيق الجنائي انتهت في مجلس النواب… الدعم على طاولة بعبدا والملف الحكومي يتحرك مجدداً

خرج الجميع رابحاً من جلسة مجلس النواب التي عقدت أمس في قصر الاونيسكو و”استجاب” فيها لرسالة رئيس الجمهورية ميشال عون متخذا قرارا بتوسيع التدقيق المالي الجنائي ليشمل كل مؤسسات الدولة، لتتحول بعدها الجلسة الى تشريعية ويقر المجلس اعتبار شهداء انفجار المرفأ بمثابة شهداء في الجيش اللبناني، واعتبار جرحى الانفجار مستفيدين من تقديمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مدى الحياة. 

ففي 22 كلمة فقط تضمنها نص القرار، ازاح المجلس النيابي عن كاهله، المسؤولية، التي لا ناقة ولا جمل فيها، لولا رسالة رئيس الجمهورية بدعوة النواب لتحمل مسؤولياتهم بعد وقف شركة تدقيق الحسابات التي وقع معها لبنان عقد التدقيق في حسابات مصرف لبنان، وهي شركة الفاريز اند مارسال، ورأى فيه الرئيس عون “انجازاً للبنانيين، الذين يريدون معرفة من هدر مالهم واستباح رزقهم، كما هو اطلالة مضيئة على المجتمع الدولي المتضامن معنا في معركتنا ضد الفساد والهدر”.

وكان الرئيس نبيه بري وقع القرار الذي ارسله فوراً الى بعبدا ونصه: “جواباً على رسالة فخامة رئيس الجمهورية في ما يتعلق بالتدقيق الجنائي، وبعد مناقشة مضمون الرسالة، اتخذ المجلس القرار الآتي: تخضع حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة والمجالس والصناديق والمؤسسات العامة بالتوازي للتدقيق الجنائي دون أي عائق او تذرع بسرية مصرفية او خلافها.

جلسة سريعة
ووصفت مصادر نيابية لـ”اللواء” القرار الذي صدر عن المجلس النيابي بالأمس بخصوص اخضاع المصرف المركزي وسائر وزارات ومؤسسات وادارات الدولة للتدقيق الجنائي المالي، انه بمثابة مخرج مقبول، للتجاوب مع رسالة رئيس الجمهورية للمجلس بهذا الخصوص من جهة ولارضاء الاطراف السياسيين الذين يعترضون على حصر التدقيق بمصرف لبنان دون غيره من المؤسسات والادارات الرسمية من جهة ثانية، وبالرغم من إيجابية هذه الخطوة فإن القرار المذكور يفتقد الى أي الزامية قانونيه للتنفيذ، ويبقى مجرد قرار معنوي بالشكل اذا لم يقترن فيما بعد باقرار القوانين المطلوبة لتنفيذه، في حين ان توسيع مهام التدقيق الجنائي ليشمل جميع مؤسسات وقطاعات وادارات الدولة دون استثناء، وهو بالامر غير السهل بالرغم من أهميته قد يتطلب اكثر من شركة تدقيق وتكلفة مالية باهظة بالعملة الاجنبية وهي غير متاحة حاليا بسبب الازمة المالية التي يواجهها لبنان حاليا مايعني بالنهاية استحالة تنفيذ القرار المذكور .

وذكرت مصادر نيابية لـ”اللواء” ان القرار بمثابة تأكيد من كل الكتل النيابية على المضي بالتدقيق الجنائي في كل وزارات ومؤسسات وادارات الدولة، وهو قرار غير خلافي بل توافقي وتقرر بالإجماع، على ان يتابع المجلس تنفيذ هذا القرار بإقرار اقتراح قانون من الاقتراحات المقدمة من الكتل النيابية بإخضاع كل الادارات الرسمية للتدقيق الجنائي المحاسبي.

