ولذلك، يقول بعض السياسيين إنّ تأخير تأليف الحكومة العتيدة هو «مِن عدّة شغل» التعمية عن الفساد وتعطيل كل الوسائل والآليات الهادفة الى مكافحته وكشف المستور فيه والعمل على استعادة المال المنهوب، بدليل انّ كل الخطوات التي اتخذت منذ تأليف حكومة الدكتور حسان دياب لم تنفّذ، بل تم تعطيلها بمختلف الوسائل. وأسطَع دليل على ذلك المصير الذي آلَ اليه التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان بـ»فرار» شركة «ألفاريز إند مارسال» من العقد الذي وقّعته مع الدولة، نتيجة تَمنّع مصرف لبنان ومؤسسات أخرى عن تزويدها بما طلبته من معلومات ووثائق لتأدية المهمة المطلوبة منها. وزاد في الطين بلة «توسيع بيكار» هذا التدقيق ليشمل كل الوزارات والادارات العامة والمصالح والبلديات بحيث لا ينتهي هذا التدقيق، إذا بدأ، الّا بعد عشرات السنين… وبعد ان يكون «مَن ضرب ضرب ومَن هرب هرب»، ويعني ان لا تدقيق سيحصل. في حين انّ حسابات مصرف لبنان تشكّل رأس جبل الجليد الذي ينبغي ان يبدأ العمل به ليبدأ الذوبان ويتَكشّف كل «الخمير والفطير» في الازمة المالية والاقتصادية المتفاقمة، ويعرف اللبنانيون اين ذهبت ودائعهم ومَن نهبَ المال العام ومن راكَم اكثر من مئة مليار دولار ديناً عليهم ومَن هرّب المليارات من العملات الصعبة الى الخارج قبل ثورة 17 تشرين الاول 2019 وبعدها وتسبّب بالانهيار الحاصل.
ويضاف الى ذلك، انّ المنظومة السياسية الفاسدة بغالبية مكوناتها، التي لم يرف لها جفن رغم كل الويلات والمآسي التي يعانيها اللبنانيون والتي شكّلت كارثة انفجار مرفأ بيروت الذروة فيها، ما تزال تُمعِن في سياسة الاستحواذ على البلد وكل مقوماته، بدليل النزاع التحاصصي الجاري حالياً والذي يعطّل تأليف الحكومة، مشفوعاً بخروج البعض عن أصول تأليف الحكومات والذهاب الى الاستئثار بسلطة القرار في الحكومة العتيدة، و»الخَلط بين الصالح والطالح» من القوى السياسية في التشكيلة الوزارية الجديدة. والطامة الكبرى انّ الحكومة الجديدة، التي ينبغي ان تضطلع فقط بمهمة إخراج البلاد من الانهيار ودفعها الى الاصلاح وآفاق الحلول الآنية والمرحلية والاستراتيجية، يريد لها البعض ان تكون حكومة الانتخابات النيابية والرئاسية وقبلهما الانتخابات البلدية عام 2022، غير آبه بموضوع إنقاذ البلاد من الهوة المالية والاقتصادية السحيقة التي وقعت فيها، والذي يجب ان يكون أولوية الاولويات الحكومية ولدى الجميع. ذلك انّ حكومة من هذا النوع ستفشل في ان تكون «حكومة مهمة»، بحسب تسمية المبادرة الفرنسية، وإنما حكومة إدارة مصالح القوى السياسية الانتخابية وغير الانتخابية في استحقاقات 2022 الدستورية، هذه القوى المستمرة في سياسة تأبيد وجودها في السلطة مهما آلَ او سيؤول اليه مصير البلاد على كل المستويات راهناً ومستقبلاً.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.