بعد التيار الوطني الحر، فرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وأخيرا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، انضم حزب الله امس الى الاطراف السياسية والروحية المحلية، المطالبة الرئيس المكلف سعد الحريري باعادة تحريك عجلاته على خط تأليف الحكومة، محمّلة اياه – وإن بنسب وأوجه مختلفة – مسؤولية التأخير الحاصل في التشكيل.
فقد أوضح نائب الأمين العام لـ”حزب الله” نعيم قاسم أن التأخير في عملية تأليف الحكومة يعود إلى أسباب داخلية وخارجية، لافتاً إلى أن على المستوى الداخلي كان على الحريري أن يجري مشاورات مع الكتل العاملة في الساحة، وأن يتم إختيار الأسماء بالتفاهم مع هذه الكتل، معتبراً أن هناك مشكلة في منهجية تشكيل الحكومة.
واذ اشار الى ان الحريري لم يتحدث مع الحزب عن رفض أميركي لتمثيله في الحكومة ولم يثبت لدى الحزب أن هذا النص موجود، مشددا على أن “الوقت الحالي ليس وقت تغيير آلية تشكيل الحكومة ولا يجب أن نتوقف عند الضغوط الأميركية”، أكد قاسم أن “موافقة الكتل شرط أساسي لتشكيل الحكومة”، معتبراً أن “هذا ما يجب أن يفهمه الأميركي”، موضحاً أننا “لم نصل إلى موضوع التسمية في ما يتعلق بالوزراء الشيعة، لكن الأمور ستكون سهلة عند الوصول إلى هذه المرحلة”.
وأوضح نائب الأمين العام لـ”حزب الله” أن “الطريقة المثلى هي الحوار بين الرئيس المكلف والكتل النيابية على طريقة التسمية لتستطيع الحكومة نيل الثقة”، مشيراً إلى أن “ليس هناك لا مشكلة مع حزب الله ولا منه في تشكيل الحكومة”، مشدداً على أن الأساس هو التفاهم بين رئيس الحكومة المكلف ورئيس الجمهورية.
كما الفريق الرئاسي اذا، حزب الله، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة، يريد من الحريري ان يتواصل مع الكتل النيابية وان يوسّع بيكار محادثاته، فلا يتركها محصورة بينه وبعبدا، بل يجب في رأي الضاحية، ان تشمل الاطراف كلّها.
وفي رأيها ايضا، ما لم يؤخذ في الاعتبار موقف هذه الكتل، التي في الواقع تملك في جيبها ورقة محض هذه الحكومة الثقة او حجبها عنها، فإن عملية التشكيل ستتأخر. وبين سطور كلام قاسم، تُقرأ رسالة مبطّنة مزدوجة الى الحريري: أوّلا، عد الى القواعد التي كانت تعتمد ابان تشكيل كل الحكومات السابقة منذ اتفاق الطائف، ولا تنقلب عليها لمبررات المبادرة الفرنسية او سواها، فالتوانات والاحجام النيابية المحلية هي التي، في نهاية المطاف، ستكتب الحياة او الموت للحكومة العتيدة.
وثاني رسائل الحزب للحريري: نحن نعرف انك محرج و”مزروك” بين سندان الموقف الاميركي (وإن لم تعلن ذلك) من جهة، ومطرقة “رفضِك تجاوز حزب الله كفريق سياسي نيابي واسع” من جهة ثانية. لكن ألّف حكومتك، وضَع هذه الحسابات جانبا، فإدارة الرئيس دونالد ترامب تلفظ انفاسها وتعيش ايامها الاخيرة في البيت الابيض الذي سيؤول في خلال اسابيع الى الديموقراطي جو بايدن، الذي سيعتمد طبعا سياسة اكثر مرونة تجاه لبنان.
في المقابل، ورغم كل الضغوط المحلية والخارجية الممارسة عليه، وهي مختلفة الاهداف، الحريري لا يزال يعتصم بحبل الصمت وصائم عن الكلام والحراك. فهل سيكسر هذه المراوحة في قابل الايام ام يفضّل التريث الى ما بعد تسلّم بايدن الحكم؟ واذا قرر التحرّك، ففي اي اتجاه سيذهب: حكومة ترضي اهل الحكم تُشبه حكومة حسان دياب، أم حكومة مستقلين تكنوقراط غير حزبيين تنال مباركة المجتمع الدولي والمانحين وتَسقط، مع الاسف، في “حلبة” بعبدا او ساحة النجمة؟ لننتظر ونر.