وبحسب “النهار” فانه قبل فرز الخيط الأبيض من الخيط الأسود بين الدلالات الجادة لنتائج الجلسة وما اختلط فيها مما سمي حفلة مزايدات عارمة، هناك فانه لا يمكن تجاهل بعض الخلاصات البارزة سياسيا في مناخ هذه الجلسة وحصيلتها. ذلك ان قرار تثبيت التدقيق الجنائي وتعميمه وتوسيعه وان ارضى رئيس الجمهورية وفريقه السياسي واعتبراه إنجازا للرئيس، فانه يعتبر ضمنا ردا ذكيا للكرة النارية التي أراد رئيس الجمهورية رميها في مرمى المجلس بحيث تلقفها رئيس مجلس النواب نبيه بري وقام بما يعرفه الجميع بتوليف الإخراج الحذق واطلقه بالتنسيق مع كتل أساسية كبيرة، فكان تعميم التدقيق الجنائي سحبا للبساط من تحت اقدام الفريق الرئاسي ومن يؤيده في حصر التدقيق بمصرف لبنان وحده. واما الدلالة الأخرى البارزة فتتمثل في ان الافرقاء (الثلاثة) الذين كانوا يحتكرون قبل الجلسة صفة التأييد وحدهم للتدقيق الجنائي ويعيرون الاخرين بانهم يناهضونه ويغمزون من قناة حمايتهم لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فقدوا هذه الورقة تماما بعد الاجماع النيابي على تأييد التدقيق الجنائي في كل مؤسسات الدولة بدءا بمصرف لبنان. واما الدلالة الثالثة البارزة فتتمثل في ان مجموع الكتل النيابية حاولت تحسين صورتها امام الرأي العام الداخلي، والاهم امام المجتمع الدولي، مع عودة تحرك المبادرة الفرنسية والاستعدادات التي تبذلها فرنسا لعقد مؤتمر دولي افتراضي في الثاني من كانون الأول المقبل لحشد المساعدات الإنسانية للشعب اللبناني، وهي تحسين صورة من خلال اطلاق رسالة جماعية عن تأييد مجلس النواب للتدقيق الجنائي الشامل المتكامل كاولوية إصلاحية مسلم بها في معايير المحاسبة الجنائية ومكافحة الفساد والمساءلة والسعي الى إحلال ثقافة الشفافية.

وأوضحت مصادر مطلعة لـ”اللواء” أنه بعد قرار مجلس النواب في ما خص التدقيق الجنائي اتفاق من جديد سواء مع شركة الفاريز ومارسال أو مع شركة أخرى طالما أن مجلس الوزراء اتخذ قرارا بالتدقيق الجنائي واختار هذه الشركة في قرار سابق فأن عاودت العمل بعد هذه الضمانات كان به وإن لم تعاود يتم التوجه إلى شركة أخرى للبدء بالتدقيق الجنائي والذي قال مجلس النواب في قرار صادر عنه أنه لا يحتاج إلى رفع السرية المصرفية ولا يعوقه أي عائق.

