الحكومة مكانك راوح
لم يشهد الملف الحكومي امس، اي خرق يذكر، فاللقاء المتوقع بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري في بعبدا لم يعقد لكن مصادر مطلعة اوضحت لـ “اللواء” انها تتوقع حسما ايجابيا للملف في وقت معقول.
واشارت هذه المصادر الى ان هذه “الكربجة” الحاصلة في الملف الحكومي من الصعوبة ان تعالج، لان القواسم المشتركة لم تصل بعد الى النقطة المطلوبة.
واكدت مصادر بيت الوسط لـ”اللواء” ان لا جديد حول تشكيل الحكومة، او حول زيارة الحريري الى بعبدا.
ولفتت مصادر واسعة الاطلاع لـ”الشرق الأوسط” إلى التزام “تيار المستقبل” بالصمت الكامل، ومؤكدة أن “لا خرق طرأ على الجمود القائم منذ أسابيع، أي منذ تشدد باسيل بموقفه بعد فرض العقوبات الأميركية عليه”. وقالت إن “المبادرة الفرنسية اصطدمت، حتى الآن، بحائط مسدود”.
في المقابل، قالت مصادر قريبة من بعبدا ان رئيس الجمهورية لم يطرح او يقترح حتى الآن أسماء وزراء على الرئيس المكلف وما يشاع عن طرح عون اسم جان سلوم لوزارة الداخلية غير صحيح، مع التأكيد ان رئيس الجمهورية لا يزال يتحدث في المبادئ العامة ولن يطرح أي اسم ولن يقوم الأسماء التي يطرحها الحريري عليه قبل تقديم مسودة كاملة اليه.
وبدا عون من خلال تسريبات قصر بعبدا الإعلامية خلال الساعات الأخيرة كمن يقول للحريري وحسب “نداء الوطن”: “تعا ولا تجي”… بحيث أتى بهذا المعنى تعميم دوائر الرئاسة الأولى أجواء ترحّب من ناحية بزيارة الرئيس المكلف المرتقبة إلى القصر الجمهوري إذا كان الهدف منها “التشارك مع الرئيس عون في وضع التشكيلة الحكومية”، وتحذره من ناحية أخرى من أنه إذا كان ينوي التوجه للقاء عون بغية وضع “تشكيلة أمر واقع تتجاوز المعايير الموحدة فهذا أمر لن يوصل إلى مكان”، مع التشديد على أنّ “العقدة لا تزال في الأسماء، ورئيس الجمهورية ليس بوارد القبول أن يكون مفتاح التسمية بيد الحريري وحده”.
وعلى هذا الأساس جاءت خلاصة الرسالة الرئاسية الإعلامية لتقول للرئيس المكلف: “ليس المهم أن تتوجّه إلى بعبدا أم لا، المهم ماذا ستحمل معك وكيف ستتصرّف؟”
جنبلاط: الحريري لا يتصل بنا
وفيما بدأت بعض الأوساط تلاحظ ان الرئيس الحريري يعتمد اعتكافا عن التواصل المباشر مع سائر الافرقاء السياسيين، اكتفى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بالقول لـ”النهار” في هذا الصدد “لا اعرف وهو (الحريري) لا يتصل بنا “. وحذر جنبلاط من ان “كل لحظة تأخير في تأليف الحكومة نكون في وضع اصعب وسيزداد الشلل وتتفاقم الازمة الاقتصادية بدءا من الاحتياط الإلزامي الى عدم ترشيد الإنفاق”. واللافت في كلام جنبلاط انه لمح الى “انهم يعملون على خلق عقدة درزية غير موجودة”. ولوح الى انه اذا كان الاتجاه سيكون وفق هذه الطريقة “فمن الأفضل ان نتعاطى مع الحكومة المقبلة كما فعلنا مع حكومة حسان دياب”.
