الدعم بين الترشيد أو الرفع.. لإطالة أمد الاحتياطي

1 ديسمبر 2020
الدعم بين الترشيد أو الرفع.. لإطالة أمد الاحتياطي

اعتاد اللبنانيون على قرارات مؤسسات الدولة  كافة التشريعية والتنفيذية والمالية والاقتصادية  اقل ما يقال عنها انها عشوائية وغير مدروسة ولا تعالج الازمة الخانقة التي تعصف بالبلاد منذ اكثر من سنة، وبات عليهم ترقب أيام أكثر قساوة. فحاكم مصرف لبنان أعلن أن دعم مواد (طحين-قمح-دواء) لا يمكن ان يستمر الى امد طويل، بالتوازي مع توجه المعنيين وقف دعم السلة الغذائية في وقت قريب. من هنا يأتي اجتماع المجلس المركزي المرتقب للبحث عن سبل ترشيد الدعم او رفعه، خاصة وأن وكالة “فيتش” اعلنت في نهاية العام الماضي ان الاحتياطي لدى مصرف لبنان الذي يمكن استخدامه يتراوح بين 5 و 15 مليار ليتبين انه شارف على الانتهاء.
إن إقدام المركزي على خطوة رفع الدعم سيؤدي إلى الانفجار الكبير فاللبناني لا يزال يرزح تحت وطأة انهيار العملة الوطنية وينصرف الى تأمين المقومات الأساسية للصمود (قمح-دواء-محرقات) التي يمثل فقدانها او ارتفاع كلفتها القشة التي “قصمت ظهر البعير”. فالبنك الدولي في تقرير المرصد الاقتصادي للبنان أعلن اليوم أن الفقر لبنان سيواصل التفاقم على الأرجح، ليصبح أكثر من نصف السكان فقراء بحلول 2021، فيما من المتوقع أن تبلغ نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي 194% في نهاية 2019.  

وبحسب التقارير الأخيرة لم يعد امام المعنيين الا خيار ترشيد الدعم ؛ يقول المتخصص في قانون الشركات والمصارف المحامي حسين يعقوب لـ”لبنان24″، فامكانيات المصرف المركزي لامست حدود الاحتياطي الالزامي في ظل غياب أي مداخيل للدولة وتوقف العجلة الاقتصادية وتراجع النمو الى معدلات كارثية، مع اشارة يعقوب، الى ان خفض الاحتياطي الالزامي يعني التوجه نحو مد اليد الى اموال الناس في ظل غياب اي تلقف من قبل السلطة السياسية والمالية مجتمعة لاقتراحات عملية من شأنها اطالة امد الدعم قدر الامكان من دون التعرض لما بقي من ودائع المواطنين التي لا يفترض ان يتم استخدامها او المس بها إلا في الحالات الطارئة، وانعدام اية خيارات من شانها أن توفر السيولة.

اذا الكارثة وقعت فعلا، يقول يعقوب، فايداعات المصارف في المصرف المركزي لا تقل عن 80 مليار دولار بالعملات الاجنبية، بينها نحو 17 مليار تشكل الاحتياطي الازامي وقد صرفت معظم هذه الاموال ولم يبق تقريبا الا هذا الاحتياطي اي ما بقي من اموال المودعين.

ما تقدم، وفق يعقوب، ينطوي على نسبة عالية من الخطورة، فإذا صرفت تلك الاموال ولم تتمكن الدولة من تحصيل غيرها سواء عن طريق المساعدات او الهبات او التدفقات المالية من الخارج، فالخطر سيكون واقعا وجديا بأن يخسر المودعون ما تبقى لهم من أموال، خاصة وان الدعم الخارجي المتمثل بمساعدات المجتمع الدولي ومؤتمر سيدر ومؤتمر باريس الذي يعقد غدا، سيبقى مشروطا بتاليف حكومة والذهاب نحو تنفيذ ما تعهد به لبنان لجهة محاربة الفساد واصلاح بعض القطاعات ووقف التهريب الذي يشكل بندا من بنود الاصلاحات المطلوبة. وعليه، فقد ثبت، بحسب يعقوب، أنه لا سبيل لضبط هذه العملية بسبب عجز السلطة امام كل العمليات التي تحصل سواء المنظمة منها او الفردية علما أن من يقف خلف التهريب يستهلك ذاته لما يشكله هذا الامر من استنزاف للخزينة خاصة وأن الكل اصبح رهينة لعبة (الفريش دولار) التي رسمت من دون اي قيود على حركة السحب والتحويل ومن دون اي بحث في تقييد حركتي الاستيراد والتصدير فسقف الطموحات اللبنانية لم يعد يتعدى البحث عن الغذاء والدواء واستدامة العمل في بلد غير منتج اصلا، ولا يعتمد الا على تدفقات الاموال والاستيراد مقابل تصدير خجول لبعض السلع ويزداد الامر سوءا عند سطوة الاحتكارات التجارية والمتواطئة مع السلطة وفسادها؛ و لذلك لا يختلف اثنان على ان تهريب المواد المدعومة هو أحد أكثر أوجه مزاريب الفساد لاستيراد المواد الأولية.

لقد أضحى من الواضح أن قلة الانسجام بين المؤسسات الرسمية وغياب التنسيق فيما بينها باتت ظاهرة في جميع المسائل المالية والنقدية التي يجري التعامل معها ولن تنجح الدولة بأساليبها المتبعة في تنفيذ اي خطة بعيدة الأمد للخروج من المشاكل المتراكمة لتبقى المعاناة والكلفة على عاتق المواطن الفقير وذوي الدخل المتوسط، سيدة الموقف خاصة وأن ما جرى تسريبه اليوم من معلومات يشي أن  القوى السياسية أسوة  بمصرف لبنان  ترغب باعتماد خيار رفع الدعم على البنزين والمازوت والمواد الغذائية و اغلب الأدوية خاصة  تلك المتوفرة جينيريك و صناعة وطنية.