الدعم بين عون وسلامة
وتوازياً مع الجلسة النيابية، كان الرئيس عون يلتقي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في بعبدا، والدعم أبرز بنود جدول الأعمال، فالرسالة التي أراد الرئيس عون إيصالها إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يمكن تلخيصها بالآتي: “لا لإلغاء دعم” الدواء والمحروقات والقمح والسلّة الغذائية. فبالنسبة إلى رئيس الجمهورية، الوضع لا يسمح برفع الدعم حالياً لأنّه سيتسبّب بمشكلة اجتماعية، بحسب المعلومات. لكنّ الاجتماع بين عون وسلامة لم يبحث بالآليات الجديدة التي ستُعتمد، ولم يُحسم من أين سيتمّ تمويل كلفة الدعم، بحسب “الأخبار” نظراً إلى عدم حسم مسألة تخفيض نسبة “الاحتياطي الإلزامي” من عدمه، مع مُمانعة أعضاء في المجلس المركزي لمصرف لبنان، مدعومين من أصحاب المصارف وكبار المودعين، لهذا الخيار. النقاش بين الرئيس وحاكم مصرف لبنان بقي في الإطار العام، عن ضرورة اتخاذ إجراءات لتخفيض عدد المواد الغذائية المدعومة، وتقليص نسبة المُستفيدين من الدعم على المحروقات، فلا يستفيد منه غير المستحقين. وفي هذا الإطار، بدأ التداول بـ”أفكار” عامة حول توجيه الدعم، لتُصبح كلفته في السنة بحدود المليار و300 مليون دولار، وتُوزّع بطاقات (لم يُحسم إن كانت تموينية أو تمويلية) على أكثر من 500 ألف عائلة باتت فقيرة. المُشكلة أنّ البيانات المطلوبة لوضع “البطاقة المدعومة” موضع التنفيذ وانطلاق العمل بها لم تجهز بعد، وهذا الأمر قد يستغرق أشهراً، نظراً إلى غياب المعايير التي على أساسها يُحدّد “الأكثر فقراً”، والافتقار إلى العدد اللازم من الموظفين لإنجاز المُهمة. بداية الأسبوع المقبل ستشهد اجتماعات بين جهات حكومية واقتصاديين وأعضاء من المجلس المركزي في مصرف لبنان لمحاولة الاتفاق على آلية جديدة للدعم، على أن يُبتّ الموضوع في اجتماع المجلس المركزي يوم الأربعاء.

الحريري في بعبدا قريباً
اما على الخط الحكومي فالوضع على حاله والجمود سيد الموقف، في حين تفيد المعطيات بأن العقوبات الاميركية فعلت فعلها في التأثير سلبا على عملية التشكيل بحيث زادت مواقف الاطراف كلّها، تشددا. وحتى الساعة، لا يبدو اي خرق ممكنا في انتظار زيارة يمكن ان يقوم بها الرئيس المكلف سعد الحريري الى قصر بعبدا خلال 48 ساعة.

ومن هنا، فتوقعت أوساط سياسية رفيعة لـ”نداء الوطن” أن يقوم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بزيارة قصر بعبدا خلال عطلة نهاية الأسبوع في محاولة لإعادة تفعيل عملية تشكيل “حكومة المهمة”، معربةً عن اعتقادها بأنّ الحريري “سيحمل إلى رئيس الجمهورية مسودة تشكيلة حكومية مكتملة من 18 وزيراً بما يشمل أسماء المرشحين لتولي الحقائب من كافة المكونات الوطنية بغية النقاش معه في تركيبتها”، لكنها رجحت في المقابل أن “يرفض عون أي تسميات مسيحية من جانب الرئيس المكلف ما لم يتوافق مسبقاً عليها مع جبران باسيل”.

وتوقعت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة لـ”اللواء” ان يشهد الأسبوع المقبل تحركات لاختراق الجمود الحاصل في عملية التشكيل بعد استنزاف مزيد من الوقت الضائع بلا جدوى بسبب محاولات الضغط وفرض الشروط والمطالب التعجيزية على الرئيس المكلف سعد الحريري، ولاسيما من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وغيره من الاطراف السياسيين لتجاوز مضمون المبادرة الفرنسية والالتفاف عليها من خلال تشكيل حكومة تفتقد للمواصفات الانقاذية التي تنص عليها، وذلك من خلال اصرار الحريري على الالتزام باسس المبادرة المذكورة ومضمونها وانجاز تشكيلة وزارية انقاذية تتالف من اخصائيين غير حزبيين مشهود بكفاءاتهم ومهنيتهم في عملهم بالقطاع الخاص بلبنان والخارج، على ان يقدم هذه التشكيلة بعد اكتمال كل مقوماتها إلى رئيس الجمهورية في بحر الاسبوع المقبل لكي يتم التشاور فيها وتقرير الخطوة المقبلة بشأنها.

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.