بري – شيا
وإثر الجمود في الملف الحكومة، زارت السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا رئيس مجلس النواب نبيه بري بناء على طلبها. وقالت مصادر لبنانية لـ”الشرق الأوسط” إن اللقاء عُقد بناء على طلب شيا التي “طرحت ملف الجمود الحكومي القائم”، لافتة إلى أن السفيرة الأميركية “أرادت الاطلاع على وجهة نظر بري حيال الملف، وأسباب المراوحة القائمة ودوران الاتصالات في حلقة مفرغة”، خصوصاً بعد إعلان الأطراف اللبنانية التي حضرت اجتماع قصر الصنوبر مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مطلع أيلول الماضي التزامها بالمبادرة الفرنسية.
وقالت المصادر إن “بري لا يزال على موقفه الداعم للرئيس الحريري، ويؤيد تشكيل الحكومة اليوم قبل غد، وأثار مع السفيرة الأميركية ملف العقوبات الأميركية التي فرضتها واشنطن على شخصيات سياسية لبنانية، معتبراً أن العقوبات أدت إلى تأخير تشكيل الحكومة”.
اجتماع باريس
وفي مقابل المراوحة في الاتصالات الحكومية، لا يزال التشدد الدولي على حاله لجهة الإحجام عن تقديم المساعدات المالية للبنان لإنقاذه من الأزمتين الاقتصادية والمالية، من غير تشكيل حكومة، وقالت المصادر إن “الدعم المالي يرتبط بتشكيل حكومة تلتزم الإصلاحات المطلوبة من المجتمع الدولي”. وأكدت المصادر أن المؤتمر الذي يعقد غداً الأربعاء يشارك فيه ممثلون عن المجتمع المدني والجمعيات لتوفير دعم عيني لإغاثة الشعب اللبناني، وليس مرتبطاً بتاتاً بالدعم المالي للبنان الذي لا يمكن أن يتم من دون تشكيل حكومة تلتزم بتنفيذ الإصلاحات.
وافادت “النهار” ان هدف المؤتمر الدولي الثاني لدعم الشعب اللبناني الذي تنظمه باريس غدا بالتنسيق والتعاون مع الأمم المتحدة هو تقييم نتائج المؤتمر الأول الذي عقد في 9 آب الماضي بعد أيام قليلة من انفجار مرفأ بيروت في 4 آب حيث جمع آنذاك 250 مليون يورو للمساعدات الإنسانية والاجتماعية الطارئة. وسيتم الإعلان عن التزامات نحو 35 دولة ومنظمة دولية ستشارك مبدئيا في المؤتمر الدولي الثاني غدا، علما ان المؤتمر ينعقد وسط خيبة فرنسية ودولية عميقة حيال التأخير المتمادي في تشكيل الحكومة الجديدة. ومن المتوقع ان يصدر عن المؤتمر بيان يشدد على وقوف المجموعة الدولية الى جانب الشعب اللبناني وعدم تركه لتداعيات الازمات التي تعصف بلبنان كما سيؤكد مجددا أهمية تشكيل حكومة اختصاصيين بسرعة والتزامها الإصلاحات العاجلة الجوهرية .
ويشارك الرئيس ميشال عون عبر تقنية الفيديو في المؤتمر، ويلقي كلمة، يتطرق فيها للواقع اللبناني، والتزامه بالمبادرة الفرنسية.
وعلمت “اللواء” انه يجري تحضير كلمة الرئيس عون وستنتهي اليوم، وهي تركز على عرض واقع لبنان وحاجاته، ولم يُعرف ما إذا كان عون سيطالب اموراً محددة من المؤتمرين. لكن فهم ان المداخلة الرئاسية ستتناول الاوضاع التي يشهدها لبنان من جميع النواحي، وشرحاً مفصلاً عن الاسباب التي آلت اليها هذه الاوضاع.
ولم يستبعد مصدر لبناني مطلع ان يحض المؤتمر الانساني على الاسراع في تشكيل الحكومة في المؤتمر الدولي حول المساعدات للبنان.
وقال مصدر مطلع ان باريس ابلغت مَنْ يعنيه الامر ان لا بأس ان تنسق وزيرة الدفاع مع نظيرتها اللبنانية زينة عكر هذه المساعدات، مع الجانب الفرنسي لا سيما السفير بيار دوكان، المعني مباشرة بتنسيق مؤتمر المساعدات.